مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٦٣
القصير أو المشكوك في طوله في الامن بلا خلاف ولا في الخوف على الأصح، ولا فرق في ذلك بين الصبح وغيرها. وأما خبر مسلم: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة فأجيب عنه بأنه يصلي في الخوف ركعة مع الإمام وينفرد بأخرى. (المباح) أي الجائز لا مستوي الطرفين، سواء أكان واجبا كسفر حج، أو مندوبا كزيارة قبر النبي (ص)، أو مباحا كسفر تجارة، أو مكروها كسفر منفرد، فلا قصر في سفر المعصية كما سيأتي. ولو خرج لجهة معينة تبعا لشخص لا يعلم سبب سفره، أو لتنفيذ كتاب لا يعلم ما فيه، فالمتجه كما قال الأسنوي إلحاقه بالمباح، والاتمام جائز كما يعلم مما سيأتي، فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة قالت: يا رسول الله قصرت - بفتح التاء - وأتممت - بضمها - وأفطرت - بفتحها - وصمت - بضمها - قال: أحسنت يا عائشة وأما خبر: فرضت الصلاة ركعتين أي في السفر كما مر فمعناه لمن المراد الاقتصار عليهما جمعا بين الأدلة. وما ضبطت به الحديث قاله بعض مشايخنا، وقال بعضهم: يجوز عكس الضبط المذكور إذ ليس في الحديث ما يدل على الأول. ثم بين محترز قوله مؤداة فقال: (لا فائتة الحضر) أي لا تقصر إذا قضيت في السفر لأنها ثبتت في ذمته تامة، وكذا لا تقصر في السفر فائتة مشكوك في أنها فائتة سفر أو حضر احتياطا، ولان الأصل الاتمام. (ولو قضى فائتة السفر) الطويل المباح (فالأظهر قصره في السفر) الذي كذلك وإن كان غير سفر الفائتة، (دون الحضر) نظرا إلى وجود السبب. والثاني: يقصر فيهما لأنه إنما يلزمه في القضاء ما كان يلزمه في الأداء. والثالث: يتم فيهما لأنها صلاة ردت إلى ركعتين، فإذا فاتت أتى بالأربع كالجمعة. والرابع: إن قضاها في ذلك السفر قصر وإلا فلا. وقد علم مما تقرر أن المراد من نفي الحصر للقصر في المقضية ما ذكر فيها من التفصيل على الراجح فيضم منه إلى المؤداة مقضية فائتة السفر فيه، ولو سافر في أثناء الوقت ولو بعد مضي ما يسع تلك الصلاة قصر على النص، فإن بقي ما يسع ركعة إلى أقل من أربع ركعات قصر أيضا إن قلنا إنها أداء وهو الأصح وإلا فلا.
تنبيه: سيأتي في الجمع أنه لو نوى التأخير وبقي من الوقت ما لا يسع الصلاة بكمالها - كما يؤخذ من كلام المجموع وحمل الشارح عبارة الروضة عليه - أن الصلاة تصير قضاء ولا جمع، وفرق بأن النية ضعيفة بخلاف ما لو أوقع ركعة في الوقت فإنها تكون أداء، فيؤخذ من ذلك أن صورة هذه المسألة أنه أوقع ركعة في السفر وإلا فتكون مقضية حضر فلا تقصر.
وهذا ظاهر لمن تأمله وإن لم يذكره أحد فيما علمت، وقد عرضت ذلك على شيخنا الشيخ ناصر الدين الطبلاوي فقبله واستحسنه. (ومن سافر من بلدة) لها سور (فأول سفره مجاوزة سورها) المختص بها وإن تعدد كما قاله الإمام وغيره أو كان داخله مزارع وخراب، لأن ما في داخل السور معدود من نفس البلد محسوب من موضع الإقامة، وإن كان لها بعض سور وهو صوب سفره اشترط مجاوزته. (فإن كان وراءه عمارة) كدور ملاصقة له عرفا، (اشترط مجاوزتها) أيضا (في الأصح) لأنها من مواضع الإقامة المعدودة من توابع البلد فيثبت لها حكمه. (قلت: الأصح لا يشترط) مجاوزتها (والله أعلم) لأن ذلك لا يعد من البلد، ألا ترى أنه يقال سكن فلان خارج البلد؟ ويؤيده قول الشيخ أبي حامد: لا يجوز لمن في البلد أن يدفع زكاته لمن هو خارج السور لأنه نقل للزكاة. وإطلاق الشيخين في الصوم اشتراط مفارقة العمران حيث قالا: وإذا نوى ليلا ثم سافر فله الفطر إن فارق العمران قبل الفجر وإلا فلا يحمل على ما إذا سافر من بلد لا سور لها ليوافق ما هنا، وهذا هو المعتمد، وقيل: يبقى على إطلاقه. ويفرق بأنه ثم لم يأت للعبادة ببدل بخلافه هنا. والسور وهو بالواو لا بالهمزة الخندق كما قاله الجيلي. قال الأذرعي: وهل للسور المنهدم حكم العامر؟ فيه نظر اه‍. والأقرب كما قال شيخنا أن له حكمه خلافا للدميري في قوله: إنه كالعدم. (فإن لم يكن) لها (سور) مطلقا أو في صوب سفره أو لها سور غير مختص بها كأن جمع معها قرية أو أكثر ولو مع التقارب، (فأوله) أي سفره (مجاوزة العمران) وإن تخلله نهر أو بستان أو خراب حتى لا يبقى بيت متصل ولا منفصل ليفارق محل الإقامة، (لا) مجاوزة (الخراب) الذي هجر بالتحويط على العامر
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532