كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٤٦٠
لا يقتضى التخيير بين مطلق الافراد حتى المحرمة منها ولكن السؤال في أنه أي دليل يدل على أن الانسان إذا قام إلى الصلاة ابتغاء لوجه الله ثم رأى أن الامر لم يعين له مكانا خاصا ولا اقتضى امره اتيانها في مكان مخصوص فاختار المكان المخصوص ليراه الناس وليوجب حبهم إياه فصلوته هذه باطلة وداخلة تحت الرياء المحرم فانظر اخبار الباب بعين التأمل والانصاف بعد ما نذكر لك جملة منها.
فنقول مستعينا بالله من الأخبار الدالة على بطلان عمل المرائي ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام يجاء بالعبد يوم القيمة قد صلى فقال يا رب قد صليت ابتغاء وجهك فيقال له بل صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان اذهبوا به إلى النار انظر هل يصح ان يقال لعبد قام إلى الصلاة لأمر الشارع فقط ابتغاء وجهه ثم من جهة ان مقصود الشارع في ايجاد أصل هذه الطبيعة ولا دخل ابدا لمكان خاص في غرضه اختار مكانا مخصوصا ليرى بعض الناس هذا العمل الذي يكون امتثالا للامر الواقعي في جواب قوله يا رب قد صليت ابتغاء وجهك بل صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان أليس لذلك العبد المفروض ان يقول يا عالم السر والخفيات أنت اعلم باني ما صليت الا ابتغاء وجهك وانما أظهرت للناس صلاتي التي أمرتني بها واتيت بها امتثالا لأمرك لبعض الاغراض الذي ما منعتني عن الوصول إليه.
ومنها رواية محمد بن يعقوب باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما يصنع أحدكم ان يظهر حسنا ويسر سيئا أليس يرجع إلى نفسه فيعلم ان ذلك ليس كذلك والله عز وجل يقول بل الانسان على نفسه بصيرة وهل يستفاد منها الا النهى عن اظهار فعل الحسن من دون ان يكون حسنا في الباطن فأين هذا من اظهار ما يكون حسنا واقعا ويكون ظاهر المظهر وسريرته على حد سواء ومنها رواية داود عن أبي عبد الله عليه السلام من أظهر للناس ما يحب الله عز وجل وبارز الله بما كرهه لقي الله وهو ماقت له ولا اشكال في أن من أظهر للناس ما يحب الله تعالى وبارز الله بما يحبه ليس مشمولا للرواية.
ومنها رواية زرارة وحمران عن أبي جعفر عليه السلام قال لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الآخرة وادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا والظاهر أن أمثال هذه
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست