مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٦
تسع عشرة كلمة. (والإقامة فرادى إلا لفظ الإقامة)، والأصل في ذلك حديث أنس: أمر بلال بأن يشفع الاذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة متفق عليه. واستثناء لفظ الإقامة من زيادته، واعتذر في الدقائق عن عدم استثنائه التكبير فإنه يثني في أولها وآخرها بأنه على نصف لفظه في الاذان فكأنه فرد اه‍. وهذا ظاهر في التكبير أولها، وأما في آخرها فهو مساو للاذان، فالأولى أن يقال: ومعظمها فرادى. والحكمة في تثنية لفظ الإقامة كونها المصرحة بالمقصود، وكلمات الإقامة مشهورة وعدتها إحدى عشر كلمة. (ويسن إدراجها) أي الاسراع بها مع بيان حروفها، فيجمع بين كل كلمتين منها بصوت والكلمة الأخيرة بصوت. (وترتيله) أي الاذان أي التأني فيه، فيجمع بين كل تكبيرتين بصوت ويفرد باقي كلماته للامر بذلك كما أخرجه الحاكم، لأن الاذان للغائبين فكان الترتيل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين فكان الادراج فيه أنسب.
قال الهروي: عوام الناس يقولون أكبر بضم الراء إذا وصل، وكان المبرد يفتح الراء من أكبر الأولى ويسكن الثانية. قال المبرد:
لأن الاذان سمع موقوفا فكان الأصل إسكانها، لكن لما وقعت قبل فتحة همزة الله الثانية فتحت كقوله تعالى: * (ألم الله) * وجرى على كلام المبرد ابن المقري. والأول كما قال شيخنا هو القياس. وما علل به المبرد ممنوع، إذ الوقف ليس على أكبر الأول وليس هو مثل ميم ألم كما لا يخفى. (والترجيح فيه) أي الاذان، لثبوته في خبر مسلم عن أبي محذورة: وهو أن يأتي بالشهادتين سرا قبل أن يأتي بهما جهرا، فهو اسم للأول كما صرح به المصنف في مجموعه ودقائقه وتحريره وتحقيقه وإن قال في شرح مسلم إنه للثاني، وظاهر كلام ابن المقري كأصله أنه اسم لمجموعهما. والمراد بالاسرار بهما أن يسمع من بقربه أو أهل المسجد، أي أو نحوه إن كان واقفا عليهم والمسجد متوسط الخطة، كما صححه ابن الرفعة ونقله عن النص وغيره، وهذا تفسير مراد وإلا فحقيقة الاسرار هو أن يسمع نفسه لأنه ضد الجهر، ولذلك قال بعضهم: إنه يحتمل أن يكون كإسرار القراءة في الصلاة السرية، وربما يقال إنه يتعين أن يكون الترجيح هو السر لأنه سنة ولو تركه صح الاذان بخلاف ما إذا قلنا إنه الثاني أو هما. فإن قيل: إن السر هنا هو بحيث يسمع من بقربه فيكفي. أجيب بأن إسماع من بقربه لا يكفي إلا إذا كان هو المصلي فالكلام أعم من ذلك، وحكمته تدبر كلمتي الاخلاص لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الاسلام، ويذكر خفاءهما في أول الاسلام ثم ظهورهما وفي ذلك نعمة ظاهرة. وسمي بذلك لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه، أو إلى الشهادتين بعد ذكرهما. (و) يسن (التثويب) ويقال التثوب بالمثلثة فيهما. (في) أذان (الصبح) وهو قوله بعد الحيعلتين: الصلاة خير من النوم مرتين لوروده في خبر أبي داود وغيره بإسناد جيد كما في المجموع.
وخص بالصبح لما يعرض للنائم من التكاسل بسبب النوم. وإطلاقه شامل لاذان الفائتة إذا قلنا به، وبه صرح ابن عجيل اليمني نظرا لاصله، وشامل لأذاني الصبح، وهو ما صححه في التحقيق، وهو المعتمد وإن قال البغوي إنه إذا ثوب في الأول لا يثوب في الثاني على الأصح، وأقره في الروضة تبعا لأصلها. ويكره أن يثوب لغير أذان الصبح، لقوله (ص):
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وسمي ذلك تثويبا من ثاب إذا رجع، لأن المؤذن دعا إلى الصلاة بالحيعلتين، ثم دعا إليها بقوله: الصلاة خير من النوم، أي اليقظة للصلاة خير من الراحة التي تحصل من النوم. ويسن أن يقول في الليلة المطيرة أو المظلمة ذات الريح بعد الاذان: ألا صلوا في رحالكم. فلو جعله بعد الحيعلتين أو عوضا عنهما جاز، ففي البخاري الامر بذلك. (و) يسن (أن يؤذن) ويقيم (قائما) لخبر الصحيحين: قم يا بلال فناد بالصلاة ولأنه أبلغ في الاعلام. وأن يكون متوجها (للقبلة) فيهما، لأنها أشرف الجهات، ولأنه منقول سلفا وخلفا، فلو ترك الاستقبال أو القيام مع القدرة عليه كره وأجزأه، لأن ذلك لا يخل بالاذان، والاضطجاع فيما ذكر أشد كراهة من القعود. ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة. ولا يصدره من غير انتقال عن محله ولو بمنارة محافظة على الاستقبال يمينا مرة في قوله حي على الصلاة مرتين وشمالا مرة في قوله حي على الفلاح مرتين حتى يتمهما في الالتفاتين، روى الشيخان: أن أبا جحيفة قال: رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532