مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٨٤
ولهذا يجب عليهما القضاء وفساده كما أفاده رحمه الله واضح للتنافي الظاهر بين وجوب الصوم والفطر ووجوب القضاء بأمر جديد نعم لهما أهلية التكليف وشملهما الخطاب العام بالصيام ظاهر أو خرجنا عنه باعتبار المانع الذي ظهر ما نعيته عن الشرع قال أراد القائل بالوجوب مجرد هذا فلا نزاع إلا تجب اللفظ ولو زال في الأثناء استحب الامساك لما مر من أن الظاهر وفاقهم على ذلك وفي رواية أبي بصير المتقدمة قال وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار قال تصلى وتتم يومها ويقضى وموثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المرأة تطلع الفجر وهي حايض في شهر رمضان فإذا أصبحت طهرت وقد أكلتا ثم صلت الظهر والعصر كيف تصنع في ذلك اليوم الذي طهرت فيه قال تصوم ولا تعتد به وفى رواية الزهري عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في عد وجوه صوم التأديب وكذلك الحايض لو طهرت أمسكت بقية يومها وقال أبو حنيفة بوجوب هذا الامساك مع القضاء وكذا قال بوجوب الامساك والقضاء لساير أولى الاعذار إذا زال عذرهم في أثناء النهار لان زوال العذر لو طرء قبل طلوع الفجر لوجوب الصوم فإذا طرء بعد الفجر وجب الامساك كما لو قامت البينة في أثناء النهار بعد الافطار بأن اليوم من شهر رمضان والجواب بالفرق كما أفاده العلامة في المنتهى لان الافطار أبيح ظاهر أو باطنا لصاحب العذر في أول النهار فإذا أفطر أو حصل الفطر له بالغدر كالحيض والنفاس أو فات عنه وقت نيه الصوم باستمرار العذر إلى الزوال كان له أن يستديم الافطار إلى آخر النهار كما لو استمر العذر إليه وهذا بخلاف قيام البينة فإنه لم يكن له الفطر باطنا وإنما أبيح له ظاهر الاجل الجهل فلما انكشف له الحال حرم عليه الافطار لو طهرت ليلا فتركت الغسل قضت ولا كفارة على الأقرب قال العلامة في المنتهى لم أجد لأصحابنا نصا صريحا في حكم الحيض في ذلك يعنى أنها إذا انقطع دمها قبل الفجر هل يجب عليها الاغتسال ويبطل الصوم لو أخلت به حتى يطلع الفجر والأقرب ذلك لان حدث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة وابن أبي عقيل قال الحايض والنفساء إذا طهرتا من دمهما ليلا فتركتا الغسل حتى يطلع الفجر عامدتين وجب عليهما القضاء خاصه انتهى والظاهر أن الأقرب عنده وجوب القضاء والكفارة معا كما ذكره في المختلف ويظهر أيضا من دليله حيث حكم بأن حدث الحيض أقوى من الجنابة إذ رأيه ترك غسل الجنابة عما يوجب القضاء والكفارة معا فكذا ترك غسل الحيض بطريق الأولى وابن أبي عقيل يقول في ترك غسل الجنابة بالقضاء خاصة وكذا هنا وفى النهاية تردد في ذلك وقال بعد عد المحرمات على الحايض وهذا التحريم باق ما دامت ترى الدم فإن انقطع ارتفع تحريم الصوم وإن لم تغتسل بخلاف الاستمتاع على رأى وما يفتقر إلى الطهارة لاستمرار التحريم إلى الاغتسال ويحتمل استمرار تحريم الصوم إلى الاغتسال لان الحيض حدث ينافي الصوم وإنما يرتفع بالغسل انتهى وقال في المدارك وجزم العلامة في النهاية بعدم وجوب القضاء وكأنه لسقوط قوله ويحتمل إلى اه من نسخته وتردد المحقق أيضا في المعتبر وقال وفيه أي بطلان الصوم بترك الغسل تردد وروى على بن الحسن عن علي بن إسباط عن عمه يعقوب الأحمر عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن طهرت بليل من حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم لكن على بن الحسن فطحي وابن إسباط واقفي انتهى والمذكور في كتب الرجال كما ذكرنا سابقا إن ابن إسباط كان فطحيا وإعراضه عن ذكر اشتراك أبي بصير يحتمل أن يكون للاختصار كما يحتمل أن يكون لأجل وجدانه القرنية على أنه الثقة والمصنف (ره) في الذكرى اقتصر على نقل الأقوال والخبر والشهيد الثاني حكم بإلحاق الحايض والنفساء إذا انقطع دمهما بالجنب ثم إن ما ذكره في المنتهى من أن حدث الحيض يمنع الصوم فكان أقوى من الجنابة فضعيف جدا إذ العلة في وجوب التحفظ عن حدث الجنابة في خصوص وقت طلوع الفجر من يوم الصيام دون ساير أوقات النهار غير معلومة من الشرع فكيف يمكن قياس حدث آخر عليه مع أن المعلوم منع أصل الحيض عن الصيام في أي جزء كان من النهار بخلاف نزول المنى وأما الحالة الوهمية التي تبقى في البدن بعد زوال وانقطاع الدم في النهار في القوة والضعف بالنسبة إلى الحالة التي تحصل بنزول المنى غير معلوم واختلاف تلك الحالة مع أصل الحيض في الأحكام الشرعية المترتبة عليهما واضح كما ترى من أن أصل الحيض يمنع عن الطلاق وعن وجوب قضاء الصلاة وعن الصلاة بالتيمم بخلاف تلك الحالة ويمكن أن يقال أيضا إن حدث الحيض أقوى من الاستحاضة وهي تخل بالصيام مع ترك الغسل على ما سيأتي فهو بطريق الأولى والظاهر أنه أقوى مما ذكره في المنتهى وإن ضعف في نفسه وأما الخبر فقد عرفت حال طريقه وكيف كان فالاحتياط في القضاء البتة والحكم بوجوب الكفارة في غاية البعد وعلى القول بوجوب القضاء فالحكم بسقوطه بالنوم مع العزم على الغسل كما في حدث الجنابة لا يخلو عن نظر إلا أن يكون المسلم الوجوب على التارك العامد (ويصح الصوم من المستحاضة إذا اغتسلت غسلي النهار) لا ريب في أن المستحاضة إذ أتت بما عليها من الغسل بحسب حال دمها صح صومها وعبارة الشيخ في المبسوط تشعر باعتبار تجديد القطن والخرقة وتجديد الوضوء أيضا وكأنه (ره) بتكلف في العبارة لبيان تمام ما عليها إن تفعله وأما التخصيص بغسل النهار فلما ذكره في المنتهى من أنها لو أخلت بالغسل الذي للعشائين فالأقرب صحة صومها إذ ذلك إنما يقع بعد انقضاء صوم ذلك اليوم وأقول لا ريب في أن اشتراط صحة الصوم السابق بالغسل اللاحق مستبعد ولكنها لو تركت غسل العشائين ففي صحة صومها اللاحق إذا اغتسلت قبل الفجر إشكال لان المعلوم من الشرع إن دفع حكم الحدث عنها إنما يكون بالاتيان بهذه الأغسال فمع الاخلال بشئ منها كما فرضنا يشكل الحكم بصحة الصوم باعتبار تداخل الغسلين في الفجر على ما يظهر من عبارة
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503