مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٨
في الفروع كحنفي على واجبات الطهارة والصلاة عند الشافعي صح اقتداؤه به، وكذا لو شك في إتيانه بها تحسينا للظن به في أنه يراعى الخلاف. ولا يضر عدم اعتقاده الوجوب وإنما ضر في الإمام الموافق لعلم المأموم ببطلانها عندهما.
وقال الحليمي: إن اقتدى بولي الامر أو نائبه صح مع تركه الواجبات عندنا لما في المفارقة من الفتنة، واستحسناه بعد نقلهما عن تصحيح الأكثرين، وقطع جماعة بعدم الصحة وهو المعتمد. وما استحسناه مخالف لنظائره كصحة الجمعة السابقة وإن كان السلطان مع الأخرى. ولو ترك إمامه الحنفي القنوت في صلاة الصبح لاعتقاده عدم سنيته وأمكنه هو أن يقنت ويدركه في السجدة الأولى ندب له أن يقنت، وإلا تابعه وسجد للسهو اعتبارا باعتقاده وله فراقه ليقنت.
وقضية كلام ابن المقري كأصله أنه إذا قنت لا يسجد، وهو مبني على أن العبرة باعتقاد الإمام، والأصح أن العبرة باعتقاد المأموم فيسجد كما لو كان إمامه شافعيا فتركه. ولو ترك شافعي القنوت وخلفه حنفي فسجد الشافعي للسهو تابعه الحنفي، ولو ترك السجود لم يسجد اعتبارا باعتقاده. ولو اقتدى شافعي بمن يرى تطويل الاعتدال فطوله لم يوافقه بل يسجد وينتظره ساجدا كما ينتظره قائما إذا سجد في سجدة ص وإن اقتضى كلام القفال أنه ينتظره في الاعتدال، وكلام شيخنا جواز كل من الامرين. وتقدم الفرق هناك بين مثل ذلك وبين المس، وهو أن ما يبطل عمده وسهوه لا ينتظره فيه، وما أبطل عمده دون سهوه جاز انتظاره، ويأتي مثل هذا في نظيره من الجلوس بين السجدتين. فإن قيل: قصد صرحوا في باب الجمع بين الصلاتين بأنه لو نوى مسافران شافعي وحنفي إقامة أربعة أيام بموضع انقطع بوصولهما سفر الشافعي دون الحنفي وجاز له يكره أن يقتدي به مع اعتقاده بطلان صلاة القاصر في الإقامة؟ أجيب بأن كلامهم هنا في ترك واجب لا يجوزه الشافعي مطلقا، بخلافه ثم فإنه يجوز القصر في الجملة، والمعتمد ما قاله الشيخ أبو حامد وغيره أن صورة ذلك إذا لم يعلم أنه نوى القصر، فإن علم أنه نواه فمقتضى المذهب أنه لا تصح صلاته خلفه كمجتهدين اختلفا في القبلة فصلى أحدهما خلف الآخر.
تنبيه: اعتبار نية المقتدي من زيادة المصنف على المحرر، ولو قال: اعتبارا باعتقاد المقتدي كما قدرته لكان أولى، إذ لا معنى للنية هنا، قال ابن النقيب: إلا أن يراد جزمها وعدمه. (ولا تصح قدوة بمقتد) في حال قدوته لأنه تابع لغيره يلحقه سهوه، ومن شأن الإمام الاستقلال، وأن يتحمل هو سهو غيره فلا يجتمعان، وهذا إجماع، وما في الصحيحين من أن الناس اقتدوا ب أبي بكر خلف النبي (ص) محمول على أنهم كانوا مقتدين به (ص)، وأبو بكر يسمعهم التكبير كما في الصحيحين أيضا. وقد روى البيهقي وغيره: أنه (ص) صلى في مرض وفاته خلف أبي بكر، قال في المجموع:
إن صح هذا كان ذلك مرتين كما أجاب به الشافعي والأصحاب. أما الاقتداء به بعد انقضاء القدوة فسيأتي حكمه في آخر الباب. ولا يمكن توهمه أو ظنه مأموما كأن وجد رجلين يصليان جماعة وتردد في أيهما الإمام، ومحله كما قال الزركشي ما إذا هجم، فإن اجتهد في أيهما الإمام واقتدى بمن غلب على ظنه أنه الإمام، فينبغي أن يصح كما يصلي بالاجتهاد في القبلة والثوب والأواني. وإن اعتقد كل من المصليين أنه إمام صحت صلاتهما، إذ لا مقتضى للبطلان، أو أنه مأموم بطلت صلاتهما لأن كلا مقتد بمن يقصد الاقتداء به، وكذا لو شك فمن شك ولو بعد السلام كما في المجموع أنه إمام أو مأموم بطلت صلاته لشكه في أنه تابع أو متبوع. فلو شك أحدهما وظن الآخر صحت للظان أنه إمام دون الآخر، وهذا من المواضع التي فرقوا فيها بين الظن والشك. والبطلان بمجرد الشك إنما يأتي كما قال ابن الرفعة على طريق العراقيين، أما على طريق المراوزة ففيه التفصيل في الشك في النية، وقد مر بيانه في باب صفة الصلاة. (ولا) قدوة (بمن تلزمه إعادة كمقيم تيمم) لفقد الماء، ولا من على بدنه نجاسة يخاف من غسلها، ومحدث صلى على حسب حاله لاكراه أو لفقد الطهورين، ولو كان المقتدي مثله لعدم الاعتداد بصلاته كالفاسدة. فإن قيل: لم يأمر (ص) من صلى خلف عمرو بن العاص بالإعادة حيث صلى بالتيمم للبرد. أجيب بأن عدم الامر لا يقتضي عدم وجوب القضاء لأنه على التراخي، وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز، ولجواز أنهم كانوا عالمين أو أنهم كانوا قد قضوا. (ولا) قدوة (قارئ
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532