مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٨
بالامارة، فإنه كان لا يؤذن للصبح حتى يقال له أصبحت أصبحت كما رواه البخاري. ويؤخذ من ذلك ما جرت به العادة من أن المؤذنين لا يعرفون الوقت ولكن ينصب لهم مؤقت يخبرهم بالوقت أن ذلك يكفي كما قاله بعض المتأخرين. ولو أذن جاهلا بدخول الوقت فصادفه اعتد به بناء على عدم اشتراط النية، وبهذا فارق التيمم والصلاة، ويؤخذ من ذلك أن الخطبة كالاذان بناء على ما ذكر. (ويكره) الاذان (للمحدث) حدثا أصغر لخبر: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال: على طهارة رواه أبو داود وغيره، وقال في المجموع إنه صحيح، ولأنه يدعو إلى الصلاة فليكن بصفة من يمكنه فعلها، وإلا فهو واعظ غير متعظ. وقضيته أنه يسن له التطهر من الخبث أيضا. (و) الكراهة (للجنب أشد) منها للمحدث لأن الجنابة أغلظ. (والإقامة) من كل منهما (أغلظ) أي أشد كراهة من الاذان لقربها من الصلاة. وقضية كلامه كأصله أن كراهة إقامة المحدث أغلظ من كراهة أذان الجنب، والمتجه كما قال الأسنوي تساويهما. وتقدم أن الحيض والنفاس أغلظ من الجنابة، فتكون الكراهة معهما أغلظ من الكراهة مع الجنابة. فإن قيل: يرد على ذلك المتيمم ومن به نحو سلس بول وفاقد الطهورين فإن الصلاة مطلوبة منهم، ولا يقال إنه يكره لهم الاذان أو الإقامة. أجيب بأن المراد بالمحدث أو الجنب من لا تباح له الصلاة. ويجزئ أذان وإقامة مكشوف العورة والجنب وإن كان في مسجد لأن المراد حصول الاعلام وقد حصل، والتحريم لمعنى آخر وهو حرمة المسجد وكشف العورة. ولو حصل له حدث ولو أكبر في أثناء ذلك استحب إتمامه، ولا يستحب قطعه ليتوضأ لئلا يوهم التلاعب، فإن تطهر ولم يطل زمنه بنى والاستئناف أولى. (ويسن) للاذان مؤذن حر لأنه أكمل من غيره. (صيت) أي عالي الصوت، لقوله (ص) في خبر عبد الله بن زيد: ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا أي أبعد، ولزيادة الابلاغ. (حسن الصوت) ليرق قلب السامع ويميل إلى الإجابة، ولان الداعي ينبغي أن يكون حلو المقال. وروى الدارمي وابن خزيمة: أن النبي (ص) أمر عشرين رجلا فأذنوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعلمه الاذان. (عدل) ليقبل خبره عن الأوقات، ويؤمن نظره إلى العورات. ويكره أذان فاسق وصبي وأعمى ليس معه بصير يعرف الوقت، لأنه ربما غلط في الوقت، ولأنه يفوت على الناس فضيلة أول الوقت، ولذلك استحب كونه عالما بالمواقيت.
فروع: يكره تمطيط الاذان: أي تمديده والتغني به أي التطريب. ويسن أن يكون المؤذن من ولد مؤذني رسول الله (ص) كبلال وابن أم مكتوم وأبي محذورة وسعد القرظي، فإن لم يكن فمن أولاد مؤذني أصحابه، فإن لم يكن أحد منهم فمن أولاد الصحابة، ذكره في المجموع. ويكره الركوب فيه للمقيم لما فيه من ترك القيام المأمور به بخلاف المسافر لا يكره إذ أنه راكبا للحاجة إلى الركوب في السفر، فإن أذن ماشيا أجزأه إن لم يبعد عن مكان ابتدائه بحيث لا يسمع آخره من يسمع أوله وإلا لم يجزه، ويندب أن يتحول من مكان الاذان للإقامة ولا يقيم وهو يمشي. ويسن أن يفصل المؤذن والإمام بين الأذان والإقامة بقدر اجتماع الناس في مكان الصلاة وبقدر أداء السنة التي قبل الفريضة، ويفصل بينهما في المغرب بنحو سكتة لطيفة كقعود لطيف لضيق وقتها ولاجتماع الناس لها قبل وقتها عادة، وعلى ما صححه المصنف من أن للمغرب سنة قبلها يفصلها بقدر أدائها أيضا. (والإمامة أفضل منه) أي الاذان (في الأصح) لمواظبته (ص) وخلفائه رضي الله تعالى عنهم عليها، ولان القيام بالشئ أولى من الدعاء إليه. واختار هذا السبكي مع قوله إن السلامة في تركها، ونقل في الاحياء عن بعض السلف أنه قال: ليس بعد الأنبياء أفضل من العلماء ولا بعد العلماء أفضل من الأئمة المصلين لأنهم قاموا بين الله وبين خلقه: هؤلاء بالنبوة، وهؤلاء بالعلم، وهؤلاء بعماد الدين. (قلت: الأصح أنه) أي الاذان (أفضل منها والله أعلم) لقوله تعالى: * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) * قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: هم المؤذنون، ولخبر: إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله رواه الحاكم وصحح إسناده، ولدعائه (ص) له بالمغفرة، وللإمام بالارشاد، والمغفرة أعلى من الارشاد كما قاله الرافعي. وقال الماوردي: دعا
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532