مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٢
الثانية قوله: (وقيل يشترط مكث نحو يوم) أي قريب منه، لأن ما دون ذلك معتاد في الحاجة التي تعن في المسجد أو في طريقه لقضاء الحاجة فلا يصلح للقربة، وعلى الأصح يصح نذر اعتكاف ساعة، ولو نذر اعتكافا مطلقا كفاه لحظة، لكن المستحب يوم، ويسن كلما دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف. (ويبطل بالجماع) من عالم بتحريمه ذاكر للاعتكاف سواء أجامع في المسجد أم خارجه عند خروجه لقضاء حاجة أو نحوها لمنافاته العبادة البدنية. واعلم أن جماعه في المسجد حرام مطلقا إذا أدى إلى مكث فيه سواء كان معتكفا أم لا كما مرت الإشارة إليه، وسواء أكان اعتكافه فرضا أم نفلا. وأما إذا جامع خارج المسجد وكان معتكفا فإن كان الاعتكاف منذورا حرم، وإن كان تطوعا لم يحرم إذ غايته الخروج من العبادة وهو جائز. قال في المهمات: والحكم بالبطلان إنما هو بالنسبة إلى المستقبل، وأما الماضي فكذلك إن كان منذورا متتابعا فيستأنف، وإن لم يكن متتابعا لم يبطل ما مضى سواء أكان منذورا أم نفلا، ولو شتم إنسانا أو اغتابه أو أكل حراما لم يبطل اعتكافه وبطل ثوابه - قاله في الأنوار - ولو أولج في دبر خنثى بطل اعتكافه أو أولج في قبله، أو أولج الخنثى في رجل أو امرأة أو خنثى ففي بطلان اعتكافه الخلاف المذكور في قوله. (وأظهر الأقوال أن المباشرة بشهوة) فيما دون الفرج (كلمس وقبلة تبطله) أي الاعتكاف (إن أنزل، وإلا فلا) تبطله لما مر في الصوم. والثاني: تبطله مطلقا لعموم قوله تعالى: * (ولا تباشروهن) *. والثالث: لا مطلقا، كالحج. وعلى كل قول في حرام في المسجد إن لزم منها مكث فيه وهو جنب، وكذا خارجه إن كان الاعتكاف واجبا بخلاف ما إذا كان نفلا. واحترز المصنف بالمباشرة عما إذا نظر أو تكفر فأنزل فإنه لا يبطل، وبالشهوة عما إذا قبل بقصد الاكرام ونحوه، أو بلا قصد فلا يبطله إذا أنزل جزما، والاستمناء كالمباشرة. وقد عرف بهذا التفصيل أن مسألة الخنثى مستثناة من بطلان الاعتكاف بالجماع، ولكن يشترط في الخنثى أن ينزل من فرجيه. (ولو جامع ناسيا) للاعتكاف (فكجماع الصائم) ناسيا صومه فلا يضر على المذهب كما سبق في الصيام، ولو جامع جاهلا فكجماع الصائم جاهلا، وقد مر في الصيام أيضا، والمباشرة بشهوة في ذلك كالجماع. (ولا يضر) في الاعتكاف (التطيب والتزين) باغتسال وقص شارب ولبس ثياب حسنة ونحو ذلك من دواعي الجماع، لأنه لم ينقل أنه (ص) تركه ولا أمر بتركه، والأصل بقاؤه على الإباحة. وله أن يتزوج ويزوج بخلاف المحرم، ولا يكره له الصنائع في المسجد كالخياطة والكتابة ما لم يكثر منها، فإن أكثر منها كرهت لحرمته إلا كتابة العلم فلا يكره الاكثار منها، لأنها طاعة كتعليم العلم، ذكره في المجموع. وتكره له الحرفة فيه بخياطة ونحوها كالمعاوضة من نحو بيع وشراء بلا حاجة وإن قلت. وله أن يأكل ويشرب ويغسل يده فيه، والأولى أن يأكل في سفرة أو نحوها، وأن يغسل يده في طست أو نحوها ليكون أنظف للمسجد. ويجوز نضحه بمستعمل لاتفاقهم على جواز الوضوء فيه وإسقاط مائه في أرضه مع أنه مستعمل، ولأنه أنظف من غسالة اليد الخالصة يغسلها فيه، وهذا ما اختاره في المجموع وجزم به ابن المقري، وهو المعتمد خلافا لما جرى عليه البغوي من الحرمة.
ويجوز الاحتجام والفصد فيه في إناء مع الكراهة كما جزم بها في المجموع إذا أمن تلويث المسجد، وكالحجامة والفصد ما في معناهما كما بحثه شيخنا كفتح دمل وسائر الدماء الخارجة من الآدمي للحاجة، أما ما ليس في معناهما فإنه يحرم، فقد نقل المصنف في مجموعه تحريم إدخال النجاسة المسجد لما فيه من شغل هوائه بها مع زيادة القبح، ومحله إذا لم تكن حاجة بدليل جواز إدخال النعل المتنجسة فيه إذا أمن التلويث، فإن لوث الخارج بما ذكر المسجد أو بال أو تغوط فيه ولو في إناء حرم، والفرق بين ما تقدم وبين البول والغائط أن الدماء أخف منهما لما مر أنه يعفى عنها في محلها وإن كثرت إذا لم تكن بفعله، ولأنهما أقبح منها، ولهذا لا يمنع من نحو الفصد متوجها للقبلة بخلافهما. وإن اشتغل المعتكف بالقرآن والعلم فزيادة خير لأنه طاعة في طاعة، ويسن له الصوم للاتباع وللخروج من خلاف من أوجبه كما سيأتي.
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532