مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٨٦
من الادراك ولطخ العورة بنحو حبر كحناء. أجيب بأن مراده ما قدرته، إذ الكلام في الساتر وما ذكر لا يسمى ساترا بل غير الظلمة يسمى مغيرا. (ولو) هو (طين) أو حشيش أو ورق (وماء كدر) أو نحو ذلك كماء صاف متراكم بخضرة لمنع ما ذكر الادراك. وصورة الصلاة في الماء أن يصلي على جنازة أو يمكنه السجود فيه. قال في المجموع عن الدارمي:
ولو قدر على أن يصلي فيه ويسجد على الشط لم يلزمه، أي لما فيه من الحرج. (والأصح وجوب التطين على فاقد الثوب) ونحوه ولو لمن هو خارج الصلاة خلافا لبعض المتأخرين لقدرته على الستر، والثاني: لا للمشقة والتلويث. (ويجب ستر أعلاه) أي الساتر، (وجوانبه) للعورة (لا أسفله) لها، ولو كان المصلي امرأة، فستر مصدر مضاف إلى فاعله لتذكير الضمير في قوله أعلاه وجوانبه وأسفله، ولو كان مضافا إلى مفعوله لأنثها فقال: ويجب ستر أعلاها إلخ. (فلو رؤيت عورته) أي المصلي ذكرا كان أو أنثى أو خنثى، سواء أكان الرائي لها هو كما في فتاوى المصنف الغير المشهورة أم غيره، (من جيبه) أي طوق قميصه لسعته، (في ركوع أو غيره لم يكف) الستر بهذا القميص (فليزره) بإسكان اللام وكسرها وضم الراء على الأحسن، ويجوز فتحها وكسرها. (أو يشد) بفتح الدال في الأحسن، ويجوز الضم والكسر، (وسطه) بفتح السين على الأصح ويجوز إسكانها، حتى لا ترى عورته منه، ولو ستر بلحيته أو بشعر رأسه كفى لحصول المقصود بذلك، فإن لم يفعل شيئا من ذلك انعقدت صلاته ثم تبطل عند وجود المفسد، وفائدته في الاقتداء به وفيما إذا ألقي عليه شئ بعد إحرامه، وقيل: لا تنعقد بالكلية. والجيب هو المنفذ الذي يدخل فيه الرأس كما مرت الإشارة إليه. ولو رؤيت عورته من ذيله كأن كان في علو والرائي في سفل لم يضر ذلك. ومعنى رؤيت عورته كانت بحيث ترى، وليس المراد رؤيت الفعل، ولو وقف مثلا في خابية أو حفرة ضيقي الرأس يستران الواقف فيهما جاز لحصول المقصود بذلك، وشرط الساتر أن يشمل المستور لبسا ونحوه فلا تكفي الخيمة الضيقة ونحوها. (وله ستر بعضها) أي عورته من غير السوأة أو منها بلا مس ناقض، (بيده في الأصح) لحصول المقصود، والثاني:
لا لأن بعضه لا يعد ساترا له. أما بيد غيره فيكفي قطعا وإن فعل محرما كما قاله في الكفاية كما لو ستر بقطعة حرير، وكذا لو جمع الثوب المخرق وأمسكه بيده. وإذا وجد المصلي سترة نجسة ولا ماء يغسلها به، أو وجد الماء ولم يجد من يغسلها وهو عاجز عن غسلها، أو وجده ولم يرض إلا بأجرة ولم يجدها، أو وجدها ولم يرض إلا بأكثر من أجرة المثل، أو حبس على نجاسة واحتاج إلى فرش السترة عليها صلى عاريا وأتم الأركان كما مر، ولو أدى غسل السترة إلى خروج الوقت غسلها وصلى خارجه ولا يصلي في الوقت عاريا كما نقل القاضي أبو الطيب الاتفاق عليه. ولو وجد المصلي بعض السترة لزمه أن يستتر به بلا خلاف. فإن قيل: من وجد ماء لا يكفيه لطهارته جرى فيه خلاف والأصح وجوب استعماله. أجيب بأن المقصود من الطهارة رفع الحدث وهو لا يتجزأ، والمقصود ههنا الستر وهو يتجزأ. (فإن وجد كافي سوأتيه) أي قبله ودبره، (تعين لهما) للاتفاق على أنهما عورة ولأنهما أفحش من غيرهما، وسميا سوأتين لأن كشفهما يسوء صاحبهما، قال تعالى: * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) * أي ظهرت لهما، وكان لا يريانها من أنفسهما أو لا يرى أحدهما من الآخر كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت منه (ص) ولا رأى مني. (أو) كان (أحدهما فقبله) يستره وجوبا سواء أكان ذكرا أم غيره، لأنه بارز إلى القبلة والدبر مستور غالبا بالأليين، وبدل القبلة كالقبلة كما لو صلى صوب مقصده. ويستر الخنثى قبلية، فإن كفى لأحدهما تخير، والأولى كما قال الأسنوي: ستر آلة الرجل إن كان هناك امرأة وآلة النساء إن كان هناك رجل. (وقيل) يستر (دبره) وجوبا لأنه أفحش في الركوع والسجود. (وقيل يتخير) بينهما لتعارض المعنيين، وسواء في ذلك الرجل وغيره. وقيل: تستر المرأة القبل والرجل الدبر، ومنهم من حكى بدل الوجوب الاستحباب.
والقبل والدبر بضم أولهما وثانيهما، ويجوز في ثانيهما الاسكان.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532