مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
بخلاف السفر والقديم جوازه، ونص عليه في الاملاء أيضا قياسا على السفر. (وشرط التقديم) بعد شروطه السابقة في جمعه بالسفر (وجوده) أي المطر (أولهما) أي الصلاتين لتحقق الجمع مع العذر، (والأصح اشتراطه عند سلام الأولى) ليتصل بأول الثانية، ويؤخذ منه اعتبار امتداده بينهما وهو ظاهر ولا يضر انقطاعه فيما عدا ذلك. والثاني: لا يشترط وجوده عند سلام الأولى كما في الركوع والسجود. (والثلج والبرد كمطر إن ذابا) لبلهما الثوب والشفان، وهو بفتح الشين المعجمة لا بضمها كما وقع في بعض نسخ الروضة ولا بكسرها كما وقع للقمولي، وبتشديد الفاء: برد ريح فيه بلل كالمطر. (والأظهر) وفي الروضة الأصح، (تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة) بمصلى (بمسجد) أو غيره (بعيد) عن باب داره عرفا، بحيث (يتأذى بالمطر في طريقه) إليه نظرا إلى المشقة وعدمها، بخلاف من يصلي ببيته منفردا أو جماعة أو يمشي إلى المصلى في كن أو كان المصلى قريبا فلا يجمع لانتفاء التأذي. وأما جمعه (ص) بالمطر مع أن بيوت أزواجه كانت بجنب المسجد فأجابوا عنه بأن بيوتهن كانت مختلفة وأكثرها كان بعيدا، فلعله حين جمع لم يكن بالقريب، وبان للامام أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر كما صرح به ابن أبي هريرة وغيره وبخلاف من يصلي منفردا بمصلى لانتفاء الجماعة فيه. قال المحب الطبري: ولمن اتفق له وجود المطر وهو بالمسجد، أي أو نحوه، أن يجمع وإلا لاحتاج إلى صلاة العصر، أي أو العشاء في جماعة، وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده أو في إقامته. وكلام غيره يقتضيه، والثاني: يترخص مطلقا.
تنبيه: يجمع العصر مع الجمعة في المطر كما مر وإن لم يكن موجودا حال الخطبة لأنها ليست من الصلاة، وقد علم مما مر أنه لا جمع بغير السفر والمطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل، وهو المشهور لأنه لم ينقل، ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح. وحكى في المجموع عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات، وقال: وهو قوي جدا في المرض والوحل. واختاره في الروضة، لكن فرضه في المرض، وجرى عليه ابن المقري. قال في المهمات: وقد ظفرت بنقله عن الشافعي اه‍. وهذا هو اللائق بمحاسن الشريعة، وقد قال تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * وعلى ذلك يستحب أن يراعي الأرفق بنفسه، فمن يحم في وقت الثانية يقدمها بشرائط جمع التقديم، أو في وقت الأولى يؤخرها بالامرين المتقدمين، وعلى المشهور قال في المجموع: وإنما لم يلحقوا الوحل بالمطر كما في عذر الجمعة والجماعة لأن تاركهما يأتي ببدلهما، والجامع يترك الوقت بلا بدل، ولان العذر فيهما ليس مخصوصا، بل كل ما يلحق به مشقة شديدة والوحل منه، وعذر الجمع مضبوط بما جاءت به السنة ولم تجئ بالوحل.
تتمة: إذا جمع الظهر والعصر قدم سنة الظهر التي قبلها، وله تأخيرها سواء أجمع تقديما أم تأخيرا وتوسيطها إن جمع تأخيرا سواء أقدم الظهر أم العصر، وإذا جمع المغرب والعشاء أخر سنتهما، وله توسيط سنة المغرب إن جمع تأخيرا وقدم المغرب وتوسيط سنة العشاء إن جمع تأخيرا وقدم العشاء، وما سوى ذلك ممنوع، وعلى ما مر من أن للمغرب والعشاء سنة مقدمة، فلا يخفى الحكم مما تقرر في جمعي الظهر والعصر.
خاتمة: قد جمع في الروضة ما يختص بالسفر الطويل وما لا يختص، فقال: الرخص المتعلقة بالسفر الطويل أربع:
القصر، والفطر، والمسح على الخف ثلاثة أيام، والجمع على الأظهر. والذي يجوز في القصير أيضا أربع: ترك الجمعة، وأكل الميتة وليس مختصا بالسفر، والتنفل على الراحلة على المشهور، والتيمم وإسقاط الفرض به على الصحيح فيهما، ولا يختص هذا بالسفر أيضا كما مر في باب التيمم، نبه عليه الرافعي. وزيد على ذلك صور: منها ما لو سافر المودع ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا الأمين فله أخذها معه على الصحيح. ومنها ما لو استصحب معه ضرة زوجته بقرعة فلا قضاء عليه، ولا يختص بالطويل على الصحيح، ووقع في المهمات تصحيح عكسه. قال الزركشي: وهو سهو.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532