مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٤
إن المراد بالأداء في الروضة الأداء الحقيقي بأن يؤتى بجميع الصلاة قبل خروج وقتها، بخلاف الاتيان بركعة منها في الوقت والباقي بعده. فتسميته أداء بتبعية ما بعد الوقت لما فيه كما تقدم في كتاب الصلاة، ولا ينافي ذلك قول المجموع صارت قضاء خلافا لبعض المتأخرين كما قاله شيخي، لأنه لم يوقع ركعة في الوقت لأن هذا مجرد نية فلا يؤثر. (وإلا) أي وإن أخر من غير نية الجمع أو بنيته في زمن لا يسعها، (فيعصي وتكون قضاء) لخلو الوقت عن الفعل أو العزم.
وقول الغزالي: لو نسي النية حتى خرج الوقت لم يعص. وكان جامعا لأنه معذور، ظاهر في قوله لم يعص، وليس بظاهر في قوله وكان جامعا لفقد النية. الشرط الرابع من شروط التقديم: دوام سفره إلى عقد الثانية كما يؤخذ من قوله: (ولو جمع تقديما) بأن صلى الأولى في وقتها ناويا الجمع، (فصار بين الصلاتين) أو في الأولى كما فهم بالأولى، وصرح به في المحرر، (مقيما) بنية الإقامة أو بانتهاء السفينة إلى المقصد، (بطل الجمع) لزوال سببه، فيتعين تأخير الثانية إلى وقتها، أما الأولى فلا تتأثر بذلك.
تنبيه: تعبيره بقوله جمع فيه تساهل، وعبر في المحرر بقوله: ولو كان يجمع، ولو شك في صيرورته مقيما فحكمه حكم تيقن الإقامة، فلو عبر بقوله فزال السبب لدخلت هذه الصورة. (وفي الثانية وبعدها) لو صار مقيما (لا يبطل في الأصح) لانعقادها أو تمامها قبل زوال العذر، والثاني: يبطل قياسا في الأولى على القصر. وفرق الأول بأن القصر ينافي الإقامة بخلاف الجمع، وفي الثانية على تعجيل الزكاة إذا خرج الآخذ قبل الحول عن الشرط المعتبر، وفرق الأول بأن الرخصة هنا قد تمت، فأشبه ما لو قصر ثم طرأت الإقامة لا يلزمه الاتمام، بخلاف الزكاة فإن آخذها قد تبين أنه غير مستحق لها. الأمر الثاني من أمري التأخير: دوام سفره إلى تمامهما كما يؤخذ من قوله: (أو) جمع (تأخيرا فأقام بعد فراغهما لم يؤثر) ذلك بالاتفاق لتمام الرخصة في وقت الثانية، (وقبله) أي فراغهما، (يجعل الأولى قضاء) لأنها تابعة للثانية في الأداء للعذر وقد زال قبل تمامها. وفي المجموع: إذا أقام في أثناء الثانية فينبغي أن تكون الأولى أداء بلا خلاف. قال شيخنا: وما بحثه مخالف لاطلاقهم، قال السبكي وتبعه الأسنوي: وتعليلهم منطبق على تقديم الأولى فلو عكس وأقام في أثناء الظهر فقد وجد العذر في جميع المتبوعة وأول التابعة، وقياس ما مر في جمع التقديم أنها أداء على الأصح أي كما أفهمه تعليلهم. وأجرى الطاوسي الكلام على إطلاقه، فقال: وإنما اكتفى في جمع التقديم بدوام السفر إلى عقد الثانية، ولم يكتف به في جمع التأخير بل شرط دوامه إلى تمامهما لأن وقت الظهر ليس وقت العصر إلا في السفر، وقد وجد عند عقد الثانية فيحصل الجمع. وأما وقت العصر فيجوز فيه الظهر بعذر السفر وغيره، فلا ينصرف فيه الظهر إلى السفر إلا إذا وجد السفر فيهما، وإلا جاز أن ينصرف إليه لوقوع بعضها فيه وأن ينصرف إلى غيره لوقوع بعضها في غيره الذي هو الأصل اه‍. وكلام الطاووسي هو المعتمد. ثم شرع في الجمع بالمطر فقال: (ويجوز الجمع) ولو لمقيم كما يجمع بالسفر ولو جمعة مع العصر خلافا للروياني في منعه ذلك، (بالمطر) ولو كان ضعيفا بحيث يبل الثوب ونحوه كثلج وبرد ذائبين وشفان كما سيأتي. (تقديما) لما في الصحيحين عن ابن عباس: صلى رسول الله (ص) بالمدينة الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، زاد مسلم: من غير خوف ولا سفر، قال الشافعي كمالك: أرى ذلك بعذر المطر. قال في المجموع: وهذا التأويل مردود برواية مسلم: من غير خوف ولا مطر، قال: وأجاب البيهقي بأن الأولى رواية الجمهور فهي أولى. قال - يعني البيهقي -: وقد روينا عن ابن عباس وابن عمر الجمع بالمطر، وهو يؤيد التأويل. وأجاب غيره بأن المراد ولا مطر كثير أو لا مطر مستدام، فلعله انقطع في أثناء الثانية.
(والجديد منعه تأخيرا) لأن استدامة المطر ليست إلى الجامع، فقد ينقطع فيؤدي إلى إخراجها عن وقتها من غير عذر
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532