مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٣
فلا شبهة في المنع عن ابتلاعها وإيصالها إلى الجوف عمدا ولو بتبعية استنشاق الهواء وأيضا لو ظهر من الغبار أو الدخان في الرطوبات التي في فضاء الفم أثر المحسوس يطلق عليه اسم شئ فلا يجوز ابتلاعها ويجب التحفظ والتحرز عن إيصالها إلى الحلق ويحتمل أن يكون مرادهم بالغبار الغليظ ذلك أي ما اشتمل على الاجزاء الصغار المحسوسة بحيث يؤثر بمجرد الوصول والعبور وحينئذ فكون الامر على ما هو المشهور في غاية الظهور وأما التمسك بخبر سليمان بن جعفر فضعفه ظاهر بجهالة حال الراوي وإضمار المروى عنه واشتغاله على إفساد المضمضة والاستنشاق وشم الرايحة الغليظة مطابق للصوم ووجوب الكفارة فيها مطلقا وتعيين الصوم في الكفارة مع تعارضه لموثقة عمرو بن سعيد عن الرضا (عليه السلام) قال سئلته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه قال جايز لا بأس به قال وسئلته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال لا بأس هذا ما تعلق بهذه المسألة بحسب ما استدلوا به عليها ولكن الشهرة العظيمة بين الأصحاب خصوصا مع عدم ظهور مصرح بالخلاف ودعوى ابن إدريس للاجماع لا يرخص في الخلاف وينبغي مراعاة الاحتياط في مثل هذا العبادة المهمة التي من معظم التكاليف الشرعية ثم إن الشهيد الثاني (ره) حكم بأن وجوب القضاء والكفارة في تعمد الاخلال بالكف عن إيصال الغبار قطعي مع عدم اعتباره للغلظة وبعد ما عرفت حقيقة الحال تعرف أنه (ره) أعلم بما قال وحكم أبو الصلاح بأن من وقف في غيرة مختار فعليه القضاء ولا وجه أصلا لايجاب الوقوف مطلقا للقضاء وكأنه قصد مع إيصال الغبار إلى حلقه وتسامح في العبارة للشهرة والبقاء على الجنابة عمدا مع علمه بها ليلا حتى يطلع الفجر وسيجئ ما هو في حكم هذا البقاء وحرمته في صوم شهر رمضان وإيجابه القضاء قول معظم الأصحاب وادعى ابن إدريس عليه الاجماع وهو الظاهر من كلام السيد المرتضى أيضا في الانتصار وأما في غيره من الصيام فسيأتي القول فيه ولتحرير له في الصوم مطلقا ظاهر كلام الصدوق في المقنع حيث قال في أثناء فتاويه في باب ما يفطر الصائم وما لا يفطره وسئل حماد بن عثمان أبا عبد الله عليه السلام عمن أجنب في شهر رمضان من أول الليل وآخر الغسل حتى يطلع الفجر فقال له قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجامع نسائه من أول الليل ويؤخر الغسل حتى يطلع الفجر ولا أقول كما يقول الأقشاب يقضى يوما مكانه انتهى والأقشاب جمع قشب بالكسر وهو من لا خير فيه والظاهر أن فاعل يقضى من أجنب والغرض الاستدلال بفعله صلى الله عليه وآله على جواز البقاء على الجنابة وعدم إيجابه للقضاء ورد قول الجماعة بعدم الجواز والايجاب للقضاء ويحتمل على بعد أن يكون الفاعل رسول الله صلى الله عليه وآله ويكون قول هؤلاء إن النبي صلى الله عليه وآله كان يجنب ويؤخر الغسل ويقضى يوما آخر مكانه فأنكر (عليه السلام) تلك الشتمة منهم وردها ولكن هذا القول بعيد من العام أيضا ثم إن ما أفاده الصدوق في المقنع لا يظهر من كلامه في الفقيه حيث ذكر فيه الأخبار الدالة على وجوب القضاء على ناسي الغسل وعلى النائم بعد الاستيقاظ من نوم الجنابة وعلى أن الذي يقضى شهر رمضان إذا طلع عليه الفجر جنبا لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره والقول بالتحريم وعدم وجوب القضاء مما لا قائل به هنا حجة القول المشهور أو لا على ما أفاده العلامة في المختلف إن الانزال نهارا موجب للقضاء والكفارة فكذا استصحاب الانزال بل هذا آكد لان في الأول قد انعقد الصوم في الابتداء وهنا لم ينعقد وضعف هذا الاحتجاج واضح للفرق البين بين الانزال واستصحاب الجنابة وظهور عدم استلزام إفساده وكون إفساد الانزال بل المباشرة باعتبار إحداث الجنابة غير ظاهر وعلى تقدير ثبوته فلا يدل تنافى إحداثها للصوم ونقضه إياه على تنافي استمرارها له ألا ترى إنهم لا يقولون بوجوب الغسل فورا على المحتلم في نهار شهر رمضان وثانيا الأخبار الكثيرة المستفيضة الدالة عليه وفيها الصحيح وقوى السند والاحتجاج بها قوى خصوصا مع شهرة هذا القول بين الأصحاب وموافقة للاحتياط وأما قول الصدوق فدليله الأصل والآية الكريمة لدلالتها على جواز المباشرة إلى طلوع الفجر وإذا أجازت المباشرة إلى الطلوع لزم تسويغ أن يصبح الرجل جنبا واللزوم ظاهر وأما استفادة الجواز منها فالظهور وقوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم وقوله فالآن باشروهن في الليل كله كيف والجواز في البعض كان قبل هذا التخفيف أيضا وقوله حتى يتبين لكم بيان لغاية الثلاثة ويدل على هذا القول أيضا الاخبار من العامة والخاصة والجواب إن المخرج عن حكم الأصل الأخبار الكثيرة وتجويز المباشرة في تمام الليل أصالة في الآية الكريمة لا يستلزم عدم تحريمها في الجزء الأخير منه بالعرض باعتبار الاخلال بالطهارة التي هي شرط الصوم كما لا يستلزم عدم تحريم الثلاثة في الجزء الأخير من باب المقدمة مع إمكان القدح في ظهور إطلاق قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث وقوله فالآن باشروهن في تمام الليل ويكفي للتخفيف جواز المباشرة بعد العشاء في الجملة خصوصا إذا جاز في أكثر أجزاء الليل إلا قدر لحظة للغسل وكذا يمكن القدح في تعلق حتى بالمعطوف عليه إذا لا يلزم التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في جميع الأحكام ومع تسليم الظهور نقول يجوز صرف الآية على الظاهر للخبر وأما الاخبار فتأول بالتقية ونحوها للجمع والخبر العامي يؤيد احتمال التقية والحقنة بالمايع اختلفوا في حكم الحقنة فمنهم من قال لا يجوز للصائم أن يحتقن وأطلق ومنهم من قال إنها تفسد الصوم والمطلق وذهب العلامة في المختلف إلى إفساد مطلقها للصوم وإيجابها
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503