مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٨
وخرج بالعين الأثر: كالريح بالشم، وحرارة الماء وبرودته بالذوق، وبالجوف عما لو داوى جرحه الذي على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء إلى داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر لأنه ليس بجوف. فإن قيل: يرد على المصنف ما لو دميت لثته فبصق حتى صار ريقه صافيا ثم ابتلعه فإنه يفطر في الأصح مع أنه لم يصل إلى جوفه غير ريقه.
أجيب بأن الريق لما تنجس حرم ابتلاعه وصار بمنزلة العين الأجنبية. (وقيل يشترط مع هذا أن يكون فيه) أي الجوف، (قوة تحيل الغذاء) وهو بكسر الغين والذال المعجمتين يطلق على المأكول والمشروط، (أو الدواء) بالمد وأحد الأدوية لأن ما لا تحيله لا تتغذى به النفس ولا ينتفع به البدن فأشبه الواصل إلى غير الجوف. (فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء) أي المصارين جمع معي بوزن رضا، (والمثانة) بالمثلثة، وهي مجمع البول، (مفطر بالاستعاط) راجع للدماغ، (أو الاكل) راجع للبطن، (أو الحقنة) راجع للأمعاء والمثانة أيضا، فإن البول يعالج بها كما يعالج بها الغائط، ففي كلامه لف ونشر مرتب كما تقرر. وقوله: (أو الوصول من جائفة) يرجع للبطن (أو مأمومة) يرجع للرأس (ونحوهما) لأنه جوف محيل.
تنبيه: كان الأولى التعبير بالاحتقان لأن الحقنة هي الأدوية التي يحتقن بها المريض، والفعل هو الاحتقان كما قاله الجوهري. وقضية قوله كالمحرر والروضة: باطن الدماغ أن وصول عين إلى خريطة الدماغ المسماة أم الرأس دون باطنها المسمى باطن الدماغ أنه لا يفطر، وليس مرادا، بل الصحيح أنه يفطر حتى لو كان برأسه مأمومة فوضع عليها دواء فوصل خريطة الدماغ أفطر وإن لم يصل باطن الخريطة كما حكاه الرافعي عن الامام وأقره، وكذلك الأمعاء لا يشترط باطنها بل لو كان على بطنه جائفة فوضع عليها دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم يصل باطن الأمعاء كما جزم به في الروضة. (والتقطير في باطن الاذن) وإن لم يصل إلى الدماغ (و) باطن (الإحليل) وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي، وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحشفة أو الحلمة. (مفطر في الأصح) بناء على الوجه الأول، وهو اعتبار كل ما يسمى جوفا، والثاني:
لا بناء على مقابله إذ ليس فيه قوة الإحالة. وألحق بالجوف على الأول الحلق. قال الامام: ومجاوزة الحلقوم، وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء فإنه لو أدخل طرف أصبعه دبره بطل صومه، وكذا حكم فرج المرأة، ولو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصل السكين جوفه أو أدخل في إحليله أو أذنه عودا أو نحوه فوصل إلى الباطن بطل صومه.
فرع: لو ابتلع بالليل طرف خيط فأصبح صائما، فإن ابتلع باقيه أو نزعه أفطر، وإن تركه بطلت صلاته.
وطريقه في صحة صومه وصلاته أن ينزع منه وهو غافل، فإن لم يكن غافلا وتمكن من دفع النازع أفطر، لأن النزع موافق لغرض النفس فهو منسوب إليه عند تمكنه من الدفع، وبهذا فارق من طعنه بغير إذنه وتمكن من دفعه.
قال الزركشي: وقد لا يطلع عليه عارف بهذا الطريق ويريد هو الخلاص فطريقه أن يجبره الحاكم على نزعه ولا يفطر لأنه كالمكره، بل لو قيل إنه لا يفطر بالنزع باختياره لم يبعد تنزيلا لايجاب الشرع منزلة الاكراه، كما إذا حلف ليطؤها في هذه الليلة فوجدها حائضا لا يحنث بترك الوطئ اه‍. هذا القياس ممنوع لأن الحيض لا مندوحة له إلى الخلاص منه، بخلاف ما ذكر. (وشرط الواصل كونه من منفذ) بفتح الفاء كما ضبطه المصنف، كالمدخل والمخرج. (مفتوح فلا يضر وصول الدهن) إلى الجوف (بتسرب المسام) وهي ثقب البدن كما قاله الجوهري، وهي جمع سم بتثليث السين، والفتح أفصح، كما لو طلى رأسه أو بطنه به. كما لا يضر اغتساله بالماء البارد وإن وجد له أثر بباطنه بجامع أن الواصل إليه ليس من منفذ. (ولا) يضر (الاكتحال وإن وجد طعمه) أي الكحل (بحلقه) لأن الواصل إليه من المسام.
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532