مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٥٠١
وعندي إن ذلك كله مع ظهور التفاوت وتفاحشه كيف ولو قلنا بلزوم تشخيص القرب والبعد في جميع المواضع المحتملة وفي الطرق إليها ولزوم حفظ المشي عن أدنى قصور عن المعتاد والمكث عن أدنى زيادة عن قدر الضرورة فيتعسر بل يتعذر أمر هذه العبادة في الغالب ويلزم الضيق والحرج المنفيان في الشريعة السمحة السهلة وذكر في المنتهى في فروع جواز الخروج للتخلي إنه لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام فيجد المشقة بدخولها لأجل الناس فعندي هاهنا يجوز أن يعدل عنها إلى منزله وإن كان أبعد وهذا الاستثناء لا يخلو عن تأمل لما عرفت من إشكال جواز رعاية الاحتشام في الأمور المتعلقة بالعبادات إلا أن يتفق في الفرض المذكور أمور خارجية يتضمن بسببها الدخول في السقاية مشقة شديدة وذكر أيضا إنه لو بذل له صديق منزله وهو قريب من المسجد لقضاء حاجته لم يلزم الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضي إلى منزله ولا فرق بين أن يكون منزله بعيدا بعدا متفاحشا أو غير متفاحش في ذلك ما لم يخرج عن مسمى الاعتكاف بأن يكون منزله خارج البلد مثلا وناقش المحقق الأردبيلي (ره) فيه بأن لا احتشام في دخول منزل الصديق بالاذن كيف ويجوز الاكل في بيته من غير إذنه والحق إن كمال الاحتشام قد يكون في دخول بعض منازل الأصدقاء لخصوص قضاء الحاجة وقياسه على الاكل قياس مع الفارق والظاهر عدم لزوم قبول ذلك من الصديق وإن لم نقل بجواز رعاية الاحتشام في بعض الأمور المتعلقة بالعبادات كمالا يلزم قبول هبته وإباحته في أكثر ما يحتاج إليه العبادات وفي خروجه للاذان في الميذنة قول بالجواز للشيخ فقال في المبسوط ويجوز للمعتكف صعود المنارة والاذان فيها سواء كانت داخلة المسجد أو خارجه لأنه من القربات وقال في الخلاف يجوز للمعتكف أن يخرج فيؤذن في منارة خارجة الجامع وإن كان بينه وبين الجامع فضاء ولا يكون في الرحبة ونقل عن الشافعي قولين ثم قال دليلنا إن ما روى في الحث على الاذان من الاخبار لم يفصلوا فيه بين حال الاعتكاف وغير حاله فوجب أن يكون على عمومها واحتج له في المنتهى أيضا بأن هذه المنارة بنيت للمسجد وآذانه فصارت كالمتصلة به ولأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك بأن يكون مؤذن المسجد وقد عرف صوته ووثق بمعرفته بالأوقات فجاز له ذلك ثم قال موافقا للمعتبر وفيما ذكره الشيخ (ره) إشكال لان الاذان وإن كان مندوبا إلا إنه يمكن فعله في المسجد فيبقى الخروج لغير ضرورة وقيده بعضهم بكونه معتادا للاذان ولا يبلغ لو أذن في المسجد لم استبعد قول الشيخ وحاصله إنه يمكن إدخاله حينئذ في حاجة لابد منها وقد ورد في الخبر الصحيح جواز الخروج لها ويؤيد شمولها لمثل ذلك ما يفهم من الاخبار من شمولها لشهود الجنازة وعود المريض وما نقلنا من الأدلة لما ذهب إليه الشيخ (ره) فضعفها واضح بعد انعقاد الاجماع وورود الأخبار الصحيحة في المنع عن الخروج من غير ضرورة كما عرفت ولو صعد سطح المسجد فكالخروج إن لم يكن السطح أو الطريق إليه من المسجد فما ذكره واضح وإن كان من المسجد فالحكم بأنه كالخروج باعتبار عدم دخول السطح في مسماه وعدم اطلاق الكاين في المسجد عرفا على الصاعد عليه وفيه تأمل وقيل لا قال العلامة في المنتهى يجوز للمعتكف الصعود إلى السطح في المسجد لأنه من جملته وبه قال الفقهاء الأربعة ويجوز أن يبيت فيه وتعليله يشعر بأن مراده السطح الواقع داخل المسجد كما ذكرنا ويحرم عليه نهارا ما يحرم على الصائم لأنه صائم ويحرم عليه البيع والشراء والطيب حتى الريحان على الأقوى والاستمتاع بالنساء والمماراة ليلا ونهارا أما تحريم البيع والشراء عليه فالظاهر وفاق أصحابنا عليه ونقل في المنتهى الخلاف فيه عن الشافعي في أحد قوليه ويدل عليه أيضا ما تقدم في صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري ولا يشتري ولا يبيع واستدل عليه في المنتهى أيضا ببعض وجوه لا يخلو عن ضعف ثم أمثالهما من العقود كالصلح والإجارة وكذا الايقاعات فالأصل فيها الإباحة ولا دليل على تحريمها سوى القياس الذي لا نعمل به وأما تحريم الطيب فعليه الأكثر لورود النهي عنه معنى في صحيحة أبي عبيدة ويؤيد كونه للتحريم دخول المحرمات تحته كالبيع والشراء والمماراة والظاهر أن شم الريحان أيضا كالطيب لوروده معه في الصحيحة والظاهر أن المراد بالتلذذ الشم وبالريحان كل ما له رايحة طيبة من النباتات وشموله للفواكه الطيبة غير ظاهر والأصل يقتضي إباحتها وخالف الشيخ في تحريم الطيب في المبسوط فقال ويجوز له أن ينكح وينكح وينظر في أمر معيشته وضعته ويتحدث بما شاء من الحديث بعد أن يكون صباحا ويأكل الطيبات ويشم الطيب وكان مستنده أصل الإباحة وقد عرفت ما يوجب العدول عنه وذهب في النهاية إلى تحريم الطيب و كذا في الخلاف وادعى عليه الاجماع فقال في النهاية وعلى المعتكف أن يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم من النساء والطيب والرياحين إلى آخر ما ذكره وقال في الخلاف لا يجوز للمعتكف استعمال شئ من الطيب وقال الشافعي يجوز ذلك دليلنا إجماع الفرقة واستدل عليه أيضا بالاحتياط وأما تحريم الاستمتاع بالنساء فمقطوع به في كلام الأصحاب والمراد منه الجماع قبلا أو دبرا أنزل أم لم ينزل والقبلة واللمس بشهوة والأصل فيه قوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها وقال في المنتهى يجوز أن يلامس بغير شهوة ولا نعرف فيه خلافا لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف ويظهر من المختلف وغيره تقييد تحريم القبلة أيضا بالشهوة وقرب فيه تحريم النظر بشهوة أيضا وأما تحريم المماراة فلما تقدم في صحيحة أبي عبيدة وقال
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503