مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٦
على خطأ، فلو تخيل حاذق فيها يمنة أو يسرة فخياله باطل. ومحاريبه كل ما ثبتت صلاته فيه إذ لم يكن في زمنه (ص) هذا المحراب الذي هو الطاق المعروف. والمحراب لغة: صدر المجلس، سمي به لأن المصلي يحارب فيه الشيطان. وألحق بعض الأصحاب قبلة البصرة والكوفة بموضع صلى فيه النبي (ص) لنصب الصحابة لهما. ويجوز الاجتهاد في خربة أمكن أن يكون بناها الكفار، وكذا في طريق يندر مرور المسلمين بها أو يستوي مرور الفريقين بها. (وإلا) أي وإن لم يمكنه علم القبلة بشئ مما ذكر، (أخذ) وجوبا (بقول ثقة) بصير مقبول الرواية ولو عبدا أو امرأة، (يخبر عن علم) بالقبلة أو المحراب المعتمد. ولا يجوز له الاجتهاد، ويجب عليه السؤال عمن يخبره بذلك عند الحاجة إليه. فإن قيل: قد يشكل هذا بما تقدم من أن من بمكة وبينه وبين القبلة حائل لا يكلف الصعود. أجيب بأن السؤال لا مشقة فيه بخلاف الصعود، فإن فرض أن عليه في السؤال مشقة لبعد المكان أو نحوه كان الحكم فيها كما في تلك، نبه على ذلك الزركشي. وخرج بمقبول الرواية غيره كفاسق وصبي مميز وكافر. ويعتمد الأعمى ومن في ظلمة المحراب بالمس وإن لم يرياه قبل ذلك كما يعتمده البصير الذي ليس في ظلمة بالمشاهدة.
تنبيه: قد علم من عدم جواز الاجتهاد مع القدرة على الخبر عدم جواز الاخذ بالخبر مع القدرة على اليقين، وهو كذلك، فلا يجوز للأعمى ولا لمن هو في ليلة مظلمة الاخذ به مع القدرة على اليقين باللمس، نبه على ذلك شيخنا. نعم إن حصل له بذلك مشقة جاز له الاخذ بقول ثقة يخبر عن علم كما يؤخذ من الجواب المتقدم. (فإن فقد) ما ذكر (وأمكن الاجتهاد) بأن كان بصيرا يعرف أدلة القبلة وهي كثيرة: أضعفها الرياح لاختلافها، وأقواها القطب، قالا: وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي، وكأنهما سمياه نجما لمجاورته له، وإلا فهو كما قال السبكي وغيره: ليس نجما بل نقطة تدور عليها هذه الكواكب بقرب النجم، ويختلف باختلاف الأقاليم ففي العراق يجعله المصلي خلف أذنه اليمنى، وفي مصر خلف اليسرى، وفي اليمن قبالته مما يلي جانبه الأيسر، وفي الشام وراءه، وقيل: ينحرف بدمشق وما قاربها إلى الشرق قليلا. (حرم) عليه (التقليد) وهو قبول قول المخبر عن اجتهاد، لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا، ووجب عليه الاجتهاد إلا إن ضاق الوقت عنه، فالأصح أنه لا يجتهد ويصلي على حسب حاله ويعيد وجوبا. (فإن تحير) المجتهد فلم يظهر له شئ لنحو تعارض أدلة أو غيم أو ظلمة، (لم يقلد في الأظهر) لأنه مجتهد وقد يزول التحير عن قرب، (وصلى كيف كان) لحرمة الوقت (ويقضي) وجوبا لأنه نادر، والثاني: يقلد ولا يقضي لأنه الآن عاجز عن معرفة الصواب فأشبه الأعمى. قال الإمام: ومحل الخلاف عند ضيق الوقت، أما قبله فيمتنع التقليد قطعا. قال في شرح الوسيط: وما قاله الإمام شاذ، والمشهور التعميم. (ويجب تجديد الاجتهاد) أو التقليد في نحو الأعمى (لكل صلاة) مفروضة عينية ولو منذورة أو قضاء، (تحضر على الصحيح) وعبر في الروضة بالأصح إن لم يكن ذاكرا للدليل الأول سعيا في إصابة الحق لتأكد الظن عند الموافقة، وقوة الثاني عند المخالفة لأنها لا تكون إلا عن أمارة أقوى والأقوى أقرب إلى اليقين، والثاني: لا يجب لأن الأصل استمرار الظن الأول. أما إذا كان ذاكرا لدليله الأول فلا يجب عليه تجديد الاجتهاد قطعا ولا يجب للنافلة جزما، ومثلها صلاة الجنازة كما في التيمم. وعبارته شاملة لكل صلاة فلو عبر بالمفروضة العينية كما قدرته لسلم من ذلك. (ومن عجز) بفتح الجيم أفصح من كسرها، (عن الاجتهاد في) الكعبة (و) عن (تعلم الأدلة كأعمى) البصر أو البصيرة (قلد) وجوبا (ثقة) ولو عبدا أو امرأة (عارفا) بالأدلة، لقوله تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * بخلاف الفاسق والمميز وغير العارف، فإن صلى بلا تقليد قضى وإن صادف القبلة، بخلاف ما صلاه بالتقليد إذا صادف القبلة أو لم يتبين له الحال، ويعيد فيه السؤال لكل فريضة تحضر على الخلاف المتقدم في تجديد الاجتهاد كما ذكره في الكفاية، فإن اختلف عليه مجتهدان قلد أعلمهما ندبا كما في الشرح الكبير للرافعي، ووجوبا
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532