مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٤
للنية لصحة الاعتكاف إن أراده بعد العود وإن لم يطل الزمن لقطعه الأول بالخروج لغير قضاء الحاجة. وأما العود فلا يلزمه في النفل لجواز الخروج منه. (أو) خرج (لها) أي الحاجة (فلا) يلزمه استئناف النية وإن طال زمن قضاء الحاجة، لأنه لا بد منه، فهو كالمستثنى عند النية. (وقيل إن طالت مدة خروجه) لقضاء الحاجة أو لغيرها (استأنف) النية لتعذر البناء بخلاف ما إذا لم يطل. (وقيل لا يستأنف) النية (مطلقا) لأن النية شملت جميع المدة بالتعيين. أما إذا نذر أياما معينة وشرط فيهما التتابع فحكمه ما ذكره في قوله: (ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع) كقضاء حاجة وحيض وأكل وغير ذلك من الاعذار الآتية، وعاد (لم يجب استئناف النية) عند العود لشمولها جميع المدة، وتجب المبادرة إلى العود عند زوال العذر. فإن أخر ذاكرا عالما مختارا انقطع تتابعه وتعذر البناء. (وقيل إن خرج لغير) قضاء (الحاجة، و) غير (غسل الجنابة) يعني مما له منه بد كالأكل فإنه مع إمكانه في المسجد يجوز الخروج له على الصحيح، لأنه قد يستحي منه ويشق عليه فيه بخلاف الشرب فلا يجوز الخروج له مع إمكانه في الأصح، فإنه لا يستحيا منه في المسجد. (وجب) استئناف النية لخروجه عن العبادة بما عرض له من الاعذار مما له عنه بد.
تنبيه: قد علم مما تقرر أن اقتصاره كالمحرر عن استثناء قضاء الحاجة وغسل الجنابة من محل الخلاف ليس بجيد، فلو عبر بما قدرته كان أولى، واحترز بقوله لا يقطع التتابع عما يقطعه، فإنها تجب قطعا. ثم شرع في الركن الرابع وله شروط ذكرها بقوله: (وشرط المعتكف: الاسلام والعقل والنقاء عن الحيض) والنفاس (والجنابة)، فلا يصح اعتكاف كافر ومجنون ومبرسم وسكران ومغمى عليه ومن لا تمييز له، لعدم صحة نيتهم، ولا حائض ونفساء وجنب لحرمة مكثهم في المسجد، وقضية ذلك أن كل من حرم مكثه في المسجد كذي جراح وقروح واستحاضة ونحوها إذا لم يكن حفظ المسجد منها لا يصح اعتكافه. وهو كذلك، وإن قال الأذرعي هذا موضع نظر. نعم لو اعتكف في مسجد وقف على غيره دونه صح اعتكافه فيه وإن حرم عليه لبثه فيه، كما لو تيمم بتراب مغصوب، وقس على هذا ما يشبهه.
تنبيه: محل عدم صحة اعتكاف المغمى عليه في الابتداء، أما لو طرأ عليه في أثناء اعتكافه فإنه لا يبطل ويحسب زمنه من اعتكافه كما سيأتي في كلامه. ويصح اعتكاف الصبي المميز والرقيق والزوجة، لكن لا يجوز إلا بإذن من السيد للرقيق ومن الزوج للزوجة، لأن منفعة العبد مستحقة لسيده والتمتع مستحق للزوج، وإن حقهما على الفور بخلاف الاعتكاف. نعم إن لم يفوتا عليهما منفعة كأن حضر ل‍ المسجد بإذنهما فنويا الاعتكاف فإنه يجوز، ويكره لذوات الهيئة كما في خروجهن للجماعة، وللزوج إخراج الزوجة، وللسيد إخراج الرقيق من التطوع وإن اعتكفا بإذنهما لما مر، وكذا من النذر إلا إن أذنا فيه وفي الشروع فيه وإن لم يكن زمن الاعتكاف معينا ولا متتابعا أو في أحدهما وزمن الاعتكاف معين، وكذا إن أذنا في الشروع فيه فقط وهو متتابع، وإن لم يكن زمنه معينا فلا يجوز لهما إخراجهما في الجميع لإذنهما في الشروط مباشرة أو بواسطة، لأن الاذن في النذر المعين إذن في الشروع فيه، والمعين لا يجوز تأخيره والمتتابع لا يجوز الخروج منه لما فيه من إبطال العبادة الواجبة بلا عذر، ولو نذر العبد اعتكاف زمن معين بإذن سيده ثم انتقل عنه إلى غيره ببيع أو وصية أو إرث فله الاعتكاف بغير إذن المنتقل إليه لأنه صار مستحقا قبل تمكنه، ومثله الزوجة، لكن إن جهل المشتري فله الخيار في فسخ البيع. ويجوز اعتكاف المكاتب بغير إذن سيده، إذ لا حق للسيد في منفعته فهو كالحر، وإن قال القاضي صوره أصحابنا بما لا يخل بكسبه لقلة زمنه أو لامكان كسبه في المسجد كالخياطة، وأما المبعض فهو كالقن إن لم يكن مهايأة، وإلا فهو في نوبته كالحر، وفي نوبة سيده كالقن. (ولو ارتد المعتكف أو سكر) متعديا (بطل) اعتكافه في زمن ردته وسكره لعدم أهليته، أما غير المتعدي فيشبه كما قال الأذرعي أنه كالمغمى
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532