مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٠١
الأولى أي وجود المفطر في حلقه كرها فلاجماع الفرقة وخالف فيه أبو حنيفة ومالك وفى معنى الوجود بلوغ الاكراه حدا يرفع قصده ويذهب باختياره فلو قهره قاهر بضرب شديد أو تخويف عظيم حتى لم يملك أمره ولم يكن له بد من الفعل فلا قضاء عليه أيضا اتفاقا وإن تناول بيده وأما عدمهما في الصورة الثانية أي التخويف والتوعد بالقتل أو بفعل لا يليق بحاله ويعد ضررا لمثله من ضرب أو شتم ونحوهما تخويفا لم يبلغ به حدا يرفع قصده واختياره ففيه خلاف بين الأصحاب ذهب الشيخ في الخلاف والأكثر كالمحقق والعلامة والمصنف (ره) وجماعة إلى عدم الافطار وعدم وجوب القضاء للأصل ولقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه غير متمكن من الفعل فلا يصح تكليفه عقلا فلا يتوجه إليه النهى فيكون تناوله سايغا كالناسي ولأن هذا معنى حرمة الصوم فإذا حصل بغير اختياره لم يفطر كما لو طارت ذبابة إلى حلقه أو زرعه ألقى وذهب الشيخ في المبسوط إلى فساد الصوم ووجوب القضاء فقال في عد ضروب ما لا يفطر أو أدخل غيره في فيه وحلقه ما يفطره من غير صنع من جهته أما بأن كان نائما أو أكرهه عليه فان ذلك لا يفطره فإن ألزمه التناول بنفسه أفطر واستدلوا على هذا القول أولا بأنه مع التوعد مختار الفعل فيصدق عليه أنه فعل المفطر اختيارا فوجب عليه القضاء وقال في المختلف الجواب المنع من كونه مختارا وقال في المدارك بمنع كون الفعل الصادر عن الاختيار على هذا الوجه مفسدا للصوم بل ذلك محل النزاع فكيف يجعل دليلا وثانيا بأن المكره دفع عن نفسه الضرر بتناوله فيلزم القضاء كالمريض وأجاب عنه في المعتبر بأن مقتضى الدليل سقوط القضاء في الموضعين لكن ترك العمل بالمقتضى في المرض بالدليل فيعمل بالمقتضى فيما عداه أقول وألحق أن المفهوم من الصوم شرعا ليس إلا الكف عن المفطرات ومع الاتيان بشئ منها لا يتحقق الاتيان بالصوم ظاهرا وقد مر ذكر أدلة وجوب القضاء على تارك الصوم من الاجماع وغيره وأيضا العمومات الواردة في الأخبار الدالة على وجوب القضاء على من فعل كذا وكذا يشمل هذه الصورة أيضا إذ لا منع شرعا ولا عرفا من إسناد الفعل إلى المكره الكذائي ودعوى أن المتبادر إلى الذهن من الاخبار الفعل الصادر بعنوان الاختيار كما يفهم من كلام صاحب المدارك وكلام خالي طاب ثراه فلا يخلو عن إشكال فالأصل على هذا وجوب القضاء حتى يعلم سقوطه وهذا بخلاف الصورة الأولى لعدم ظهور فوات الصوم عنه وعدم إسناد الفعل إليه فيها إذا الفرض أن لا صنع له فيه أصلا أو هو بمنزلة الأدلة لأجل سلب الاختيار عنه رأسا وما ذكروه من الأدلة على سقوط القضاء غير تام أما الخبر فلما قاله في المسالك من أنه قد تقرر في الأصول أن المراد فيه برفع الخطاء وقيمية دفع المؤاخذة عليها لا رفع جميع أحكامها وبالجملة لا ظهور له في في رفع الجميع وقد اعترف خالي طاب ثراه بذلك في مسألة ناسي النية إلى الزوال ونقلناه عنه ومع ذلك جعل الخبر هنا دليلا على سقوط القضاء وأما أنه غير متمكن من الفعل فلا يصح تكليفه ولا يتوجه إليه النهى ففيه أن وجوب القضاء لا يستلزم تكليفه في مال الاكراه أو توجه النهى إليه وجواز التناول لا يستلزم سقوط القضاء كالتناول في المرض والسفر والحيض والنفاس والقياس على الناسي ومن طارت الذبابة في حلقه لا نعمل به وأما سقوط الكفارة فمقطوع به للاجماع وعدم الاثم وذلك أيضا لا يقتضى سقوط القضاء كما في كثير من نظايره والحاصل أن القول بالقضاء أظهر بحسب الدليل وأقرب إلى الاحتياط ثم أن الشهيد الثاني (ره) بعد تصحيحه لهذا القول في المسالك أيده بما ورد في بعض الروايات من قول الصادق (عليه السلام) لأصحابه في باب ما وقع منه مع السفاح لئن أفطر يوما من شهر رمضان وأقضيه أحب إلى من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله وتأييده لهذا القول ظاهر وفرق المصنف (ره) بين الافطار للاكراه والافطار قبل الغروب أو في أول يوم من الشهر للتقية ضعيف جدا وذلك الفرق باعتبار قوله هنا في الأول بسقوط القضاء وسيجيئ قوله في الثاني بوجوبه وسنبني تمام القول فيه عند شرحه إنشاء الله تعالى ولو أكره الرجل صائما في شهر رمضان زوجته صائمة على الجماع تحمل عنها الكفارة وهو مجاز عن تضاعفها عليه إذ لا كفارة عليها مع الاكراه حتى تحل التحمل على الحقيقة وكان الكفارة الزايدة عقوبة ويكفر لما صدر عنه من الاكراه القبيح لا القضاء فإنه يسقط عنها بالاكراه من دون تحمل وأما دليل تحمل الكفارة فما قيل من أن الجماع لو وقع باختيار هما أوجب الكفارتين بلا خلاف وهو فعل وأخذ اقتضى هذا الحكم فإذا أكرهها كان مستندا في الحقيقة إليه وأوجب حكمه عليه وما رواه إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان استكرهها فعليه كفارتان ويعزر بخمسين سوطا وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا والرواية خالية عن التجوز الذي في كلامهم وضعف الدليل الأول واضح لان اقتضاء أصل الفعل لهذا الحكم المخالف للأصل مطلقا غير معلوم بل المعلوم أن صدوره وقبوله بالاختيار يوجبان الكفارة ويمكن إرجاع القبول الاختياري إلى الفعل الوجودي الصادر عن القابل ولا يقتضى ذلك إيجاب الاكراه على القبول الكفارة على المكره وهو
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503