مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٦
ذلك شئ مما حكيناه ويقوى في نفسي إنها تبطل لان من شرط الصلاة استدامة حكم النية وهذا ما استدامها وأيضا قوله (عليه السلام) إنما الأعمال بالنيات وقول الرضا (عليه السلام) لا عمل إلا بالنية يدل عليه وهذا عمل بغير نية ولأنه يبعد أن يكون الصلاة صحيحة إذا نوى الدخول فيها ثم نوى فيما بعد في حال القيام والركوع والسجود إلى آخر التسليم إنه يفعل هذه الأفعال لا للصلاة فيكون صلاته صحيحة فهذا المذهب أولى وأقوى وأحوط انتهى ورجع أيضا إلى هذا القول أي صحة الصوم وإجزائه مع تجدد العزم على الاتيان بالمفطر في أثناء النهار السيد الاجل المرتضى بعد ما كان فتواه أولا البطلان وعدم الاجزاء وادعى أخيرا إن الاجزاء هو الصحيح الذي يقتضيه الأصل هو مذهب جميع الفقهاء واختار هذا القول أيضا المحقق والعلامة (ره) في المنتهى ومقابل المشهور قولان أحدهما الاجزاء ووجوب القضاء والكفارة معا ذهب إليه أبو الصلاح كما نقله في المختلف والثاني عدمه ووجوب القضاء خاصة اختاره العلامة في المختلف ونقل فيه كلام السيد بطوله وأطال الكلام في الرد عليه والمصنف أيضا في الكتاب وفي البيان استوجهه أما دليل الشيخ فما نقلناه عن الخلاف مع ما ذكره في الرد عليه وخلاصة ما يستفاد من كلم السيد إن الأكل والشرب ينافيان الصوم دون عزم الأكل والشرب والعزم المذكور وإن كان ينافي نية الصوم ولكن لا ينافي حكمها وحكم النية غير النية نفسها لان النية إذا وقعت في ابتداء الصوم استمر حكمها في باقي اليوم وإن لم يكن مقارنة لجميع أجزائه بل إذا وقعت في أول الشهر يؤثر في جميع أيامه ألا ترى إن منافاة كل من الغروب والنوم والاغماء للنية إن وقع في وقتها وقارنها أشد من منافاة العزم على الافطار لها مع أنه لم يجب أن ينقطع استمرار حكم النية لتجدد شئ منها فكذلك لا يلزم أن ينقطع لتجدد العزم على الافطار بالطريق الأولى والنية إنما يعتبر في الابتداء وقد حصلت ولا اعتبار بها في سائر أجزاء اليوم وإلا لوجب تجديدها في كل آن ولا يقول به أحد وإنما الاعتبار بحكمها وهذا العزم لا ينافيه ولعلك يمكنك أن تعلم ما فيه مما ذكرناه في بيان وجوب حكم النية إذ قد عرفت إنه لو أحدث عن (نا) مخالفا للعزم الأولى يسند العقل والعرف صدور الفعل إلى الإرادة الناشية عنه دون الناشية عن العزم الأول فيلزم بطلان حكمه ولا تعنى ببطلان حكمه إلا ذلك كما علمت وهذا بخلاف تجدد الغروب وأمثاله لان إسناد صدور الفعل معها عرفا وعادة إلى الإرادة الناشية عن العزم الأول أليس إذا سافر زيد إلى بلدة بعيدة عن بلده وشرع في السفر بقصد الوصول إلى تلك البلدة ثم ذهل وقت النزول والارتحال في جميع منازل الطريق عن هذا القصد وذلك الوصول وسئل سايل فقال ما الباعث لزيد على هذه الحركة وهذا السفر فيقولون الإرادة الناشية عن قصد الوصول إلى هذه البلدة بخلاف ما لو انفسخ عزمه في أثناء الطريق ولكن عرض له خوف عن جاير لو لم يتحرك أو سمع بجاير في سمت حركته فتحرك حتى وصل إلى تلك البلدة فإنه لو سئل حينئذ عن باعث حركته لقيل الإرادة الناشية عن قصد التخلص عن أذى هذا الجاير أو إنقاذ ذلك الجاير ويمكن أن يقال على هذا إن من تجدد له الارتداد وقصد الرياء أو الخروج عن الصوم مثلا في أثناء النهار فلا ريب في أنه يخرج في هذا الزمان لأجل ذلك عن حكم النية الأولى البتة وأما من تجدد له العزم على تناول المفطر ولكن لم يتناول شيئا فالحكم بخروجه حينئذ عن حكم النية الأولى لا يخلو عن إشكال إذ لا حجر في اسناد تركه حينئذ أيضا إلى التوطين الأول لا عقلا ولا عرفا نعم لو كان له مع تجدد هذا العزم باعث على الترك كحضور شخص يحتشمه ونحو ذلك بحيث لو لم يكن ذلك لتناول البتة لكان كفه حينئذ مستندا عقلا وعرفا إلى هذا الباعث ويرجع إلى أحد الفروض السابقة ولو عرض له العزم على تناوله بعد حين فعدم خروجه بذلك عن حكم النية أظهر ولقد اعترف العلامة بمثل ما قلناه في كتاب الصلاة من المختلف وهذه عبارته فنقول إن نوى قطع الصلاة أو إنه خارج منها أو نوى بفعل يفعله غير الصلاة من أفعال الصلاة بطلت صلاته لأنه قطع حكم النية قبل اتمام فعله فأبطل الفعل وأما إذا نوى إنه سيخرج من الصلاة أو سيفعل ما ينافيها من حدث أو كلام فإن صلاته لا تبطل بمجرد النية فإن المنافي للصلاة إنما هو الكلام لا العزم عليه وما استدل به الشيخ ومذكور في كلام السيد أيضا من أنهم عليهم السلام ذكروا لنا شرايط الصوم وآدابه وفرايضه وسننه ونواقضه وقواطعه ولم يتعرضوا لشئ مما حكيناه أصلا فإنما يجري في عزم تناول المفطر دون ساير ما ذكره معه لكثرة ورود الحكم بحبط العمل وبطلانه بالشرك والرياء وعدم الخلوص لله تعالى في الآيات الكريمة والروايات الشريفة وإذا عرفت هذا فاعلم إنه يمكن حمل كلام السيد (طاب ثراه) على ما ذكرنا لولا ما تجدد في طي كلامه من عبارات مختلفة توجب توقف الناظر في إسناد صدور كلامه إلى هذا القصد وعليك الرجوع إلى المختلف لتعرف ما قلناه وقال العلامة في الرد عليه (طاب ثراه) ما حاصله إن ما ذكره من عدم المنافاة بين عزمه على الأكل والشرب وبين الصوم ممنوع لان الصوم عبارة عن توطين النفس على الكف عن المفطرات أو إحداث كراهة لها والعزم المذكور لا يجامع شيئا منهما وفيه إن مع عدم المنافاة غير مناسب لان الصوم إذا انعقد صحيحا فالأصل بقاء صحته إلى أن يثبت عروض المنافي وبعد الحمل على المنع اللغوي نقول قد عرفت إنه لا بد من إرجاع التوطين المذكور إن اعتبرناه طول النهار إلى حكم النية وأثرها ونحو ذلك لئلا يلزم فساده
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503