مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٤
في النية بعد الفراغ منها ولم يتذكر حيث تلزمه الإعادة التضييق في نية الصلاة، بدليل أنه لو نوى الخروج منها بطلت في الحال، ولا كذلك الصوم. ولو نوى قبل الغروب أو مع طلوع الفجر لم يجزه لظاهر الخبر السابق. (والصحيح أنه لا يشترط) في التبييت (النصف الآخر من الليل) بل يكفي ولو من أوله، لاطلاق التبييت في الحديث من الليل، ولما فيه من المشقة. والثاني:
يشترط لقربه من العبادة لأن الأصل وجوب اقتران النية بأول العبادة، وهو طلوع الفجر، فلما سقط ذلك للمشقة أوجبنا النصف الأخير كما في أذان الصبح وغسل العيد والدفع من مزدلفة. (و) الصحيح (أنه لا يضر الاكل والجماع) وغيرهما من منافي الصوم (بعدها) أي النية وقبل الفجر، وهذا هو المنصوص وبه قطع الجمهور. والثاني: أنه يبطل النية فيحتاج إلى تجديدها. نعم إن رفض النية قبل الفجر ضر لأنه ضدها، نقله في المجموع عن المتولي وأقره، وكذا لو ارتد بعدما نوى ليلا ثم أسلم قبل الفجر. (و) الصحيح (أنه لا يجب التجديد) لها (إذا نام) بعدها (ثم تنبه) ليلا، لأن النوم ليس منافيا للصوم.
والثاني: يجب تقريبا للنية من العبادة بقدر الوسع. أما إذا استمر النوم إلى الفجر فإنه لا يضر بلا خلاف. (ويصح النفل بنية قبل الزوال) لأنه (ص) قال لعائشة يوما: هل عندكم من غداء؟ قالت: لا، قال: فإني إذن أصوم. قالت:
وقال لي يوما آخر: أعندكم شئ؟ قلت: نعم، قال: إذن أفطر وإن كنت فرضت الصوم رواه الدارقطني وصحح إسناده.
واختص بما قبل الزوال للخبر، إذ الغداء بفتح الغين اسم لما يؤكل قبل الزوال، والعشاء اسم لما يؤكل بعده، ولأنه مضبوط بين ولادراك معظم النهار به كما في ركعة المسبوق، وهذا جرى على الغالب ممن يريد صوم النفل، وإلا فلو نوى قبل الزوال وقد مضى معظم النهار صح صومه. (وكذا) يصح بنية (بعده في قول) قياسا على ما قبله تسوية بين آخر النهار كما في النية ليلا. (والصحيح) المنصوص (اشتراط حصول شرط الصوم) في النية قبل الزوال أو بعده (من أول النهار) بأن لا يسبقها مناف للصوم ككفر وجماع وأكل وجنون وحيض ونفاس، وإلا لم يحصل مقصود الصوم، وهو خلو النفس عن الموانع في اليوم بكماله. والثاني: لا يشترط ما ذكر. ومحل الخلاف إذا قلنا إنه صائم من وقت النية، أما إذا قلنا إنه صائم من أول النهار وهو الأصح حتى يثاب على جميعه، إذ صوم اليوم لا يتبعض كما في الركعة بإدراك الركوع، فلا بد من اجتماع شرائط الصوم من أول النهار جزما. ولو سبق ماء مضمضة، أي أو استنشاق بلا مبالغة إلى جوفه قبل النية لم يؤثر في الأصح سواء أقلنا يفطر بذلك أم لا، قاله في زيادة الروضة، قال في المجموع: وهذه مسألة نفيسة مهمة. (ويجب) في النية (التعيين في الفرض) بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا من رمضان، أو عن نذر، أو عن كفارة، لأنه عبادة مضافة إلى وقت فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس. ولا فرق في الكفارة بين أن يعين سببها أم لا، لكن لو عين وأخطأ لم يجزه، فإن جهل سبب ما عليه من الصوم من كونه قضاء عن رمضان أو نذرا أو كفارة كفاه نية الصوم الواجب للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس لا يعرف عينها فإنه يصلي الخمس ويجزئه عما عليه، ويعذر في عدم جزمه بالنية للضرورة، ذكره في المجموع. فإن قيل: قياس الصلاة أن يصوم ثلاثة أيام ينوي يوما عن القضاء ويوما عن النذر ويوما عن الكفارة. أجيب بأن الذمة هنا لم تشتغل بالثلاث. والأصل بعد الاتيان بصوم يوم بنية الصوم الواجب براءة ذمته مما زاد، بخلاف من نسي صلاة من الخمس فإن ذمته اشتغلت بجميعها، والأصل بقاء كل منها، فإن فرض أن ذمته اشتغلت بصوم الثلاث وأتى باثنين منها ونسي الثالث التزم فيه ذلك. فإن قيل: هلا اكتفوا فيمن نسي صلاة بثلاث صلوات فقط: الصبح والمغرب وإحدى رباعية ينوي فيها الصلاة الواجبة كنظيرها هنا؟
أجيب بأنهم توسعوا هنا ما لم يتوسعوا ثم، بدليل عدم اشتراط المقارنة في نية الصوم وعدم الخروج منه بنية تركه بخلافهما في الصلاة، واحترز بالفرض عن النفل فإنه يصح بنية مطلقة. فإن قيل: قال في المجموع: هكذا أطلقه
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532