مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
رمضان وإن له في الليل سبحا طويلا وقد عرفت عدم ثبوت أصل الحرمة بهما فضلا عن عمومها والوجه الكراهة في الجمع كما عرفت ولا يجب الصوم (على المريض المتضرر به) للآية والاجماع والاخبار ووجوب حفظ النفس والنهى عن إلقاءها في التهلكة ولو لم يتضرر به يجب عليه بإجماع الفرقة ظاهر أو عليه أكثر العلماء أيضا كما قال في المنتهى قال وحكى عن قوم لا اعتداد بهم إباحة الفطر لكل مريض سواء زاد في المرض أو لم يزد واحتجوا بعموم قوله تعالى فمن كان منكم مريضا والجواب أنه مخصوص في المسافر والمريض معا بحصول المشقة الكثيرة به كما يشعر به قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولكن الشارع اعتبر في السفر مظنة كثرة المشقة التعذر ضبطها في نفسها فرخص في السفر الطويل الذي بين حده وجعله مناطا للحكم بالقصر والمرض بعكس السفر حيث لا يمكن ضبط أصل المرض الذي يحصل معه المشقة الكثيرة بسبب الصوم لما ترى من اختلاف الأمراض في ذلك جدا ويمكن ضبط كثرة المشقة إذ الانسان على نفسه بصيرة فكثير ما يحصل له الظن بالضرر القوى بسبب الصوم بالوجدان أو التجربة أو إخبار من يفيد قوله الظن فجعل ذلك مناطا للرخصة ويدل عليه أيضا من الاخبار وما روى في الفقيه عن حريز في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الصايم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر وقال (عليه السلام) كلما أضربه الصوم فالافطار له واجب ورواه في الكافي في الحسن بن إبراهيم بدون قوله وقال (عليه السلام) إلى آه ويحتمل على بعد أن يكون هذا خبرا مرسلا في الفقيه لا من تمام خبر حريز وما روى في الفقيه أيضا عن بكير بن محمد الأزدي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سأله أبى وأنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم قال إذا لم يستطع أن يتسحر ورواه في الكافي عن بكر بن أبي بكر الحضرمي وذكره ومن رجال الصادق (عليه السلام) ورواه في التهذيب عن أبي بكر وكأنه الحضرمي الممدوح وبالجملة فسنده لا يخلو عن اضطراب وقوله (عليه السلام) إذ لم يستطع أن يتسحر يحتمل أن يكون معناه إذا لم يستطع أن يشرب الدواء أو يأكل الغداء في السحر بحيث لا يضره الصوم وما رواه عمر بن أذنيه في الحسن بن إبراهيم قال كتبت إلى أبى عبد الله (عليه السلام) أسئله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة قال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذلك إليه هو أعلم بنفسه وقوله يدع صاحب الصلاة أي من قيام كما وقع في بعض نسخ الكافي والمراد يقال في الموضعين أنه كتب في الجواب وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح وفي مسنده محمد بن عيسى عن يونس قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما حد المريض إذا نقه في الصيام قال ذلك إليه هو أعلم بنفسه إذا قوى فليصم يقال نقه من مرضه بالكسر نقها بالفتح ونقه بالفتح نقوها وهو ناقة والجمع نقه بضم النون وتشديد القاف وما رواه زرارة في الموثق قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام فقال بل الانسان على نفسه بصيرة وهو أعلم بما يطيقه وقوله تعالى بل الانسان على نفسه بصيرة أي حجة بنية على أعمالها لأنه شاهد بها أو عين مبصرة بها التاء للمبالغة كقولك رجل راوية وطاغيته و علامة قال الأخفش جعله في نفسه بصيرة كما يقال فلان جود وكرم وذلك أنه يعلم بالضرورة متى رجع إلى عقله إن طاعة خالفه واجبة وعصيانه منكر فهو حجة على نفسه بعقله السليم وقيل إن المراد شهادة جوارحه فهو شاهد على نفسه بشهادة جوارحه فالمراد بالانسان هنا الجوارح وقيل الانسان مبتداء وعلى نفسه بصيرة جمله وقعت خبر للمبتدأ ولا يخفى بعده وما رواه سماعة في الموثق وفى سنده محمد بن عيسى عن يونس قال سئلته ما حد المرض الذي يجب على صاحب فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر قال هو مؤتمن عليه مفوض إليه فإن وجد ضعفا فليفطر وإن وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان وقوله من كان مريضا أو على سفر أي يحكم ذلك من الكتاب الكريم وما رواه سليمان بن عمر وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اشتكت أم سلمة رحمة الله عليها عينها في شهر رمضان فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تفطر وقال عشاء الليل لعينك روى ثم إن المتضرر به أما بحسب وجدانه زيادة المرض بالصبر على الجوع أو العطش أو عدم شرب الدواء أو بحسب التجربة في مرض سابق عليه مثله أو بحسب ظنه الحاصل بقول عارف يخبر بزيادة المرض بسبب الصوم أو بطؤ برئة أو شدة الألم به بحيث لا يحتمل عادة ولو كان العارف المخبر فاسقا أو كافرا لان المجوز للافطار الظن الحاصل من قوله لوجوب التحرز عن الضرر المظنون ولو اشتبه الحال فلا يسقط الصوم لشمول التكليف وعدم الظن بالمسقط ولو كان صحيحا ويخشى المرض بالصيام قال في المنتهى فيه تردد ينشأ من وجوب الصوم بالعموم وسلامته من معارضة المرض ومن كون المرض إنما أبيح له الافطار لأجل الضرر وهو حاصل هنا لان الخوف من تجدد المرض في معنى الخوف من زيادته وتطاوله وأقول لا يبعد القول برجحان الوجه الثاني ويؤيده عموم قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقوله (عليه السلام) في صحيحة حريز المتقدمة كلما أضربه الصوم فالافطار له واجب وما وقع من إفطار الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما ولو صام المريض المتضرر به لم يجزه للنهي المفسد للعبادة ووجوب صيام العدة عليه بحكم الآية وخالف فيه بعض الجمهور ولو كان جاهلا بالحكم بسقوط الصوم عن المريض لأنه أتى بخلاف ما هو فرضه فلا يجزيه وهذا بخلاف المسافر كما سبق في باب الصلاة من قوله لو أتم المسافر جاهلا فلا إعادة في الصلاة ولصوم لورود الأخبار الكثيرة في المسافر كصحيحة عبد الله بن أبي شعبة قال قلت
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503