مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
سفره كما في المجموع لا من التوبة. ولو نوى الكافر والصبي سفر قصر ثم أسلم أو بلغ في الطريق قصر في بقيته كما في زوائد الروضة، وإن كان في فتاوى البغوي أن الصبي يقصر دون من أسلم. ورابع الشروط: عدم اقتدائه بمن جهل سفره أو بمتم كما قال: (ولو اقتدى بمتم) مسافر أو مقيم أو بمصل صلاة جمعة أو صبح أو نافلة ولو (لحظة) أي في جزء من صلاته كأن أدركه في آخر صلاته أو أحدث هو عقب اقتدائه به، (لزمه الاتمام) لخبر الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس: سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة. فإن قيل: تعبيره بمتم يخرج الظهر خلف مقيم يصلي الجمعة أو خلف من يصلي الصبح مع أنه يلزمه الاتمام كما مر، ولا يقال له متم. أجيب بأنه لا مانع من أن يقال له متم، فإنه قد أتى بصلاة تامة، ويؤيد ذلك تعبير الحاوي الصغير بقوله: ولو اقتدى بمتم ولو في صبح وجمعة، فذكر مع لفظ الاتمام الصبح والجمعة اللتين لا قصر فيهما، وبهذا يندفع ما أورده الأسنوي وغيره من أنه إذا اقتدى بالمقيم في نافلة كمصلي عيد وراتبة فإنه يتم كما اقتضاه كلامهم. وتعبير الأسنوي بالمقيم في نافلة مثال، إذ المقتدي بمسافر في نافلة كذلك وله قصر المعادة إن صلاها أولا مقصورة وصلاها ثانيا خلف من يصلي مقصورة أو صلاها إماما، قلت ذلك تفقها ولم أر من تعرض له وهو ظاهر.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن الإمام لو لزمه الاتمام بعد إخراج المأموم نفسه أنه يجب على المأموم الاتمام، وليس مرادا، قال الأسنوي: فلو قدم لحظة على متم لكان أولى، وتنعقد صلاة القاصر خلف المتم وتلغو نية القصر بخلاف المقيم إذا نوى القصر فإن صلاته لا تنعقد لأنه ليس من أهل القصر والمسافر من أهله فأشبه ما لو شرع في الصلاة بنية القصر ثم نوى الاتمام أو صار مقيما. (ولو رعف الإمام المسافر) أي سال من أنفه دم أو أحدث (واستخلف متما) من المقتدين أو غيرهم (أتم المقتدون) به إن نووا الاقتداء به، وكذا إن لم ينووا، وقلنا بالراجح أن نية الاقتداء بالخليفة لا تجب لأنهم بمجرد الاستخلاف صاروا مقتدين به حكما بدليل لحوقهم سهوه، نعم لو نووا فراقه حين أحسوا برعافه أو حدثه قبل تمام الاستخلاف قصر.
فائدة: رعف مثلث العين كما قاله ابن مالك والأفصح فتح عينه، والضم ضعيف والكسر أضعف منه. حكى في مشكل الوسيط أن هذه الكلمة كانت سبب لزوم سيبويه الخليل في الطلب للعربية، وذلك أنه سأل يوما حماد بن سلمة فقال له: أحدثك هشام بن عروة عن أبيه عن رجل رعف في الصلاة وضم العين؟ فقال له: أخطأت، إنما هو رعف بفتحها.
فانصرف إلى الخليل ولزمه. وسيبويه لقب فارسي معناه بالعربية: رائحة التفاح، وذكرت في شرحي على القطر سبب لقبه بذلك. (وكذا لو أعاد الإمام واقتدى به) يلزمه الاتمام لاقتدائه بمتم في جزء من صلاته. وقيل: يلزمه الاتمام وإن لم يقتد به، لأن الخليفة فرع له، ولا يجوز أن تكون صلاة الأصل أنقص من صلاة الفرع. واحترز بقوله: واستخلف متما عما لو استخلف قاصرا أو استخلفوه أو لم يستخلفوا أحدا فإنهم يقصرون. ولو استخلف المتمون متما والقاصرون قاصرا فلكل حكمه. (ولو لزم الاتمام مقتديا ففسدت صلاته أو صلاة إمامه أو بأن إمامه محدثا) أو ما في حكمه (أتم) لأنها صلاة وجب عليه إتمامها، وما ذكر لا يدفعه، ولو بان للإمام حدث نفسه لم يلزمه الاتمام. قال الأذرعي: والضابط - أي في ذلك - أن كل موضع يصح شروعه فيه ثم يعرض الفساد يلزمه الاتمام، وحيث لا يصح الشروع لا يكون ملتزما للاتمام بذلك اه‍. ولو أحرم منفردا ولم ينو القصر ثم فسدت صلاته لزمه الاتمام كما في المجموع. ولو فقد الطهورين فشرع فيها بنية الاتمام ثم قدر على الطهارة، قال المتولي وغيره: قصر، لأن ما فعله ليس بحقيقة صلاة. قال الأذرعي: ولعل ما قالوه بناء على أنها ليست بصلاة شرعية بل تشبهها والمذهب خلافه اه‍. وهذا هو الظاهر، وكذا يقال فيمن صلى بتيمم ممن تلزمه الإعادة بنية الاتمام ثم أعادها. (ولو اقتدى بمن ظنه مسافرا) فنوى القصر الذي هو الظاهر من حال المسافر بأن ينويه
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532