مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٥
لا سيما في يوم الغيم. والتقييد بانصرافهم يقتضي سن الرفع قبله لعدم خفاء الحال عليهم. قال في المهمات: وفيه نظر لأنه يوهم غيرهم من أهل البلد. قال: وإنما قيدوا بوقوع جماعة لأنه لا يسن له الاذان قبله لأنه مدعو بالأول ولم ينته حكمه.
(ويقيم للفائتة) المكتوبة قطعا من يريد فعلها لأنها افتتاح الصلاة وهو موجود. (ولا يؤذن) لها (في الجديد) لأن النبي (ص) فاته يوم الخندق صلوات فقضاها ولم يؤذن لها. رواه الشافعي وأحمد رضي الله تعالى عنهما في مسنديهما بإسناد صحيح كما قاله في المجموع. وإنما جاز لهم تأخير الصلاة لشغلهم بالقتال، وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، والقديم:
يؤذن لها، أي حيث تفعل جماعة ليجامع القديم السابق في المؤداة، فإنه إذا لم يؤذن المنفرد لها فالفائتة أولى كما قاله الرافعي وعلى ما تقدم عنه من اقتصار الجمهور في المؤداة على أنه يؤذن يجري القديم هنا على إطلاقه فيؤذن لها سواء أفعلت جماعة أم لا، إذ ليس ثم قديم يقول بأن الاذان لا يندب للمنفرد في المؤداة على طريقة الجمهور. (قلت: القديم أظهر والله أعلم) لأنه (ص) لما نام في الوادي هو وأصحابه حتى طلعت الشمس، فساروا حتى ارتفعت الشمس ثم نزل (ص) فتوضأ ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى (ص) ركعتين ثم صلى صلاة الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم رواه مسلم.
والاذان في الجديد حق للوقت، وفي القديم حق للفريضة وهو المعتمد، وفي الاملاء حق للجماعة. (فإن كان فوائت) وأراد قضاءها في وقت واحد (لم يؤذن لغير الأولى) بلا خلاف كما ذكره في المحرر والشرح والروضة، لكن حكى ابن كج فيه وجهين: في الأولى الخلاف السابق ويقيم لكل منها، فإن قضاها متفرقات ففي الاذان لكل واحدة الخلاف السابق، ولو أتبع الفائتة بحاضرة بلا فصل طويل لم يؤذن للحاضرة إلا إن دخل وقتها بعد أذان الفائتة فيعيده للاعلام بوقتها. نعم لو أذن لمؤداة ثم تذكر فائتة لا يسن الاذان لها إذا والى بينها وبين المؤداة، لأن هذا ليس وقتها حقيقة.
وأيضا فإنهم قالوا: لا يوالي بين أذانين إلا في هذه الصورة المذكورة، والاستثناء معيار العموم، قلت ذلك بحثا ولم أر من ذكره. ولو جمع جمع تقديم أو جمع تأخير والى فيه، وبدأ بصاحبة الوقت أذن للأولى في الصورتين دون الثانية بلا خلاف، وإن بدأ بغير صاحبة الوقت ووالى بينهما لم يؤذن للثانية بلا خلاف، وفي الأولى الخلاف السابق فيؤذن لها على الراجح ويقيم للثانية فقط لأنه (ص) جمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامتين رواه الشيخان من رواية جابر، ورويا من رواية ابن عمر أنه صلاهما بإقامتين وأجابوا عنه بأنه إنما حفظ الإقامة، وقد حفظ جابر الاذان فوجب تقديمه لأن معه زيادة علم، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وبأن جابر استوفى حجة النبي (ص) وأتقنها فهو أولى بالاعتماد. (ويندب لجماعة النساء الإقامة) بأن تأتي بها إحداهن، (لا الاذان على المشهور) فيهما، لأن الاذان يخاف من رفع المرأة الصوت به الفتنة، والإقامة لاستنهاض الحاضرين ليس فيها رفع صوت كالاذان. والثاني: يندبان بأن تأتي بهما واحدة منهن، لكن لا ترفع صوتها فوق ما تسمع صواحبها. والثالث: لا يندبان الاذان لما تقدم والإقامة تبع له، ويجري الخلاف في المنفردة بناء على ندب الاذان للمنفرد. أما إذا قلنا لا يندب له فلا يندب لها جزما، فلو قال:
ويندب للنساء لكان أولى. قال في المجموع: والخنثى المشكل في هذا كله كالمرأة. وعلى الأول لو أذنت لها أولهن سرا لم يكره، وكان ذكر الله تعالى، أو جهرا بأن رفعت صوتها فوق ما تسمع صواحبها، قال شيخنا في شرح الروض:
وثم أجنبي حرم كما يحرم تكشفها بحضرة الرجال، لأنه يفتتن بصوتها كما يفتتن بوجهها. وأسقط: وثم أجنبي، من شرح البهجة تبعا للشيخين، وذكره أولى للتعليل المذكور. فإن قيل: قد جوزوا غناءها بحضرة الأجنبي فلم لا سووا بينهما؟
أجيب بأن الغناء يكره للأجنبي استماعه وإن أمن الفتنة، والاذان يستحب له استماعه. فلو جوز للمرأة لأدى إلى أن يؤمر الأجنبي باستماع ما يخشى منه الفتنة وهو ممتنع. وينبغي أن تكون قراءتها كالأولى لأنه يسن استماع القرآن.
(والاذان) معظمه (مثنى) هو معدول عن اثنين اثنين. وإنما قدرت في كلامه ذلك لأن التكبير في أوله أربع، ولا إله إلا الله في آخره مرة، والحكمة في إفرادها الإشارة إلى وحدانية الله تعالى وكلماته مشهورة، وعدتها بالترجيع
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532