مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٣
فلدليل ليس في غيره وهو ما ادعياه من الاجماع وأما عندهم فالقياس لا يجرى في غيره وهو ما ذكره سابقا من أنه نوى في زمان يصلح جنسه لنية الصوم لا يتخلل بينه وبين فعله زمان لا يصلح جنسه لصوم سواه فجاز ذلك كما لو نوى اليوم الأول من ليلته فيبقى الباقي على أصالته (وفيه قولان أجودهما التعدد) قال في البيان وفي شهر رمضان خلاف فذهب الأكثر إلى الاكتفاء بنية واحدة من أوله ونقل فيه المرتضى والشيخ الاجماع والأقرب وجوب تعددها وقال في اللمعة المشهور بين القدماء الاكتفاء بنية واحدة للشهر وادعى المرتضى فيه الاجماع وقال الشهيد الثاني (ره) في شرحه ووافقهم من المتأخرين المحقق في المعتبر والعلامة في المختلف استنادا إلى أنه عبادة واحدة وكذلك قال في المسالك أيضا وما نسبه إلى المحقق في المعتبر فباعتبار أنه قال فيه بأولوية تجديد النية لكل يوم في ليلة وهذا يدل على اختياره الاجتزاء بالواحدة وأما ما نسبه إلى العلامة في المختلف فغير صحيح لأنه (ره) قال فيذهب الشيخان والمرتضى وسلار وأبو الصلاح إلى أن شهر رمضان تكفى فيه نية واحدة من أوليه والأقرب المنع ثم جرى على ذلك إلى آخر نقل الأدلة والأبحاث وكأنه طاب ثراه اعتمد على حفظه في هذا النقل ولم يتيسر له الرجوع إلى الكتاب ثم أن المفهوم من عباداتهم وأدلتهم انحصار قولهم في الاثنين الأول جواز الاكتفاء بالنية الواحدة في الشهر مطلقا والثاني عدم جواز الاكتفاء بها فيه مطلقا فما وقع في بعض القيود من الاجتزاء بالنية الواحدة لناسي النية الخاصة لليوم دون الذاكر أحداث قول ثالث كما صرح به في المسالك ومستند القول الأول أولا قياسات مأخوذة من العامة لا يعمل بها عندنا منها ما ذكرناه ومنها أن صوم الشهر عبادة واحدة حرمته حرمة واحدة يخرج منه بمعنى واحد هو الفطر فصار كصلاة واحدة ومنها أن حرمته حرمة واحدة فتؤثر فيه النية الواحدة كما أثرت في اليوم الواحد لما وقعت في ابتدائه وضعف هذه القياسات وإمكان بيان الفرق ظاهر جدا وثانيا وهو العمدة الاجماع الذي ادعاه المرتضى والشيخ وقال السيد في مسايل الرسية على ما نقله في المختلف يعنى النية الواحدة في ابتداء شهر رمضان عن تجديدها في كل ليلة وهو المذهب الصحيح الذي عليه إجماع الإمامية ولا خلاف بينهم ولا رووا خلافه وأجاب عنه في المختلف بمنع الاجماع وقال في المنتهى ولم يثبت عندنا ذلك وقال في المعتبر لا نعلم ما ادعياه من الاجماع وكان حاصل المنع وعدم التسليم في أمثال تلك المواضع يرجع أما إلى ظهور الخلاف بحيث لا يفيد نقل الواحد والاثنين الظن بالاجماع فلا بد حينئذ من تأويل في كلام الناقل خصوصا إذا علم من دأبه التسامح في ذلك كثيرا وأما إلى أن التتبع يفيد أن بناء نقل هذا الاجماع على عدم التصريح بالخلاف باعتبار عدم تعرضهم للحكم وذلك لا يفيد الظن بالوفاق لان من عدم التعرض للرد بسبب عدم التعرض للحكم لا يحصل الظن بالتسليم وإنما يتيسر ذلك لمثل العلامة والمحقق من المتتبعين لأقوال القدماء العارفين بتفاصيل فتاويهم واختلافاتهم العالمين بدأب الناقلين وطريقتهم واستنادهم في النقل وثالثا إشعار قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه بأنه عبادة واحدة فيكفي فيه نية واحدة وضعف إشعار قوله عز وجل بذلك واضح ومستند القول الثاني ما عرفت من أن صوم كل يوم عبادة منفردة لا يفسد بفساد ما قبله ولا بما بعده فيفتقر إلى نية متصلة به حقيقة أو حكما كغيره من العبادات ويؤيده ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله لا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل وقال خالي طاب ثراه واستدل على هذا القول بأن مقتضى الدليل وجوب المقارنة خرجنا عنه في القدر المتقين للنص والاجماع وبقى غيره على مقتضى الأصل قال وفيه تأمل لان إثبات وجوب المقارنة بحسب الدليل لا يخلو عن اشكال نعم لقائل أن يقول تحصيل العلم بالبراءة ومن التكليف الثابت يقتضى وجوب تجديد النية بناء على ما ذكرنا سابقا من عدم ثبوت كون النية شرطا خارجا وعدم ثبوت كون الصوم حقيقة شرعية في نفس الامساك من غير اعتبار استجماعه للشرايط المؤثرة في الصحة انتهى أقول ارتباط ما ذكره من الدليل بالمطلوب غير واضح لان بناء قول الخصم على أن صوم الشهر عبادة واحدة كما مر التصريح بذلك في كلامهم مراد أو لا ريب أن المقارنة أو ما في حكمها إنما يعتبر للجزء الأول من العبادة فيكفي بناء عارية وقوع النية في الليل الأول من الشهر فإنما يثبت المطلوب أعني وجوب تعدد النية بإثبات أن صوم كل يوم عبادة منفردة كما ذكرنا في الدليل وليس ذلك في كلامه (ره) أصلا لا في الدليل ولا في مقام الرد بل بناء كلامه على البحث عن وجوب المقارنة وعدمه وقوله إثبات وجوب المقارنة بحسب الدليل لا يخلو عن إشكال لا يخلو عن نظر لان إثبات وجوب المقارنة بحسب الدليل على وجه يدعونه وإن كان لا يخلو عن إشكال لكن لا ريب في النية السابقة بالأيام والليالي مع الذهول وقت الأداء بالكلية عنها في حكم العدم ولا فايدة لها أصلا في جعل هذا الفعل عبادة بل يحكم العقل بأن صدور هذا الفعل على سبيل الاتفاق أو لغرض آخر كان منظورا للفاعل وقت الفعل وباعثا على فاعليته ولا يعد ذلك امتثالا لأمر الامر وانقياد الحكمة كما لو يكن سبق تلك النية أيضا يشهد بذلك المتأمل مع سلامة الوجدان نعم يمكن القول بكفاية الالتفات الاجمالي إليها فلو كان غرض القايل بوجوب التجديد الالتفات التفصيلي لكان لهذا البحث وجه سديد وما ذكره من أن تحصيل العلم بالبراءة من التكليف الثابت يقتضى وجوب تجديد النية فمحل تأمل أما أولا ذكرناه سابقا من العلم بالبراءة إنما يعتبر مما علم التكليف به
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503