مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
يأتي في الجديد) وإن لم يعلم حاله لأنه بصدد أن يتحمل القراءة عن المأموم المسبوق، فإذا لم يحسنها لم يصلح للتحمل، والقديم: يصح اقتداؤه به في السرية دون الجهرية بناء على أن المأموم لا يقرأ في الجهرية بل يتحمل الإمام عنه فيها، وهو القديم.
وذهب المزني إلى صحة الاقتداء به سرية كانت أو جهرية، ومحل الخلاف فيمن لو يطاوعه لسانه أو طاوعه ولم يمض زمن يمكن فيه التعلم وإلا فلا يصح الاقتداء به قطعا.
تنبيه: قوله: في الجديد يعود إلى اقتداء القارئ بالامي لا إلى ما قبله، والامي نسبة إلى الام كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها. وأصله لغة لمن لا يكتب، استعمله الفقهاء مجازا في قولهم: (وهو من يخل بحرف) ظاهر بأن عجز عن إخراجه من مخرجه، (أو تشديدة من الفاتحة) لرخاوة لسانه، وهذا تفسير الأمي. ونبه بذلك على أن من لم يحسنها بطريق الأولى. ولو أحسن أصل التشديد وتعذرت عليه المبالغة صح الاقتداء به مع الكراهة كما في الكفاية عن القاضي، ومن يحسن سبع آيات من غير الفاتحة مع من لم يحسن إلا الذكر كالقارئ مع الأمي قاله في المجموع. وكذا اقتداء حافظ النصف الأول بحافظ النصف الثاني وعكسه، لأن كلا منهما يحسن شيئا لا يحسنه الآخر. (ومنه) أي الأمي (أرت) وهو بمثناة مشددة: من (يدغم) بإبدال كما قاله الأسنوي، (في غير موضعه) أي الادغام كقارئ المستقيم بتاء أو سين مشددة. أما الادغام بلا إبدال كتشديد اللام أو الكاف من مالك فإنه لا يضر. (و) منه (ألثغ) وهو بمثلثة: من (يبدل حرفا بحرف) كأن يأتي بالمثلثة موضع السين أو بالغين موضع الراء، فيقول المثتقيم وغيغ المغضوب.
والادغام في غير موضعه المبطل يستلزم الابدال كما سبق إلا أنه إبدال خاص، فكل أرت ألثغ ولا عكس. فلو كانت لثغته يسيرة بأن يأتي بالحرف غير صاف لم يؤثر. (وتصح) قدوة أمي (بمثله) إن اتفقا عجزا كحافظ النصف الأول من الفاتحة بحافظه وكأرت بأرت وألثغ بألثغ في كلمة لاستوائهما نقصانا كالمرأتين. ولا يشكل بمنع فاقد الطهورين ونحوه بمثله لوجوب القضاء ثم بخلاف هنا. والعبرة بالاتفاق والاختلاف بالحرف المعجوز عنه، فلو أبدل أحدهما بالسين ثاء والآخر زايا كانا متفقين. بخلاف ما إذا اختلفا في كلمتين فلا تصح قدوة أحدهما بالآخر ولا أرت بألثغ وعكسه لأن كلا منهما في ذلك يحسن ما لا يحسنه الآخر، ولو عجز إمامه في أثناء الصلاة عن القراءة لخرس فارقه بخلاف عجزه عن القيام لصحة اقتداء القائم بالقاعد، بخلاف اقتداء القارئ بالأخرس قاله البغوي في فتاويه، ولو لم يعلم بحدوث الخرس حتى فرغ من الصلاة أعاد لأن حدوث الخرس نادر بخلاف حدوث الحدث. وتصح الصلاة خلف المجهول قراءته أو إسلامه لأن الأصل الاسلام، والظاهر من حال المسلم المصلي أنه يحسن القراءة، فإن أسر هذا في جهرية أعادها المأموم لأن الظاهر أنه لو كان قارئا لجهر ويلزمه البحث عن حاله كما نقله الإمام عن أئمتنا، لأن إسرار القراءة في الجهرية يخيل أنه لو كان يحسنها لجهر بها، فإن قال بعد سلامه من الجهرية: نسيت الجهر أو تعمدت لجوازه - أي وجهل المأموم وجوب الإعادة كما قاله السبكي - لم تلزمه الإعادة بل تستحب، كمن جهل من إمامه الذي له حالتا جنون وإفاقة وإسلام وردة وقت جنونه أوردته فإنه لا تلزمه الإعادة بل تستحب. أما في السرية فلا إعادة عليه عملا بالظاهر ولا يلزمه البحث عن حاله كما لا يلزمه البحث عن طهارة الإمام، نقله ابن الرفعة عن الأصحاب. (وتكره) القدوة (بالتمتام) وهو من يكرر التاء، وفي الصحاح وغيره أنه الثأثاء وهو القياس. (والفأفاء) وهو بهمزتين ومد في آخره من يكرر الفاء، قال في البيان: وكذا من يكرر الواو، قال في المهمات: وكذا في تكرير سائر الحروف للتطويل ونفرة الطبع عند سماع ذلك، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: الاختيار في الإمام أن يكون فصيح اللسان حسن البيان مرتلا للقرآن، ولا فرق بين أن يكون ذلك في الفاتحة أو غيرها، إذ لا فاء فيها، وجاز الاقتداء بهم مع زيادتهم لعذرهم فيها. (و) كذا (اللاحن) بما لا يغير المعنى كضم هاء لله تكره القدوة به لأن مدلول اللفظ باق وإن كان تعاطيه مع التعمد حراما، وضم صاد الصراط وهمزة اهدنا ونحوه كاللحن الذي لا يغير المعنى وإن لم تسمه النحاة لحنا. (فإن) لحن لحنا (غير معنى كأنعمت بضم أو كسر) أو
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532