مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥١
في البلد جامعان فمر على أحدهما وذهب إلى الآخر فإن كان الذي ذهب إليه يصلي فيه أولا لم يضره، أو في وقت واحد بطل اعتكافه كما قاله القفال في فتاويه. أما إذا لم يشرط التتابع فإنه لا يشترط الجامع، بل يصح في سائر المساجد لمساواتها له في تحريم المكث جنبا وسائر الأحكام. ويستثنى من كون الجامع أولى ما إذا كان قد عين غير الجامع، فالمعين أولى إذا لم يحتج إلى الخروج إلى الجمعة. (والجديد أنه لا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو المعتزل المهيأ للصلاة) لأنه ليس بمسجد بدليل جواز تغييره ومكث الجنب فيه، ولان نساء النبي (ص) رضي عنهن كن يعتكفن في المسجد، ولو كفى بيوتهن لكانت لهن أولى. والقديم يصح لأنه مكان صلاتها كما أن المسجد مكان صلاة الرجل. وأجاب الأول:
بأن الصلاة لا تختص بموضع بخلاف الاعتكاف، والخنثى كالرجل، وعلى القول بصحة اعتكافها في بيتها يكون المسجد لها أفضل خروجا من الخلاف. (ولو عين) الناذر (المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين) فلا يقوم غيره مقامه لتعلق النسك به وزيادة فضله لكثرة تضاعف الصلاة فيه، قال (ص): صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي. واختلفوا في المراد بالمسجد الحرام الذي يتعين في النذر ويتعلق به زيادة الفضيلة، قيل: الكعبة والمسجد الذي يطاف فيه حولها، وبهذا جزم المصنف في المجموع في باب استقبال القبلة. وقيل: إنه الكعبة وما في الحجر من البيت، وهو اختيار صاحب البيان. وقيل:
جميع بقاع الحرم، وهو الذي نقله في البيان عن شيخه الشريف العثماني، والقلب إلى هذا أميل. وسكت المصنف عما لو عين الكعبة أو البيت الحرام، وقال في البيان: إنه يتعين البيت وما أضيف إليه من الحجر، قال في المهمات: وهو المتجه، لكن هذا إنما يأتي كما قاله بعض المتأخرين على قول من يرى أن التضعيف مختص بذلك، وصاحب البيان يقول به. وأما من لا يرى التضعيف مختصا بذلك فلا ينبغي أن يقول بتعيين ذلك. وقد صرح الامام بالمسألة فقال عن شيخه: إنه لو نذر صلاة في الكعبة وصلى في أطراف المسجد خرج عن نذره، ونقله الرافعي عنه في باب النذر. (وكذا مسجد المدينة، و) مسجد (الأقصى) إذا عينهما الناذر في نذره تعينا (في الأظهر) ولا يجزئ دونهما، لأنهما مسجدان تشد إليهما الرحال فأشبها المسجد الحرام. والثاني: لا، لأنهما لا يتعلق بهما نسك فأشبها بقية المساجد. وأشعر كلامه أنه لو عين مسجدا غير الثلاثة لم يتعين وهو كذلك في الأصح، لكن ما عينه أولى من غيره كما مر، ويشعر أيضا تعبيره بالاعتكاف أن نذر الصلاة في المساجد الثلاثة لم يتعين وليس مرادا، بل هي أولى بالتعيين، وقد نص عليها الشافعي والأصحاب. (ويقوم المسجد الحرام مقامهما) لمزيد فضله عليهما وتعلق النسك به (ولا عكس) أي لا يقومان مقام المسجد الحرام لأنهما دونه في الفضل. (ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى) لأنه أفضل منه، فإنه صح أن الصلاة فيه بألف صلاة كما مر، وفي الأقصى بخمسمائة كما رواه ابن عبد البر، وقال البزار: إسناده حسن. وروي أيضا أن الصلاة فيه بألف، وعلى هذا هما متساويان. (ولا عكس) لما سبق، وسكت المصنف عن تعيين زمن الاعتكاف، والصحيح فيه التعيين أيضا، فلو قدمه لم يصح، وإن أخره كان قضاء، ويأثم إن تعمد، وأجزاء المسجد كلها متساوية في أداء المنذور، ومقتضى كلام الجمهور أنه لا يتعين جزء منه بالتعيين وإن كان أفضل من بقية الأجزاء. ثم شرع في الركن الثاني فقال: (والأصح أنه يشترط في الاعتكاف لبث قدر يسمى عكوفا) أي إقامة بحيث يكون زمنها فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه، فلا يكفي قدرها، ولا يجب السكون بل يكفي التردد فيه. وقوله: والأصح يرجع إلى جملتين: إحداهما أصل اللبث، والثانية قدره، ومقابل الأصح في الأول قوله: (وقيل يكفي مرور بلا لبث) كالوقوف بعرفة، ومقابله في
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532