مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٤٣٩
إذا علم بدخول جسم محسوس في الحلق وإن بعد الفرض كما عرفت في بحث الغبار وبحث شم الرايحة الغليظة وبحث السعوط وشمول الوفاق على عدم التحريم لهذه الصورة غير بين وأما الأخبار الدالة على الجواز مطلقا فمن طريق العامة ما رواه عن أنس إن النبي (صلى الله عليه وآله) كره السعوط للصائم ولم يكره الكحل ومن طريق الخاصة ما روى في الكافي والتهذيب صحيحا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب وصحيحا أيضا عن ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكحل للصائم فقال لا بأس به إنه ليس بطعام يؤكل وصحيحا أيضا عن عبد الحميد بن أبي العلا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بالكحل للصائم وقد وقع في صحيحة عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) وكان لا يرى بأسا بالكحل للصائم وروى الشيخ في التهذيب عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) قال لا بأس بالكحل للصائم وأما الأخبار الدالة على المنع المطلق فما رواه في التهذيب عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه سأل عن الرجل يكحل وهو صائم فقال لا إني أتخوف أن يدخل رأسه وفي التعليل إشعار بأن النهي للكراهة وبأنه عن الكحل المشتمل على الدواء الحاد النافذ وما رواه في الكافي عن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عمن يصيب الرمد في شهر رمضان هل يذر عينه بالنهار وهو صائم قال يذرها إذا أفطر ولا يذرها وهو صائم والغالب اشتمال الذرور الذي يستعمل في الرمد على الأدوية الحادة وما رواه الشيخ عن الحسن بن علي في الموثق قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذرور وما أشبهه أم لا يسوغ له ذلك فقال لا يكتحل وأما الأخبار الدالة على التفصيل فما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما السلام) إنه سئل عن المرأة تكتحل وهي صائمة فقال إذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس وما رواه عن سماعة في الموثق قال سئلته عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فليس به بأس وأما ما رواه عن الحسين بن أبي منذر في الصحيح على الظاهر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) اكتحل بكحل فيه مسك وأنا صائم فقال لا بأس به فمحمول على الرخصة ولا ينافي الكراهة ويكره أيضا إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة أو غيرهما أما جواز إخراج الدم مطلقا فللأصل واتفاق علمائنا وأكثر العامة عليه على ما ذكره في المنتهى وللاخبار وأما كراهة إخراج الدم المضعف فلانه لا يؤمن معه الضرر أو الافطار فيكون مكروها للروايات الدالة على كراهة الحجامة إذا كانت مضعفة مع بيان علة تفيد العموم وأما إذا علم إنه يؤدي إلى ضرر أو إلى الافطار فلا ريب في تحريمه من غير ضرورة وجوازه معها وقال بعض العامة بتحريم الحجامة وقال بعضهم يفطر الحاجم والمحجوم ومنهم من قال بوجوب الكفارة أيضا وأما الروايات فروى البخاري إن النبي (صلى الله عليه وآله) احتجم وهو صائم وروى أيضا إنه احتجم وهو محرم وهذا تفصيل ما رووه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) احتجم وهو صائم محرم وروى الشيخ عن عبد الله بن ميمون في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال ثلاثة لا يفطرن الصايم القي والاحتلام والحجامة وقد احتجم النبي (صلى الله عليه وآله) وهو صائم وكان لا يرى بأسا بالكحل للصائم وعن سعيد الأعرج في الصحيح أيضا قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصائم يحتجم فقال لا بأس إلا أن يتخوف على نفسه الضعف وعن الحلبي في الصحيح والحسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الصائم أيحتجم فقال إني أتخوف عليه أما يتخوف على نفسه قلت ماذا تتخوف عليه قال الغشيان أو يثور به مرة قلت أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا قال نعم إن شاء الله وعن الحسين بن أبي العلا في الحسن قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحجامة للصائم قال نعم إذا لم يخف ضعفا وأما ما رواه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بأن يحتجم الصائم إلا في رمضان فإني أكره أن يغرر بنفسه إلا أن يخاف على نفسه وإنا إذ أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا ليلا فلا ينافي الأخبار المتقدمة كما أفاده في التهذيب لأنه (عليه السلام) إنما كره الحجامة في رمضان وعلقها بحال الضرورة والخوف على النفس لظن إحداث الضعف والتعزير بالنفس فيؤول مفاده إلى مفاد الاخبار السالفة ولا يبعد استفادة الكراهة من هذه الأخبار إلا مع ظن السلامة وعدم أدائه إلى الضرر أو الافطار واحتج من قال من العامة يفطر الحاجم والمحجوم بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال أفطر الحاجم والمحجوم وضعف سند هذا الخبر يمنع من معارضته للاخبار السالفة مع إمكان تأويله بأنهما قربا من الافطار للضعف واحتمال دخول الدم في حلق الحاجم ويدل أيضا على كراهة أن يحجم الرجل ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحاجم يحجم وهو صائم قال لا ينبغي وعن الصائم يحتجم قال لا بأس ويكره أيضا دخول الحمام المضعف لما عرفت في البحث السابق ولما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) إنه سأل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس منا لم يخش ضعفا وما رواه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال ليس به بأس فمحمول على الرخصة أو على حال عدم خوف إحداث الضعف ويكره أيضا شم الرياحين والريحان كل نبت طيب الريح على ما نص عليه أهل اللغة وخصوصا النرجس قال في المنتهى بعد ذكر كراهة شم الرياحين وتأكدها في النرجس هو قول علمائنا أجمع ويدل على كراهة شم الرياحين أيضا ما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الصائم لا يشم الريحان وعن الحسن الصيقل
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503