كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٤٨٩
ليس النهى عن التأخير الفاحش وحمل الشرطية الأولى على لزوم التكبير عقيب فراغ الامام من التكبير والبقية على عدم التأخر الفاحش غير صحيح وحاصل الكلام انه ليس لظهور الرواية في لزوم تأخير أفعال الصلاة عن الامام ما يوجب رفع اليد عنه ومنشأ هذا الظهور ان الامر بالتكبير والركوع والسجود انما رتب على تحقق هذه الأفعال من الامام كما يستفاد من اتيان الشرط بصيغة الماضي وظهوره في لزوم اتيانها بعد تحققها من الامام مما لا ينكر واما في مثل قوله تعالى " وإذا قرء القرآن فاستمعوا له وانصتوا " وكذا " إذا قرئت القرآن فاستعذ " " وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا " فالقرينة قائمة على خلاف ذلك ثم لا يخفي عليك ان الامر باتيان أفعال الصلاة بعد اتيان الامام متفرعا على الايتمام لا يقتضى الامر باتيان الأقوال بعد الامام إذ لا يعلم من الرواية ان الايتمام في الأقوال أيضا مطلوب للشارع إذ لو جاز في الواقع عدم متابعة المأموم في أذكار الصلاة مثل ان يقرء غير الذكر الذي يقرء الامام ليس منافيا للرواية بل لازم ذلك كون الايتمام المطلوب في خصوص الافعال فلا ينبغي توهم ان مفاد الرواية يكون قاعدة في وجوب تأخر أفعال المأموم وأقواله عن الامام.
وهل المتابعة شرط في صحة الجماعة أو واجبة لا تفسد الجماعة بالاخلال بها ظاهر النبوي المتقدم الأول فان الامر بالافعال المذكورة وان كان يمكن ان يكون نفسيا لكن الظاهر من الأوامر المتعلقة باجزاء المركب أو قيوده ان تكون لبيان الجزئية والشرطية فمثل قول الشارع " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا " لا يفهم العرف منه الا اشتراط الوضوء للصلاة وان كان من الممكن وجوب الوضوء نفسا عند القيام إلى الصلاة ولو قطعنا النظر عن النبوي المتقدم والنبوي الاخر اما يخشى الذي يرفع رأسه والامام ساجدان يحول الله رأسه رأس حمار لم يكن لنا دليل على أصل الوجوب نعم يجب مراعاة الشرطية للقاعدة التي أشرنا إليها في باب الجماعة وأشرنا أيضا إلى عدم جريان استصحاب الجماعة لان الشبهة فيها انما تكون من جهة المفهوم وليس لنا مشكوك البقاء في الخارج.
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست