مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٥
الارتماس عرفا على هذا الغمس غير معلوم ولا سبيل إلى تحقيق علة الحكم يمكن القول بوجودها في الفرض ثم الظاهر أن مراد المصنف من الارتماس هنا غمس جمع الجسد لتعرضه لحكم غمس الرأس فيما بعد بقوله ولو غمس رأسه في الماء دفعة أو على التعاقب ففي إلحاقه بالارتماس نظر لا يقال لا وجه لنظره (ره) لورود رمس الرأس في أكثر الاخبار لان رمس الرأس في العرف كناية عن رمس جميع الجسد وحينئذ فرمس الرأس وحده في محل النظر كالرمس على سبيل التعاقب لصدق رمس الرأس لغة وظهوره في تمام الجسد والدفعة عرفا ولهم في الارتماس أقوال أحدها التحريم وإيجاب القضاء والكفارة وهو قول المفيد والسيد في الانتصار والشيخ في بعض كتبه قال في المبسوط يجب القضاء والكفارة في الارتماس في الماء على أظهر الروايات والمصنف نسبه إلى الشهرة وضعف المأخذ كما سيأتي وقال في المختلف رواه ابن بابويه في كتابه ويحتمل أن يكون نظره إلى ما في المقنع حيث قال في باب ما يفطر الصائم وما لا يفطره اجتنب في صومك خمسة أشياء يفطرك وعد منها الارتماس في الماء وقال في الباب الذي يليه من جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه متعمد فعليه عتق رقبة إلى أخر ما ذكره ولكن ليس ذلك بعنوان الرواية صريحا وما قيل من أن نظره إلى ما رواه في الفقيه من بعض الأخبار الدالة على المنع من الانغماس في الماء للصائم فبعيد جدا وثانيها التحريم وإيجاب القضاء خاصة نقله في المختلف عن أبي الصلاح وثالثها التحريم من دون قضاء أو كفارة واليه ذهب الشيخ في الاستبصار والمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والمختلف وبعض المتأخرين وقال في الاستبصار لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء و قال ابن إدريس هذا يناقص ما ذكره في المبسوط كما نقلنا ويحتمل أن يكون نظره (ره) في المبسوط إلى الأخبار الدالة على التحريم باعتبار أن التحريم يدل على الافساد كما عرفت في الاحتقان والافساد عمدا يوجب القضاء والكفارة وفي رواية محمد بن مسلم زيادة دلالة على وجوبهما كما سيأتي ومنظوره في الاستبصار عدم ذكر القضاء أو الكفارة صريحا في الاخبار وميله فيه إلى عدم وجوبهما باعتبار ضعف دلالة التحريم على الافساد وكذا دلالة الافساد على وجوب الكفارة ولكنه بعيد من دأب الشيخ (ره) جدا ورابعها الكراهة ونسبه في المنتهى إلى السيد والظاهر أيضا من كلام الشيخ في التهذيب وخامسها أنه سايغ مطلقا نقله في المنتهى عن ابن أبي عقيل والجمهور والقول بالتحريم قوى للأخبار الدالة عليه منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) وقد تقدمت وهذا الرواية مذكورة في الفقيه وزيادات التهذيب بتبديل ثلث خصال بأربع خصال وكان الثلث لعد الطعام والشراب خصلة واحدة ولعطف الارتماس ثلث خصال ووجه هذه الرواية على التحريم إن مفهوم الكلام أن عدم الاجتناب عن الأربع يضر الصائم وأقله إيجاب الاثم إن لم يوجب القضاء والكفارة أيضا وحمل الضرر على ما يشمل فوت الكمال ليوافق القول بالكراهة الارتماس فمنع بعده على اللفظ يخل بالحصر أيضا لان المكروهات كثيرة ولا يمكن إدخال بعضها في الأربع كإنشاد الشعر مثلا بخلاف المحرمات إذا ليس فيها ما لا يمكن إرجاعها إلى الأربع إلا الكذب على الله والرسول وهو محرم بالأصالة وليس أصل تحريمه لأجل الصوم وإن تأكد فيه ثم إن عطف الارتماس على ما يوجب القضاء والكفارة لا يدل على إيجابه لها إذ المفهوم من الكلام ليس الاشتراك الأربع في أصل الضرر وأما التساوي فيه فلا يفهم أصلا واستحقاق العقاب الذي نقول به في الارتماس أعظم ضرر فلا تدل الرواية على أزيد منه ولا يمكن الاحتجاج بها على وجوب القضاء أو الكفارة كما ذكره المصنف (ره) في الشرح وقال أبو الصلاح إنما يتضرر في الصوم ببطلانه فيجب القضاء وضعفه ظاهر ومنها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الصائم يستنقع في الماء ولا يرتمس رأسه ومنها صحيحة حريز عنه (عليه السلام) قال لا يرتمس الصايم ولا المحرم رأسه في الماء ومنها صحيحة محمد بن مسلم أبى جعفر (عليه السلام) قال الصائم يستنقع في الماء ويصب على رأسه ويتبرد بالثبوت وينضج المروحة وينضج البوريا ولا يرمس رأسه في الماء ومنها رواية إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم قال ليس عليه قضاء ولا يعودن ومنها رواية حنان بن سدير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا ينغمس فيه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها ومنها رواية الحسن الصيقل قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصائم يرتمس في الماء قال لا ولا المحرم قال وسألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا والنهى وما في معناه في هذا الروايات يدل ظاهرا على التحريم خصوصا في صحيحة حريز ورواية الحسن لان النهى فيهما في المحرم على التحريم فكذا في الصائم ولا تعارض هذا الروايات موثقة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يكره للصائم أن يرتمس في الماء إذا الكراهة في الاخبار لا تحمل على المعنى الاصطلاحي وبالمعنى اللغوي لا تنافي الحرمة وحيث لم يوجد دليل تام على وجوب القضاء أو الكفارة فالأصل يقضى بعدم وجوبهما ويؤيده رواية إسحاق بن عمار أيضا ولكن الاحتياط فيهما خروجا عن خلاف من أوجبهما جيد ثم أعلم أن على القول بإفساد الارتماس للصوم فلا ريب في جوازه في النافلة كجواز الاتيان بباقي المفطرات فيها وأما على القول بالتحريم وعدم الافساد فيحتمل شمول الحكم للصوم المندوب أيضا الاطلاق النصوص وكلام الأصحاب وجواز
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503