مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٤٣
عن واثلة بن الأسقع: أنه سأل النبي (ص) عن الورع، قال: الذي يقف عند الشبهات. والثاني: يقدم الأورع على الأفقه، إذ مقصود الصلاة الخشوع ورجاء إجابة الدعاء والأورع أقرب، قال تعالى: * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *، وفي الحديث: ملاك الدين الورع. وأما ما يخاف من حدوثه في الصلاة فأمر نادر فلا يفوت المحقق للمتوهم. وأما الزهد فهو ترك ما زاد على الحاجة، وهو أعلى من الورع، إذ هو في الحلال والورع في الشبهة. قال في المهمات: ولم يذكروه في المرجحات، واعتباره ظاهر، حتى إذا اشتركا في الورع وامتاز أحدهما بالزهد قدمناه اه‍.
تنبيه: لا يؤخذ من كلام المصنف معرفة المقدم من الأقرأ والأورع، وحكمه تقديم الأقرأ كما قاله في الروضة عن الجمهور. (ويقدم الأفقه والأقرأ على الاسن النسيب) فعلى أحدهما من باب أولى، لأن الفقه والقراءة مختصان بالصلاة لأن القراءة من شروطها، والفقه لمعرفة أحكامها، وباقي الصفات لا يختص بالصلاة، ويقدم الأورع أيضا عليهما لأنه أكرم عند الله.
فرع: لو كان الأفقه أو الأقرأ أو الأورع صبيا أو مسافرا قاصرا أو فاسقا أو ولد زنا أو مجهول الأب فضده أولى، وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك، نعم إن كان المسافر السلطان أو نائبه فهو أحق. وأطلق جماعة أن إمامة ولد الزنا ومن لا يعرف أبوه مكروهة، وصورته أن يكون ذلك في ابتداء الصلاة ولم يساوه المأموم، فإن ساواه أو وجده قد أحرم واقتدى به فلا بأس. (والجديد تقديم الاسن على النسيب) لخبر الصحيحين عن مالك بن الحويرث: ليؤمكم أكبركم ولان فضيلة الاسن في ذاته والنسيب في آبائه، وفضيلة الذات أولى. والعبرة بالاسن في الاسلام لا للأكبر بالسن، فيقدم شاب أسلم أمس على شيخ أسلم اليوم، فإن أسلما معا فالشيخ مقدم لعموم خبر مالك. قال البغوي: ويقدم من أسلم بنفسه على من أسلم تبعا لاحد أبويه وإن تأخر إسلامه لأنه اكتسب الفضل بنفسه. قال ابن الرفعة: وهو ظاهر إذا كان إسلامه قبل بلوغ من أسلم تبعا، أما بعده فيظهر تقديم التابع، ولو قيل بتساويهما حينئذ لم يبعد. والمراد بالنسيب من ينتسب إلى قريش أو غيرهم ممن يعتبر في الكفاءة كالعلماء والصلحاء، فيقدم الهاشمي والمطلبي ثم سائر قريش، ثم العربي ثم العجمي، ويقدم ابن العالم والصالح على ابن غيره.
تنبيه: لم يتعرض المصنف للهجرة، وهي إلى رسول الله (ص) أو إلى دار الاسلام بعده من دار الحرب، والذي في التحقيق واختاره في المجموع، أي وهو المعتمد، تقديمها على الاسن والنسيب، لخبر مسلم عن أبي مسعود البدري: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا. وفي رواية سلمان: ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. وتأخيرها عن الأورع كما جرى عليه شيخنا في منهجه. وفي الروضة وأصلها عن الشيخ أبي حامد وجماعة تأخيرها عن السن والنسب. وقياس ما مر من تقديم من أسلم بنفسه على من أسلم تبعا تقديم من هاجر بنفسه على من هاجر أحد آبائه وإن تأخرت هجرته. ويعلم من ذلك أن المنتسب إلى من هاجر مقدم على من أنتسب لقريش مثلا. (فإن استويا) أي الشخصان في الصفات المعتبرة، (فبنظافة الثوب والبدن) من الأوساخ، (وحسن الصوت وطيب الصنعة ونحوها) من الفضائل كحسن وجه وسمت وذكر بين الناس لأنها تفضي إلى استمالة القلوب وكثرة الجمع.
تنبيه: لا يعلم من كلام المصنف ترتيب في ذلك، والذي في الروضة كأصلها عن المتولي وجزم به الرافعي في الشرح الصغير - أي وهو المعتمد - أنه يقدم بالنظافة ثم بحسن الصوت ثم بحسن الصورة، وفي التحقيق: فإن استويا قدم بحسن الذكر ثم بنظافة الثوب والبدن وطيب الصنعة وحسن الصوت ثم الوجه، وفي المجموع: تقديم أحسنهم ذكرا ثم صوتا ثم هيئة، فإن استويا وتشاحا أقرع بينهما. والمراد بطيب الصنعة: الكسب الفاضل. ولا يحمل قول
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532