مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
عليه وأما احتجاجه بالخبرين ففيه أولا إن الظاهر من خبر محمد بن مسلم اعتبار مواراة الشخص عن البيوت لا مواراة البيوت عن الشخص كما يقولونه ويمكن ادعاء ظهور إن هذا من باب القلب كما فهمه الأصحاب لان اللايق في هذا المقام نصب علامة للمسافر يمكنه العلم بها بسهولة في بادي النظر حتى يعمل بها وظاهر أنها مواراة البيوت عنه لا مواراته عنها وثانيا إن كل خبر لا يدل إلا على اعتبار إمارة واحدة فكيف يمكن الاحتجاج بهما على اعتبار الامارتين معا لا يقال في اعتبار الامارتين عمل بمدلولهما معا كما افاده الشهيد الثاني حيث قال في شرح الارشاد والجمع بين الخبرين يحصل بالعمل بمدلولها معا والمتقدمون جمعوا بينهما بالتخيير وليس بواضح ولعله أراد بالتخيير الاكتفاء بكل واحد منهما كما هو زعم المتقدمين وفيه تكلف لأنا نقول المستفاد من خبر محمد بن مسلم جواز القصر بل وجوبه عند المواراة وخبر عبد الله بن سنان يدل على وجوب التمام عند السماع ووجوب القصر عند عدمه فإذا تخلف المواراة عند عدم السماع وحكمنا عليه بوجوب التمام كما يلزم من القول باعتبارهما معا فما عملنا بظاهر خبر عبد الله وإذا تخلف عدم السماع عن المواراة وحكمنا عليه بوجوب التمام فما عملنا بظاهر شئ من الخبرين البتة فقد ظهر إن على رأى المتأخرين لا بد من ارتكاب تكلف حمل الامر بالقصر وما في معناه عند تحقق العلامة على أنه لا بد في القصر من تحققها وعلى طريقة القدماء لا بد من ارتكاب تكلف حمل الامر بالتمام عند سماع الاذان على هذا المعنى ولا يبعد ادعاء إن التكلف على طريقتهم أقل منه على طريقة المتأخرين والعجب إن الشهيد الثاني مع أنه قد أسقط عن رواية عبد الله بن سنان حديث الامر بالتمام عند السماع حكم بعدم وضوح ما فعله المتقدمون كما ترى وهو أعرف بما قال والذي أظنه إن بناء تحديده (عليه السلام) للقصر تارة بعدم سماع الاذان وتارة بخفاء الجدران على ما هو الغالب من عدم انفكاكهما في أكثر المواضع والمعتبر خفائهما معا والفرض من ذكر كل منهما منفردا تسهيل الامر على المكلف بالتعويل على ما تيسر له منهما مع الاعتماد على ما هو الغالب وعلى هذا فلو فرضنا موضعا على سبيل الندرة يوجد فيه أحدهما دون الاخر فيجب عليه فيه التمام في الذهاب ويعضده الاستصحاب أيضا وأما في العود فالظاهر أيضا الحكم فيه بالتمام لخبر عبد الله بن سنان بضميمة ما قلناه في وجه ذكر إحدى الامارتين ولأن اعتبار تحقق الامارتين في الخروج إنما هو لكون ما دون ذلك في حكم البلد فلا يقصر فيه واحتج العلامة في المختلف على هذا المطلب بأن حد ابتداء السفر أحدهما فيكون هو نهايته إذ الأقرب لا يعد قاصده مسافرا كما في الابتداء وكان خلاصته ما ذكرناه وأراد بحد ابتداء السفر الحد الذي لا يكون الشخص عنده مسافر شرعا وبالتجاوز عنه يصير مسافرا وضمير أحدهما للمشاهدة والسماع وكون أحدهما حد ابتداء السفر لأجل أن ابتداء السفر على رأيه كما عرفت انتفائهما معا وقوله إذا الأقرب لا يعد قاصده مسافر إلا يخلو عن تكلف والأظهر أن يقال لان من كان في هذا الحد لا يعد مسافر والمحقق (ره) اعتبر في الإياب الاذان وحده عملا بظاهر النص إذ لا نص في جانب العود على اعتبار المواراة واحتج من جعل المبسوط فيه دخول المنزل بما رواه العيص بن القاسم في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته وما رواه إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله ويؤيده الأصل والاستصحاب أيضا والجواب أنه لا بد للجمع من حمل البيت والأهل على ما دون الخفاء فإنه يحكم المنزل والداخل فيه بحكم المقيم وفرض دخول بيوت الكوفة في الخبر الثاني لا يأبى عن ذلك فإنها كانت واسعة الخطة فلعله دخل منها ما لا يسمع فيه أذان محلته وربما يشعر بذلك موثقة عبد الله بن بكير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة له بها دار ومنزل فيمر بالكوفة وإنما هو مجتاز لا يريد المقام إلا بقدر ما يتجهز يوما أو يومين قال يقيم في جانب المصر ويقصر قلت فإن دخل أهله قال عليه التمام ويحتمل أيضا أن يكون الكوفة نهاية السفر في الذهاب فسأل الراوي عن حكم وجوب التمام أو القصر في منتهى الذهاب وأجاب (عليه السلام) بعدم وجوب التمام من دون قصد الإقامة حتى يرجع ويدخل بلده وأهله ويمكن أيضا أن يكون السؤال عن الصلاة التي وجبت في الطريق قبل الحد ويكون المراد بقوله أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله أنه يقصر الصلاة التي يجب في الطريق حتى يدخل أهله وتجب عليه الصلاة بعد الدخول وكمال التكلف في الكل واضح والباعث على ارتكابه صحة خبر عبد الله بن سنان وصراحته مع ما يلزم من العمل بظاهر هذين الخبرين القول بوجوب التمام وانقطاع القصر بدخول الحد في البلدة التي من نية المسافر الإقامة فيها في أثناء السفر أو يكون له بها ملك مع الاستبطان والقول بوجوب القصر وعدمه انقطاعه بدخول البلدة التي يتوطن فيها على الدوام حتى يدخل منزله وأهله مع اشتراك نية الإقامة والملك وهم مستبعد جدا والمسألة باعتبار تعارض الاخبار كما ترى لا يخلو عن إشكال ويزيد فيمن يدخل بلده مجتازا ولا يدخل منزله كما مر في رواية ابن بكير وينبغي الاخذ بالاحتياط حيث ثم المتبادر من الاذان الاذان المتوسط الشايع في البلاد لا المفرط في العلو أو المنخفض وكذا المتبادر من الجدران الجدران الشايعة لا المنائر والقباب والقلاع الرفيعة ويعتبر المعتدلة والأرض المستوية عادة ويقدر المختلفة جدا بالمستوية ولا بد من اعتبار نفس الصوت لا تميز الفصول وصورة الجدار لا الشبح ليتقارب الامارتان ويعتبر آخر الجدران والاذان من البلد ما لم تتسع الخطة فتعتبر المحلة إذ من المعلوم إن المراد من البيوت الواردة في
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503