مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ٢ - الصفحة ٣٩١
جميع الأحوال بل المعصية مع الايمان ومعرفة الله تعالى أقبح وأفحش منها مع الكفر والجحود ولا توجد حالة لا يقبح معها المعصية إلا حالة تخرج معها المعصية عن كونها معصية كحالة الغفلة والاكراه ونظايرهما مما ورد في الشريعة والكفر حالة خبيثة توجد عدم الانتفاع معها من الحسنات باستحقاق الأجر والثواب الأخروي وإن استحق بها نوع تخفيف في العذاب الموعود أو منفعة وتمتع في عالم الشهود بل تنفك مع الكفر الحسنة عن حسنها الموجب للاجر والثواب الأخروي والايمان بخلافه يحسن الطاعات ويوجب الانتفاع بها والاجر عليها في الآخرة ولا يلزم من ذلك خلاف عدل أو زيادة مرتبة للكفر لا يقال أن الكفر لكونه ظلما عظيما يوجب الحرمان من الثواب والخلود في النيران والعذاب فلا بد من أن يكون ضده وهو الايمان خيرا محضا موجبا للبعد عن العقاب ولدوام الجنة والثواب لأنا نقول أصل الايمان خير محض موجب للتخلص من النيران ولخلود الجنان وأما أنه يجب أن يكون سببا لرفع قبح المعصية الطارية أو لسقوط جزائها فمما لا دليل عليه ولا يلزم مما ذكره إذ لا يلزم من كون الكفر موجبا لحط مرتبة الحسنة ونقص حسنها أن يكون الايمان الذي هو ضد له سببا لحط مرتبه المعصية وتقليل قبحها وليس ذلك من مقتضيات التضاد أصلا بل الاتيان بالمعصية مع الايمان أقبح وأفحش كما يحكم به العقل السليم ويظهر من الشرع القويم فأن قلت ما تقول فيما ورد في الخبر من أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة قلت يمكن تنزيل الضرر المنفى على الضرر الحقيقي الكامل الذي هو الخلود في النار أعاذنا الله تعالى منها بفضله الكامل ولطفه الشامل فإن حب على (عليه السلام) كمال الايمان وتام الدين كما قال عز من قايل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ومع كمال الايمان وتمامه بشرط الموافاة عليه لا يكون الخلود في النار فإن عذاب صاحب الكبيرة منقطع وكذلك بعضه وعدوانه (عليه السلام) كفر موجب للخلود في العذاب و دوام العقاب فلا تنفع معه حسنة نفع النجاة والتخلص من النار ويحتمل أيضا أن يكون خلوص حبه سببا لان يغفر الله بفضله بعض الذنوب ولأن يعصم ويحفظ عن الاتيان بالبعض وأيضا يمكن أن يكون حبه باعثا على شفاعته التي لا ترد والعثمانية طايفة من النواصب يفرطون في محبة عثمان بن عفان والقدرية قد يطلق على المفوضة وهم فرقة من المعتزلة يزعمون أن الله تعالى قدر عباده على أعمالهم على وجه الاستقلال بحيث أخرجهم ذلك عن ربقة الانقياد له وأبطل تصرفه في تلك الأعمال حتى لا يكون لقضائه وقدرته وإرادته وتدبيره مدخل فيها كأقدار سلطان منا أحدا من عباده على بلدة من بلاده بحيث يخرج التصرف في أموره بعده عن يد ذلك السلطان وعن تحت حكمه وتدبيره وقد يطلق أيضا على الجبرية وهم الذين يعتقدون أن لا مدخل للعباد في أفعالهم سوى المحلية وإن الله تعالى يفعل الفعل ويجريه على أيديهم وقول الأشاعرة بالقدرة الكاسبة قريب من ذلك ويرجع عند التحقيق إليه وما روى أنه (عليه السلام) قال القدرية مجوس هذه الأمة ينطبق على التفسيرين أما المفوضة فمشاركتهم للمجوس واضحة باعتبار إثبات مؤثر مستقل غير الله سبحانه لا قدرة له تعالى على ما فعله وأما الجبرية فوجه مناسبتهم للمجوس أنهم يعتقدون أن ليس للعباد فعل أصلا كما يعتقد المجوس فإنهم يثبتون مبدئين يعبرون عنها بالنور والظلمة ويسمونها يزدان واهرمن وينسبون جميع الخيرات إلى الأول وجميع الشرور إلى الثاني ومنها صحيحة يزيد بن معاوية العجلي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدنيوية به عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة فقال قد قضى فريضة ولو حج لكان أحب إلى قال وسألته عن رجل وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام فقال يقضى أحب إلى و قال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء ومنها حسنة ابن أذينة بن إبراهيم قال كتب إلى أبو عبد الله (عليه السلام) إن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يؤجر عليه ويكتب له إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية وأما الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما ومنها رواية على بن إسماعيل الميثمي عن محمد بن حكيم قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه كوفيان كانا زيديين فقالا جعلنا لك الفداء كنا نقول بقول وإن الله من علينا بولايتك فهل يقبل شئ من أعمالنا فقال أما الصلاة والصوم والحج والصدقة فإن الله يتبعكما ذلك فيلحق بكما وأما الزكاة فلا لأنكما أبعدتما حق امرء مسلم أعطيتماه غيره وقد ورد أخبار أخر تدل على أن المستبصر يعيد الحج كما ذهب إليه ابن الجنيد وابن البراج لكن في سندها قصور ويحمل على الاستحباب بقرينة صحيحة يزيد كما قاله الشيخ في التهذيب ويمكن حملها على الاخلال بالركن أيضا وما حملها على الناصب كما احتمل العلامة في المختلف فلا يحصل به الجمع لان صحيحة يزيد ظاهره في أن الناصب المصطلح لا يعيد حيث سئل أولا عن حال الرجل المخالف الذي لا يعرف أمر الولاية ثم سئل ثانيا
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الصوم المفطرات الأكل والشرب 339
2 الجماع قبلا أو دبرا لادمي 341
3 البقاء على الجنابة عمدا مع بها 343
4 الحقنة بالمائع 343
5 الارتماس 344
6 الامساك من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس 346
7 فيما يشترط في صحة الصوم 347
8 في النية للواجبة والمندوبة 348
9 في وجوب استمرار النية 355
10 فروع 358
11 موارد العدول من فرض إلى فرض 358
12 فيما لو عدل من فرض غير معين إلى النفل 358
13 في عدم وجوب الصوم على الصبي 362
14 حكم ما لو بلغ في أثناء النهار 364
15 عدم صحة صوم المغمى عليه 365
16 عدم صحة الصوم في السفر 369
17 في صحة صوم المعين إذا وافق السفر 371
18 في حكم قدوم المسافر قبل الزوال ولم يتناول شيئا 378
19 عدم جواز صوم المريض المتضرر به 382
20 في عدم وجوب الحائض والنفساء 383
21 في صحة المستحاضة 384
22 صحة صوم الجنب إذا لم يتمكن من الغسل 385
23 فساد صوم من بقي على الجنابة حتى طلوع الفجر 386
24 وجوب قضاء الصوم على كل تارك للصوم 389
25 عدم صحة صوم العيدين ولا أيام التشريق 392
26 عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان 394
27 عدم صحة صوم الليل 395
28 وجوب القضاء والكفارة مع تناول شئ من المفطرات عمدا 397
29 في حكم الاستمناء والملاعبة 400
30 في اكراه الزوجة الصائمة على الجماع 401
31 في عدم سقوط الكفارة بعروض مسقط شرعي كالحيض والسفر الضروري 404
32 فيما إذا افطر لظن دخول الليل 407
33 وجوب القضاء مع تعمد القئ 410
34 في وجوب القضاء والكفارة بالكذب على الله 412
35 حكم ما لو تعمد الارتماس 413
36 في تكرر الكفارة بتكرر الموجب في اليوم الواحد 418
37 من افطر في رمضان مستحلا له فهو مرتد 420
38 في تعزير المجامع 421
39 في عدم وجوب الفورية في القضاء 427
40 مقدار الطعام المسكين في الكفارة 431
41 درس: في عدم بطلان الصوم بابتلاع الريق جواز التبريد بالغسل 436
42 كراهية مباشرة النساء 438
43 كراهية اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة 439
44 كراهية شم الرياحين 439
45 في مستحبات السحور والإفطار 443
46 في إتيان النساء أول ليلة رمضان 444
47 استحباب احياء ليلة القدر 444
48 في انقسام الصوم بانقسام أحكامه 447
49 في الصوم المستحب 453
50 كتاب الاعتكاف في عدم وجوب الاعتكاف الا بنذر أو عهد أو يمين أو غيره 503