مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٨
ذكر شرايطه وأحكامه فبدء بالنية وقال على سبيل التفريع على كونه عبادة شرعية بل محض توطين النفس لله تعالى على ترك الثمانية فيشترط (نيه الوجوب) أي قصد الصوم بعنوان الوجوب إن كان واجبا فاكتفى بذكر الوصف عن ذكر الموصوف الذي هو الأصل لظهوره أو الندب كما عرفت إن كان مندوبا ولا ريب في لزوم التعرض لأحدهما مع صلاحية الزمان لوقوع الصوم فيه والشخص لصدوره عنه على الوجهين لتميز العبادة ويتشخص تشخصا لا يحصل إلا بالقصد أما لو تعين أحدهما لأحدهما بأصل الشرع أو بسبب عارض كشهر رمضان وما يتعلق به النذر بخصوصه أو يوم غير أيام الشهر لمن ليس عليه صوم ومن عليه صوم وقلنا بعدم جواز النفل لمن اشتغلت ذمته بالفرض فالتعرض أولى خروجا عن خلاف من أوجبه كالمصنف في هذا الكتاب كما ذكره مرارا أو سيجئ زيادة بحث في ذلك ولفظ الاشتراط يشعر بما سبق منه في نية الصلاة من أنهما تشبه الشرط من وجه وتفصيله في الذكرى وشبه نية الصوم بالشرط أقوى من شبه نية الصلاة بجواز تقديمها على الفجر الذي هو أول وقت الصيام (والقربة) وفاقا بأن يقصد فعله لله تعالى امتثالا لامره أو طلبا للتوجه إلى جنابه به أو للرفعة عنده بواسطته تشبيها بالقرب المكاني والأخير أقرب باللفظ ولكن المعتبر أحدها وإيثار هذه اللفظية لورودها كثيرا في الكتاب والسنة وقد مر من المصنف في بحث الوضوء تفسيرها بموافقة إرادة الله تعالى واعتبر ابن زهرة في النية قصدا لطاعة لله لان بذلك الفعل عباده والقربة وفسرها بطلب المنزلة الرفيعة عنده نيل ثوابه لأنه الغرض المطلوب بطاعته وضعفه ظاهر (ليلا) ظرف زمان للنية متعين في الواجب المعين كصوم رمضان والنذر المعين للعالم العامد ويتضيق وقتها حين يطلع الفجر ولا يجوز تأخيرها عن طلوعه وإن يحصل العلم به فلوا أخرها عن ذلك عامدا يفسد ذلك اليوم ويجب عليه قضاؤه دون الكفارة للأصل وما قيل من أن فوات الشرط والركن أشد من فوات متعلق الامساك فضعيف والدليل عليه إن الصوم عبادة واجبة في كل النهار والامساك العدمي الذي هو حقيقة الصوم لا تصير عبادة إلا بالنية ولهذا ورد في نية الصوم من الآثار ما ليس في غيرها كما ستقف عليه فلو وقعت في النهار لزم خلو جزؤ منه البتة عن العبادة المأمور بها وحيث لا يمكن اعتبارها مقارنة للجزء الأول منه كما في ساير العبادات لتعذر ذلك في العبادة المستغرقة للوقت أو تعسره أجاز الشارع إيقاعها قبله في الليلة أو في أول أن يتحقق طلوعه كما سيجئ من تجويز المصنف (ره) مقارنتها لطلوع الفجر وتعين ذلك اليوم شرعا للصوم غير مفيد للاتيان به مع الاخلال بشرطه عمدا في بعض أجزائه واعتقاد ذلك للناسي والجاهل ومن تجدد عزمه على صوم غير معين لدليل شرعي يدل على الاعتقاد لا يدل على اغتفاره للعامد العالم بوجوبه على التعيين بالطريق الأولى بل ظهور عذرهم يقيد كمال أولويتهم هذا ما يدل عليه بحسب الاعتبار وأما بحسب الآثار فالخبر المشهور عنه صلى الله عليه وآله لا صيام لمن لا يبت الصيام من الليل وقوله صلى الله عليه وآله من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له خرج عنه من خرج بالدليل كصاحب الاعذار وبقى الباقي وقوله (عليه السلام) في الخبر الأول لا يبت وفي رواية لم يبت من البيت بمعنى القطع والعزم أما بفتح المضارعة وضم الموحدة مضارع بت أو بضم المضارعة وكسر الموحدة مضارع لبت والمعنى لا صيام لمن لم ينوه ويجزمه فيقطعه من الوقت الذي لا صوم فيه وهو الليل ثم أنه لا فرق بين أجزاء الليل في ذلك لعدم دليل شرعي يدل على التخصيص فيصح إيقاعها في أي جزء كان منه و قال بعض الشافعية إنما تصح النية في النصف الثاني من الليل دون الأول لاختصاصه بأذان الصبح والدفع من مزدلفة وفساده أظهر من أن يخفى أو نهار (للناسي إلى زوال الشمس) يعنى إن الناسي لها ليلا في الواجب المتعين يوقعها عند التذكر فورا ويجزيه ذك إلى الزوال إذا لم يكن أحدث ما ينقض الصيام وأما بعد الزوال فلا وكذا لو أخرهما عن التذكر عامدا أما صحة الصوم لو أوقعها عند التذكر إلى الزوال فظاهرهم أنه موضع وفاق عند الأصحاب قال في المختلف ويظهر من كلام ابن أبي عقيل إن الناسي كالعامد في رمضان وأنه لو أخل بالنية من الليل لم يصح صومه وحكم بعض الأصحاب بندور قوله تصحيحا للوفاق أقول وليس كالأمة ظاهرا في حكم الناسي لأنه على ما نقله في المختلف هكذا ويجب على من كان صومه فرضا عند آل الرسول (عليهم السلام) أن يقدم النية في اعتقاد صومه ذلك من الليل ومن كان صومه تطوعا أو قضاء رمضان فأخطاء أن ينوى من الليل فنواه بالنهار قبل الزوال أجزاه وإن نوى بعد الزوال لم يجزه ولا دلالة في هذا الكلام على حكم الناسي في رمضان إلا في مفهومه قوله فأخطأ أن ينوى من الليل إن حملنا الخطأ على النسيان وهو غير ظاهر بل الظاهر أنه عبر عن عدم إيقاع النية في الليل بالخطأ ويرجع إلى بيان حكم العامد كما لا يخفى واستدل على المشهور في المختلف بقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وإيجاب القضاء يستلزم عدم رفع حكم النسيان وقال خالي طاب ثراه وفيه نظر لان المراد في الخبر دفع المؤاخذة والعقاب فلا يدل على عدم القضاء وأنت خبير بأن التخصيص مما لا دليل عليه ظاهرا ووجب القضاء مع النسيان في بعض العبادات بالدليل إلا يدل على عدم العموم ولكن لا يبعد دعوى تبادر فهم الخاص من الفظ مع أنهم قد بحثوا عن ذلك واستقر رأى المحققين على أن المراد بالخبر هو الخاص أي رفع المؤاخذة لا رفع جميع الأحكام واختار محمد بن إدريس الحمل على العموم وقد صدر عن أكثرهم الاستدلال به في مقام العموم واستدل عليه أيضا بفحوى الأخبار الدالة على انعقاد الصوم من المريض والمسافر إذا أزال عذرهما
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503