مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٤١
للمرضع، وظاهر كما قال شيخنا أن محل ما ذكر في المستأجرة والمتطوعة إذا لم يوجد مرضعة مفطرة أو صائمة لا يضرها الارضاع. (والأصح أنه يلحق بالمرضع) في إيجاب الفدية في الأظهر مع القضاء، (من أفطر لانقاذ) آدمي معصوم أو حيوان محترم، (مشرف على هلاك) بغرق أو غيره بجامع الافطار، فيجب عليه الفطر إذا لم يمكنه تخليصه إلا بفطره إبقاء لمهجته، فهو فطر ارتفق به شخصان، وهو حصول الفطر للمفطر والخلاص لغيره، فلو أفطر لتخلص مال لا فدية عليه كما صرح به القفال لأنه لم يرتفق به إلا شخص واحد، ولا يجب الفطر لأجله بل هو جائز. بخلاف الحيوان المحترم فإنه يرتفق بالفطر شخصان. وهذا هو ظاهر مفهوم تقييد القفال بالمال، وإن قال بعض المتأخرين: في البهيمة نظر، لأنهم نزلوا الحيوان المحترم في وجوب الدفع عنه منزلة الآدمي المعصوم، بل قضية كلام المصنف كأصله التسوية بين النفس والمال لولا ما قدرته، ولا يجوز الفطر للحيوان الغير المحترم. والثاني: لا يلحق بها، لأن إيجاب الفدية مع القضاء بعيد عن القياس.
وإنما قلنا به في الحامل والمرضع لورود الاخبار به فبقي ما عداه على الأصل. (لا المتعدي بفطر رمضان بغير جماع) فإنه لا يلحق بالحامل والمرضع في لزوم الفدية مع القضاء في الأصح بل يلزمه القضاء فقط، لأنه لم يرد في الفدية توقيف والأصل عدمه. والثاني: يلحق بهما في اللزوم من باب أولى لتعديه. وفرق الأول بأن فطر المرضع ونحوها ارتفق به شخصان، فجاز أن يجب به أمران، كالجماع لما حصل مقصوده للرجل والمرأة تعلق به القضاء والكفارة العظمى، وبأن الفدية غير معتبرة بالاثم وإنما هي حكمة استأثر الله تعالى بها، ألا ترى أن الردة في شهر رمضان أفحش من الوطئ مع أنه لا كفارة فيها؟ وبما ذكر يندفع ما استشكل به من أنه لو ترك بعضا من أبعاض الصلاة عمدا أنه يسجد له للسهو، فقد قالوا هناك:
إنه أولى بالجبر من السهو. (ومن أخر قضاء رمضان) أو شيئا منه (مع إمكانه) بأن لم يكن به عذر من سفر أو غيره (حتى دخل رمضان آخر، لزمه مع القضاء لكل يوم مد) لأن ستة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوا بذلك ولا مخالف لهم، قاله الماوردي. ويأثم بهذا التأخير كما في المجموع، وفيه أنه يلزمه المد بدخول رمضان، فإن لم يمكنه القضاء لاستمرار عذره: كأن استمر مسافرا أو مريضا، أو المرأة حاملا أو مرضعا حتى دخل رمضان، فلا فدية عليه بهذا التأخير لأن تأخير الأداء بهذا العذر جائز فتأخير القضاء أولى. وقضية إطلاقه أنه لا فرق عند التأخير بعذر بين أن يكون الفوات بعذر أم لا، وبه صرح المتولي في التتمة، وسليم الرازي في المجرد، لكن نقل الشيخان في صوم التطوع عن البغوي من غير مخالفة: أن ما فات بغير عذر يحرم تأخيره بعذر السفر. وقضيته لزوم الفدية وهو الظاهر. قال الأذرعي: وينبغي أن يستثنى من الكتاب ما إذا نسي القضاء أو جهله حتى دخل رمضان آخر فإنه لا فدية عليه كما أفهمه كلامهم اه‍، والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الاثم لا الفدية.
فائدة: وجوب الفدية هنا للتأخير، وفدية الشيخ الهرم ونحوه لأصل الصوم، وفدية المرضع والحامل لتفويت فضيلة الوقت. (والأصح تكرره) أي المد إذا لم يخرجه، (بتكرر السنين) لأن الحقوق المالية لا تتداخل. والثاني:
لا يتكرر كالحدود. ومحل الخلاف إذا لم يكن أخرج الفدية، فإن أخرجها ثم لم يقض حتى دخل رمضان آخر وجبت ثانيا بلا خلاف. وهكذا حكم العام الثالث والرابع فصاعدا كما ذكره البغوي وغيره وقال الأسنوي إنه واضح لأن الحدود بعد إقامتها تقتضي التكرار عند الفعل ثانيا بلا خلاف مع أنها أخف مما نحن فيه بدليل أنه يكفي العدد منها حد واحد بلا خلاف. (و) الأصح (أنه لو أخر القضاء) أي قضاء رمضان (مع إمكانه) وقلنا بالجديد السابق حتى دخل رمضان آخر. (فمات، أخرج من تركته لكل يوم مدان: مد للفوات) للصوم (ومد للتأخير) للقضاء،
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532