مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
الجنازة إذا صلت طائفة سقط الحرج عن الباقين، فإذا صلت طائفة أخرى وقعت فرضا أيضا، وهكذا فروض الكفاية كلها. وقيل: الفرض أكملها، وإنما يكون فرضه الأولى إذا أغنت عن القضاء وإلا ففرضه الثانية المغنية عنه على المذهب.
(والأصح) على الجديد (أنه ينوي بالثانية الفرض) ليحصل له ثواب الجماعة في فرض وقته حتى يكون كمن صلاها أولا في جماعة، واستشكله الإمام بأنه كيف ينوي الفرضية مع القطع بأن الثانية ليست فرضا. قال: بل الوجه أنه ينوي الظهر أو العصر ولا يتعرض للفرضية ويكون ظهره نفلا كظهر الصبي. وأجاب عنه السبكي بأن المراد أنه ينوي إعادة الصلاة المفروضة حتى لا تكون نفلا مبتدأ لإعادتها فرضا. وقال الرازي: ينوي ما هو فرض على المكلف لا الفرض عليه كما في صلاة الصبي. ورجح في الروضة ما اختاره الإمام. وجمع شيخي بين ما في الكتاب وما في الروضة بأن ما في الكتاب إنما هو لأجل محل الخلاف، وهو هل فرضه الأولى أو الثانية أو يحتسب الله ما شاء منهما؟ وما في الروضة على القول الصحيح، وهو أن فرضه الأولى والثانية نفل فلا يشترط فيها نية الفرضية، وهذا جمع حسن. قال في الروضة: ويستحب لمن صلى إذا رأى من يصلي تلك الفريضة وحده أن يصليها معه ليحصل له فضيلة الجماعة، وهذا استدل عليه في المجموع بحديث الترمذي السابق. قال المصنف في شرح الحديث المذكور: فيه استحباب إعادة الصلاة في جماعة لمن صلاها في جماعة وإن كانت الثانية أقل من الأولى، وأنه يستحب الشفاعة إلى من يصلي مع الحاضر ممن له عذر في عدم الصلاة معه، وأن الجماعة تحصل بإمام ومأموم، وأن المسجد المطروق لا يكره فيه جماعة بعد جماعة. ولو تذكر على الجديد خللا في الأولى وجبت الإعادة كما نقله المصنف في رؤوس المسائل عن القاضي أبي الطيب وأقره معللا بأن الثانية تطوع محض.
وما أفتى به الغزالي وترجاه السبكي من عدم وجوب الإعادة يحمل على أن الفرض إحداهما لا بعينها. (ولا رخصة في تركها) أي الجماعة (وإن قلنا) هي (سنة) لتأكدها (إلا بعذر) لخبر: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له - أي كاملة - إلا من عذر رواه ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين. فإن قيل: السنة يجوز تركها من غير عذر، فكيف يقال لا رخصة في تركها وإن قلنا سنة إلا بعذر؟ أجيب: القصد تهوين أمر الجماعة مع العذر، ولذلك فوائد: منها أنا إذا قلنا سنة قوتل تاركها على وجه لا يأتي مع العذر بل لا يقاتل قطعا. ومنها أنه لا ترد شهادة المداوم على تركها لعذر بخلاف المداوم على تركها بغير عذر. ومنها أن الإمام إذا أمر الناس بالجماعة وجبت إلا عند قيام الرخصة فلا يجب عليهم طاعته لقيام العذر. والرخصة بسكون الخاء ويجوز ضمها لغة: التيسير والتسهيل، واصطلاحا: الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر. (عام كمطر) أو ثلج يبل الثوب ليلا كان أو نهارا لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن أبي المليح عن أبيه قال: كنا مع النبي (ص) زمن الحديبية فأصابنا مطر لم يبل أسفل نعالنا فنادى منادي رسول الله (ص): صلوا في رحالكم. ويشترط حصول مشقة بالخروج مع المطر كما صرح به الرافعي في الكلام على المرض، فلا يعذر بالخفيف ولا بالشديد إذا كان يمشي في كن. ولو تقطر المطر من سقوف الأسواق كان عذرا في الجمعة والجماعات لأن الغالب فيه النجاسة كما في الكفاية عن القاضي حسين. (أو ريح عاصف) أي شديدة (بالليل) لما روي أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله (ص) كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر: ألا صلوا في رحالكم متفق عليه، وفي رواية كان يأمر مناديه في الليلة الممطرة والليلة الباردة ذات الريح أن يقول: ألا صلوا في رحالكم رواه الشافعي، ولعظم المشقة فيه. وقضية هذا أنه لا فرق بين أن تكون باردة أم لا، وعبر في المهذب بالباردة، وجمع الماوردي بينهما. قال في المهمات: والظاهر أن الريح الشديدة وحدها عذر بالليل. وإنما عبر من عبر بالباردة لكونه الغالب، وقد صرح باختياره الطبري في شرح التنبيه، فقال: المختار أن كلا من الظلمة والبرد والريح الشديدة عذر بالليل اه‍، وهذا هو الظاهر، وخرج بذلك الريح الخفيفة ليلا والشديدة نهارا. نعم المتجه كما قال الأسنوي أن وقت الصبح كالليل لأن المشقة فيه أشد منها في المغرب. والريح
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532