مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٩٧
كثيرا. وقال صلى الله عليه وآله لام سعد بن معاذ يوما: (ألا يرقأ (1) دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك اهتز له العرش).
قيل: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله تذرف عيناه، ويمسح وجهه، ولا يسمع صوته (2).
وعن البراء بن عازم قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ بصر بجماعة، فقال: (على ما اجتمع هؤلاء؟) فقيل: على قبر يحفرونه، قال: فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه، قال:
فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا فقال: (إخواني، لمثل هذا فأعدوا) (3).
وعنه صلى الله عليه وآله: (العبرة لا يملكها أحد، صبابة المرء على أخيه) (4).
ولما انصرف النبي صلى الله عليه وآله من أحد راجعا إلى المدينة لقيته حمنة بنت جحش، فنعى لها الناس أخاها عبد الله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن لزوج المرأة منها لمكان) لما رأى صبرها عن أخيها وخالها، وصياحها على زوجها (5).
ثم مر رسول الله صلى الله عليه وآله على دار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عيناه وبكى، ثم قال: (لكن حمزة لا بواكي له) فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير (6) إلى دار بني عبد الأشهل، أمر نساءهم أن يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما سمع

(١) يرقأ الدمع: يجف وينقطع. (لسان العرب ١: ٨٨).
(٢) مسند أحمد ٦: ٤٥٦، المستدرك على الصحيحين ٣: ٢٠٦، الجامع الكبير: ١: ٣٦٠.
(٣) مسند أحمد ٤: ٢٩٤، وروي نحوه في سنن ابن ماجة ٢: ١٤٠٣ / ٤١٩٥.
(٤) الجامع الصغير ٢: ١١٣ / ٥١٣٥، وروي باختلاف يسير في الدر المنثور: ١: ١٥٨.
(٥) السيرة النبوية لابن هشام ٣: ٤٠١.
(٦) في (ح): أسيد بن حصين، وفي (ش): أسيد بن خضير، والصواب ما أثبتناه، وهو أسيد بن حضير، أسلم قبل سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير بالمدينة توفي سنة ٢٠ للهجرة ودفن بالبقيع، راجع (أسد الغابة: ١: ٩٢، تهذيب التهذيب ١: ٣٤٧).
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116