كثيرا. وقال صلى الله عليه وآله لام سعد بن معاذ يوما: (ألا يرقأ (1) دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك اهتز له العرش).
قيل: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله تذرف عيناه، ويمسح وجهه، ولا يسمع صوته (2).
وعن البراء بن عازم قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ بصر بجماعة، فقال: (على ما اجتمع هؤلاء؟) فقيل: على قبر يحفرونه، قال: فبدر رسول الله صلى الله عليه وآله بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه، قال:
فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا فقال: (إخواني، لمثل هذا فأعدوا) (3).
وعنه صلى الله عليه وآله: (العبرة لا يملكها أحد، صبابة المرء على أخيه) (4).
ولما انصرف النبي صلى الله عليه وآله من أحد راجعا إلى المدينة لقيته حمنة بنت جحش، فنعى لها الناس أخاها عبد الله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن لزوج المرأة منها لمكان) لما رأى صبرها عن أخيها وخالها، وصياحها على زوجها (5).
ثم مر رسول الله صلى الله عليه وآله على دار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عيناه وبكى، ثم قال: (لكن حمزة لا بواكي له) فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير (6) إلى دار بني عبد الأشهل، أمر نساءهم أن يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما سمع