مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢٧
(وإلا) بأن وقع فيه أقل من ركعة، (فقضاء) لمفهوم الخبر المتقدم، إذ مفهومه أن من لم يدرك ركعة لا يدرك الصلاة مؤداة، والفرق أن الركعة مشتملة على معظم أفعال الصلاة، وغالب ما بعدها كالتكرار لها فكان تابعا لها، والوجه الثاني: أن الجميع أداء مطلقا تبعا لما في الوقت. والثالث: أنه قضاء مطلقا تبعا لما بعد الوقت. والرابع: أن ما وقع في الوقت أداء، وما بعده قضاء وهو التحقيق. وعلى القضاء يأثم المصلي بالتأخير إلى ذلك، وكذا على الأداء نظرا للتحقيق، وقيل: لا، نظرا إلى الظاهر. وتظهر فائدة الخلاف في مسافر شرع في الصلاة بنية القصر وخرج الوقت، وقلنا إن المسافر إذا فاتته الصلاة لزمه الاتمام، فإن قلنا إن صلاته كلها أداء كان له القصر وإلا لزمه الاتمام، قال في الروضة ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت لم يأثم قطعا ولا يكره على الأصح. قلت: في تعليق القاضي حسين وجه أنه يأثم والله أعلم اه‍. (ومن جهل الوقت) لعارض كغيم أو حبس في موضع مظلم وعدم ثقة يخبره به عن علم، (اجتهد) جوازا إن قدر على اليقين بالصبر أو الخروج ورؤية الشمس مثلا وإلا فوجوبا، (بورد) من قرآن أو درس ومطالعة وصلاة (ونحوه) أي الورد كخياطة وصوت ديك مجرب، وسواء البصير والأعمى، وعمل على الأغلب في ظنه وإن قدر على اليقين بالصبر أو غيره كالخروج لرؤية الفجر، وللأعمى كالبصير العاجز تقليد مجتهد لعجزه في الجملة، أما إذا أخبره ثقة من رجل أو امرأة ولو رقيقا بدخوله عن علم، أي مشاهدة، كأن قال: رأيت الفجر طالعا أو الشفق غاربا، فإنه يجب عليه العمل بقوله إن لم يمكنه العلم بنفسه، وجاز إن أمكنه. وفي القبلة لا يعتمد الخبر عن علم إلا إذا تعذر علمه كما سيأتي، وفرق بينهما بتكرر الأوقات فيعسر العلم بكل وقت بخلاف القبلة فإنه إذا علم علمها مرة اكتفى به ما دام مقيما بمحله فلا عسر.
ولا يجوز له أن يجتهد إذا أخبره ثقة عن علم بخلاف ما إذا أخبره عن اجتهاد فإنه لا يقلده، لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا، حتى لو أخبره باجتهاد أن صلاته وقعت قبل الوقت لم يلزمه إعادتها. وهل يجوز للأعمى والبصير تقليد المؤذن الثقة العارف أو لا؟ قال الرافعي: يجوز في الصحو دون الغيم لأنه فيه مجتهد وهو لا يقلد مجتهدا، وفي الصحو مخبر عن عيان. وصحح المصنف جواز تقليده فيه أيضا ونقله عن النص، فإنه لا يؤذن في العادة إلا في الوقت فلا يتقاعد عن الديك المجرب. قال البندنيجي: ولعله إجماع المسلمين. ولو كثر المؤذنون وغلب على الظن إصابتهم جاز اعتمادهم مطلقا بلا خلاف، ولو صلى بلا اجتهاد أعاد مطلقا لتركه الواجب. وعلى المجتهد التأخير حتى يغلب على ظنه دخول الوقت وتأخيره إلى خوف الفوات أفضل. ويعمل المنجم بحسابه جوازا لا وجوبا ولا يقلده غيره على الأصح في التحقيق وغيره، والحاسب وهو من يعتمد منازل النجوم وتقدير سيرها في معنى المنجم، وهو من يرى أن أول الوقت طلوع النجم الفلاني كما يؤخذ من نظيره في الصوم. (فإن) صلى باجتهاده ثم (تيقن) أن (صلاته) وقعت (قبل الوقت) أو بعضها ولو تكبيرة الاحرام، أو أخبره ثقة بذلك وعلم بذلك في الوقت أو قبله، أعادها بلا خلاف. أو علم به بعده. (قضا) ها (في الأظهر) لفوات شرطها، وهو الوقت، حتى لو فرض أنه صلى الصبح مثلا سنين قبل الوقت لزمه أن يقضي صلاة فقط. وبيانه أن صلاة اليوم الأول تقضى بصلاة اليوم الثاني والثاني بالثالث، وهكذا بناء على أنه لا يشترط نية الأداء لا نية القضاء، وأنه يصح الأداء بنية القضاء وعكسه عند الجهل بالوقت كما سيأتي في محله، والثاني: لا قضاء اعتبارا بظنه. (وإلا) أي وإن لم يتيقن وقوعها قبل الوقت بأن تيقنه فيه أو بعده أو لم يتبين له الحال، (فلا) قضاء عليه، لكن الواقعة بعده قضاء على الأصح، لكن لا إثم فيها. (ويبادر بالفائت) ندبا إن فاته بعذر كنوم ونسيان، ووجوبا إن فاته بغير عذر على الأصح فيهما تعجيلا لبراءة ذمته، وقيل: المبادرة مستحبة فيهما، وقيل: واجبة فيهما، وعن ابن بنت الشافعي أن غير المعذور لا يقضي لمفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها متفق عليه، وحكمته التغليظ عليه، وهو مذهب جماعة. وأيد بأن تارك الابعاض عمدا لا يسجد للسهو على وجه مع أنه أحوج إلى الجبر، وقد مر أن من أفسد الصلاة في وقتها لا تصير قضاء خلافا للمتولي ومن تبعه لكن يجب إعادتها على الفور كما صرح به صاحب العباب. (ويسن
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532