مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٤٣
بالأولى من مسألة الشك، وهذا هو المعتمد وإن كان مشكلا. ومنه ما لو شك في النهار هل نوى ليلا أم لا ثم جامع في حال الشك ثم تذكر أنه نوى فإنه يبطل صومه ولا كفارة عليه، لأنها تسقط بالشبهة وإن قال الغزي فيه نظر. ومنه ما إذا نوى صوم يوم الشك عن قضاء أو نذر ثم أفسده نهارا بجماع ثم تبين بعد الافساد بالبينة أنه من رمضان، فإنه يصدق أن يقال أفسد صوم يوم من رمضان بجماع أتم به لأجل الصوم، ومع ذلك لا تجب عليه الكفارة، لأنه لم ينوه عن رمضان، فلو أبدل من رمضان بعن لخرجت هذه الصورة لأنه من رمضان لا عن رمضان، ولكن يحتاج أن يزيد أداء لئلا يرد عليه القضاء فإنه عن رمضان وليس من رمضان. ومن الثاني ما لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فإن الأصح في المجموع أن الصوم لم ينعقد فالجماع لم يفسد صوما، ومع ذلك تجب الكفارة فإن جماعه وإن لم يفسد الصوم فهو في معنى ما يفسده.
فكأنه انعقد ثم فسد، على أن السبكي اختار أنه انعقد ثم فسد، وعلى هذا لا إيراد. وخرج بالمكلف الصبي فلا يلزم بجماعه كفارة على الأصح. ثم شرع في محترز بقية القيود السابقة بقوله: (فلا كفارة على ناس) أو مكره أو جاهل التحريم، فهو محترز قوله بإفساد، لأن صومه لم يفسد بذلك كما مر. ومن نسي النية وأمر بالامساك فجامع لا كفارة عليه قطعا. (ولا) على (مفسد غير رمضان) من نفل أو نذر أو قضاء أو كفارة، وهذا محترز قوله رمضان لأن النص ورد فيه، وهو أفضل الشهور، ومخصوص بفضائل لم يشاركه فيها غيره، فلا يصح قياس غيره عليه. (أو) مفسد رمضان (بغير الجماع) كالأكل والشرب والاستمناء باليد والمباشرة فيما دون الفرج المفضية إلى الانزال. وهذا محترز قوله بجماع لأن النص ورد في الجماع وما عداه ليس في معناه. (ولا) على صائم (مسافر) أو مريض (جامع بنية الترخيص) وهذا محترز قوله أثم به لأنه لم يأثم لوجود القصد مع الإباحة. (وكذا بغيرها) وإن قلنا يأثم به (في الأصح) لأن الافطار مباح له فيصير شبهة في درء الكفارة. والثاني: نلزمه، لأن الرخصة لا تباح بدون قصدها، ألا ترى أن المسافر إذا أخر الظهر إلى العصر إن كان بنية الجمع جمع وإلا فلا؟ وجوابه أن الفطر يحصل بلا نية بدليل غروب الشمس، ولا كذلك تأخير الصلاة. وهذه الصور قد ترد على الضابط لأنه جماع أثم به كما صرح به في التتمة ونقله المحب الطبري في شرح التنبيه عن الأصحاب. (ولا على من ظن) وقت الجماع (الليل) أي بقاءه أو شك فيه أو ظن باجتهاده دخوله.
(فبان) جماعه (نهارا) لانتفاء الاثم. (ولا) على (من جامع) عامدا (بعد الاكل ناسيا وظن أنه أفطر به) أي الاكل، لأنه يعتقد أنه غير صائم. وقوله ناسيا متعلق بالاكل. (وإن كان الأصح بطلان صومه) بهذا الجماع، كما لو جامع على ظن بقاء الليل فبان خلافه. والثاني: لا يبطل، كما لو سلم من ركعتين من رباعية ناسيا وتكلم عامدا فإن صلاته لا تبطل.
وأجاب الأول بأن الصلاة إنما لم تبطل لنص الشارع في الصلاة بعدم البطلان في قصة ذي اليدين، واغتفر ذلك في الصلاة مع أنها أضيق من الصوم لتكررها وكثرة حصول ذلك فيها بخلاف الصوم. أما إذا علم أنه لم يفطر بالاكل ثم جامع فإنه يفطر وتجب عليه الكفارة جزما. (ولا) على (من زنى ناسيا) للصوم لأنه لم يأثم بسبب الصوم، وهذا ذكره الغزالي فتبعه في المحرر، ولا حاجة إليه لأنه داخل في قوله السابق ولا كفارة على ناس. (ولا) على (مسافر أفطر بالزنا مترخصا) بالفطر لأن الفطر جائز له، وإثمه بسبب الزنا لا بالصوم.
تنبيه: قيد في الروضة الجماع بالتام تبعا للغزالي احترازا من المرأة فإنها تفطر به بدخول شئ من الذكر فرجها ولو دون الحشفة. وزيفوه بخروج تلك بالجماع، إذ الفساد فيه بغيره وبأنه يتصور فساد صومها بالجماع بأن يولج فيها نائمة أو ناسية أو مكرهة ثم تستيقظ أو تتذكر وتقدر على الدفع وتستديم، ففساده فيها بالجماع لأن استدامة الجماع جماع مع أنه لا كفارة عليها لأنه لم يؤمر بها في الخبر إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان، ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532