مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
الاشتغال بالقبايح والمعاصي أو المباحات التي لا حاجة إليها يفسد الاعتكاف لان الاعتكاف هو اللبث للعبادة فإذا فعل قبايح ومباحات لا حاجة إليها فما لبث للعبادة وخرج عن حقيقة المعتكف اللابث للعبادة وقال في المختلف في مقام الرد عليه ونحن نطالبه بوجه ما قاله واحتجاجه أضعف من أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة فإن الاعتكاف لو شرط فيه دوام العبادة بطل حالة النوم والسكوت وإهمال العبادة وليس كذلك بالاجماع والعجب إن ما أورده عليه يرد على ما أفاده في المنتهى كما قلنا وقال في المنتهى أيضا ولا بأس أن يأكل في المسجد ويغسل يده في طست يفرغ خارج المسجد ولا يجوز له أن يخرج لغسل يده لان منه بدأ ولا يخرج للطهارة ولا لتجديدها ولا يجوز له أن يبول في المسجد في آنية ولا أن يفتصد ولا يحتجم وكان غسل اليد في الطست والافراغ خارج المسجد على سبيل الاستحباب لرعاية حرمة المسجد إذ يجوز غسله في المسجد إلا أن يتضمن ضررا على المسجد أو المصلين وعدم جواز البول في آنية في المسجد لما فيه من الامتهان المنافي لاحترام المسجد وكان المنع عن الفصد والحجامة مع أمن تعدي النجاسة باعتبار الامتهان أيضا ولا يخلو عن تأمل وقال الشيخ في الخلاف من أكل طعاما في المسجد يحتاج إلى غسل يده فالأولى أن يغسلها في طست ونقل الماء إلى خارج المسجد فإن خرج لغسل يده لم يبطل اعتكافه وقال الشافعي يبطل دليلنا إن هذا خروج محتاج إليه وقد استثنى ذلك عليه وما ذكره في المنتهى من عدم جواز الخروج لغسل اليد رد على تجويز الشيخ وكأنه أظهر وأما درس العلم وتدريسه وتلاوة القرآن فهو أفضل من الصلاة ندبا فيستحب للمعتكف الاشتغال به وأما الأفضلية فلان العلم أفضل العبادات ونفعه يتعدى ويوجب البصيرة في أصل الدين وتلاوة القرآن مع التدبر يوجب مزيد العلم وانكشاف المسائل الدينية والاطلاع على الحكم والاسرار الخفية فكان أولى من الصلاة المندوبة وخالف فيه أحمد فقال لا يستحب له إقراء القرآن ولا دراسة العلم بل التشاغل بذكر الله تعالى والتسبيح والصلاة أفضل واحتج بأنها عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب فيها إقراء القرآن وتدريس العلم كالصلاة والطواف وفساد قياسه واضح لان الصلاة شرع لها أذكار مخصوصة وخشوع واشتغاله بالعلم يقطعه عنها وأما الطواف فلا يكره فيه إقراء القرآن ولا تدريس العلم ولا يستحب له الصمت عن ذكر الله تعالى لعدم ورود التعبد به في شريعة الاسلام بل يحرم إن اعتقده لاحداث البدعة في الدين ولو نذره في اعتكافه بطل النذر لأنه نذر في معصية وقال في المنتهى وهو قول فقهاء الاسلام ولو جعل كلامه في اغراضه بالقرآن كره لان احترام القرآن يقتضي خلاف ذلك وقد ورد في الحديث لا تناظر بكتاب الله ولا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وقيل معناه لا تجعلهما مثلا كقول القايل لمن جاء في الوقت الذي يريد ثم جئت على قدر يا موسى وما أشبه ذلك مما يتمثل به وقيل معناه لا تجعل لهما شبها ونظيرا فتدعهما وتأخذ به وعلى هذا فلا تعلق له بتلك المسألة درس لا يجب الاعتكاف إلا بنذر أو عهد أو يمين قد مر إن أهل العلم أجمعوا على أن الاعتكاف ليس بفرض في أصل الشرع وإنه مستحب فيصح تعلق النذر والعهد واليمين به فيجب لأجل تعلقها أو نيابة عن الأب إذا استقر الوجوب عليه في حياته ولم يأت به حتى مات وقال الشيخ في المبسوط من مات قبل انقضاء مدة اعتكافه في أصحابنا من قال يقضي عنه وليه أو يخرج من ماله إلى من ينوب عنه قدر كفايته لعموم ما روي إن من مات وعليه صوم واجب وجب على وليه أن يقضي عنه أو يتصدق عنه وينبغي تقييد ما ذكره باستقرار الوجوب في ذمته وإلا فلا وجه لوجوب القضاء على الولي مع عدم تفريط الميت وعدم تمكنه من الاتيان به إلى قولين ولا يخلو عن بعد وفي المسألة اشكال سيجئ الإشارة إليه من المصنف (ره) إذ لا نص على قضاء الاعتكاف عن الميت ووجوب الاعتكاف لا يستلزم وجوب الصوم لجواز إيقاعه في صوم مستحق كشهر رمضان كما عرفت فالحكم بوجوب القضاء على الولي في محل الاشكال نعم لو نذر الصوم معتكفا فمع تمكنه وتفريطه لا يبعد الحكم بوجوب قضاء الصوم على الولي للعمومات وبتبعيته بوجوب الاعتكاف أيضا وتفصيل البحث في قضاء الولي وتعدد الأولياء ما سبق في بحث الصوم أو غيره إذا كان الولي غير الابن على ما سبق من اختيار المصنف (ره) إن الولي أكبر أولاده الذكور ومع فقده فأكبر أهله من الذكور إلى آخر ما ذكره كما هو رأي المفيد وظاهر القدماء أو باستيجار لفعله للميت وليس في بعض النسخ كلمة أو وعلى هذا فالجار متعلق بوجوب النيابة عن غير الأب والنسخة الأولى أوفق بمذهبه وأمضى يومين فيجب الثالث في المندوب على الأقوى وهو مذهب ابن الجنيد وابن البراج وابن حمزة والمحقق في الشرايع وجمع من المتأخرين وهو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية حيث قال من اعتكف ثلاثة أيام كان فيما زاد عليها بالخيار إن أراد أن يزداد ازداد وإن أراد أن يرجع رجع فإن صام بعد الثلاثة يومين آخرين لم يجز له الرجوع وكان عليه إتمام ثلاثة أيام أخر وإن كان قد زاد يوما واحدا جاز له أن يفسخ الاعتكاف وهذا الكلام كما يمكن تطبيقه على قول المصنف (ره) يمكن تطبيقه على مذهب أبي الصلاح أيضا حيث ذهب إلى وجوب الثلاثة بالدخول ثم بعد مضي الثلاثة هو بالخيار إلى أن يمضى يومان آخران وبعد مضي اليومين يجب السادس وكلامه بعد ذلك في النهاية أظهر في مذهب المصنف فقال وينبغي للمعتكف أن يشترط على ربه في حال ما يعزم على الاعتكاف كما يشترط في حال الاحرام فإنه إن عرض له مرض وما أشبهه كان له الرجوع فيه فإنه متى فعل ذلك ثم عرض له مرض جاز له أن يرجع فيه أي وقت شاء وإن لم يشترط
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503