مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٩٦
البكاء! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إنما هي رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) (1).
ولما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله أسماء رضي الله عنها، فقال لها: (أخرجي إلي ولد جعفر، فخرجوا إليه، فضمهم إليه وشمهم ودمعت عيناه، فقالت: يا رسول الله، أصيب جعفر؟ قال: نعم، أصيب اليوم) (2).
قال عبد الله بن جعفر: أحفظ حين دخل رسول الله على أمي، فنعى إليها أبي، ونظرت إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان (3) الدموع حتى تقطر لحيته، ثم قال: (اللهم إن جعفرا قد قدم إلى أحسن الثواب، فأخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته) ثم إنه عليه السلام قال: (يا أسماء، ألا أبشرك؟) قالت: بلى بأبي أنت وأمي، فقال: (إن الله عز وجل جعل لجعفر جناحين، يطير بهما في الجنة).
وعن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه لما جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته بكى عليهما جدا، وقال: (كانا يحدثاني ويؤنساني، فجاء الموت فذهب بهما) (4).
وعن خالد بن سلمة قال: لما جاء نعي زيد بن حارثة إلى النبي صلى الله عليه وآله أتى النبي صلى الله عليه وآله منزل زيد، فخرجت إليه بنية لزيد، فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وآله خمشت في وجهها، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال (5): هاه هاه (6)، فقيل: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: (شوق الحبيب إلى حبيبه) (7).
ولما مات سعد بن معاذ رضي الله عنه بكى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله

(١) مسند أحمد ٥: ٢٠٤ و ٢٠٧ باختلاف يسير.
(٢) المغازي للواقدي ٢: ٧٦٦ باختلاف يسير.
(٣) تهراقان: تجريان. (لسان العرب ١٠: ٣٦٧).
(٤) الفقيه ١: ١١٣ / 527 باختلاف يسير.
(5) كذا، ولعل المناسب: حتى قال.
(6) هاه هاه: حكاية صوت البكاء.
(7) مكارم الأخلاق: 22.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116