مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥١٩
يخلله بنحو مسلة ولا يربط طرفه بطرفه الآخر بخيط، ولو اتخذ له شرجا وعرا وربط الشرج بالعرا حرم عليه ولزمته الفدية.
فائدة: قال بعض العلماء: والحكمة في تحريم لبس المخيط وغيره مما منع منه المحرم أن يخرج الانسان عن عادته فيكون ذلك مذكرا له ما هو فيه من عبادة ربه فيشتغل بها.
تنبيه: تقدم الكلام على سائر في آخر خطبة الكتاب هل هو بمعنى باقي أو جميع؟ قيل: ولا يصح هنا أن يستعمل بمعنى باقي فإنه لم يتقدم حكم شئ من البدن حتى يكون هذا حكم باقيه فإن الرأس قسيم البدن لا بعضه، ولذلك قدرت جميع في كلامه. قال الأسنوي، وخريطة اللحية لا تدخل في كلام المصنف لأن اللحية لا تدخل في مسمى البدن، وكان ينبغي للمصنف أن يستثني الوجه فإنه لا يحرم ستره على الرجل عندنا، قال الدارمي وغيره: وقد روي فعله عن عثمان رضي الله تعالى عنه، لكن يبقى شيئا ليستوعب الرأس بالكشف. (إلا إذا) كان لبسه لحاجة كحر وبرد فيجوز مع الفدية، أو (لم يجد غيره) أي المخيط ونحوه فيجوز له من غير فدية. وله لبس السراويل التي لا يتأتى الاتزار بها عند فقد الإزار، ولبس مداس، أي مكعب، وهو ما يسمى بالسرموزة والزربول الذي لا يستر الكعبين، وكذا لبس خف إن قطع أسفل كعبه وإن ستر ظهر القدمين فيهما بباقيهما عند فقد النعلين. قال الزركشي: والمراد بالنعل التاسومة، ويلتحق به القبقاب لأنه ليس بمخيط. ولم يشترطوا في جواز لبس السراويل قطعه فيما جاوز العود لاطلاق الخبر، وعلله في المجموع بإضاعة المال، والفرق بينه وبين وجوب قطع الخف عند فقد النعل مشكل، لكن ورد النص بذلك. نعم يتجه عدم جواز قطع الخف إذا وجد المكعب، ولا يجوز لبس الخف المقطوع والمداس مع وجود النعلين على الصحيح المنصوص، أما المداس المعروف الآن فهذا يجوز لبسه لأنه ليس مخيطا بالقدم، فقول المصنف في مناسكه يحرم لبس المداس المراد به المكعب كما مر. وإذا لبس السراويل للحاجة ثم وجد الإزار أو الخف ثم وجد النعل لزمه نزعه في الحال، فإن أخر بلا عذر أثم ولزمته الفدية. ولو قدر على أن يستبدل بالسراويل إزارا متساوي القيمة فالصواب كما قاله القاضي أبو الطيب وجوبه إن لم يمض زمن تبدو فيه عورته وإلا فلا.
تنبيه: ظاهر عبارة المصنف أنه لا يجوز اللبس لحاجة البرد والمداواة، وليس مرادا، إذ المنقول في كلام الشيخين وغيرهما الجواز لكن مع الفدية كما قدرته في كلامه، فلو عبر بالحاجة كما عبر به في الرأس لكان أولى. ولا فرق في جميع ما تقدم بين البالغ والصبي، إلا أن الاثم يختص بالمكلف ويأثم الولي إذا أقر الصبي على ذلك، ولا فرق في ذلك بين طول زمن اللبس وقصر. (ووجه المرأة) ولو أمة كما في المجموع، (كرأسه) أي الرجل في حرمة الستر لوجهها أو بعضه، إلا لحاجة فيجوز مع الفدية. وعلى الحرة أن تستر منه ما لا يتأتى ستر جميع رأسها إلا به احتياطا للرأس، إذ لا يمكن استيعاب ستره إلا بستر قدر يسير مما يليه من الوجه، والمحافظة على ستره بكماله لكونه عورة أولى من المحافظة على كشف ذلك القدر من الوجه. ويؤخذ من التعليل أن الأمة لا تستر ذلك لأن رأسها ليس بعورة، وهو ظاهر. ولا ينافي ذلك قول المجموع ما ذكر في إحرام المرأة ولبسها: لم يفرقوا فيه بين الحرة والأمة وهو المذهب، لأنه في مقابلة قوله. وشذ القاضي أبو الطيب فحكى وجها أن الأمة كالرجل، ووجهين في المبعضة هل هي كالأمة أو كالحرة؟ اه‍. فإن أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أرخت عليه ما يستره بنحو ثوب متجاف عنه بنحو خشبة بحيث لا يقع على البشرة، وسواء أفعلته لحاجة كحر وبرد أم لا. كما يجوز للرجل ستر رأسه بنحو مظلة، فلو وقعت الخشبة مثلا فأصاب الثوب وجهها بلا اختيار منها فرفعته فورا لم تلزمها الفدية وإلا لزمتها مع الاثم. (ولها) أي المرأة (لبس المخيط) وغيره في الرأس وغيره، (إلا القفاز) فليس لها ستر الكفين ولا أحدهما به، (في الأظهر) للحديث المتقدم، ولان القفاز ملبوس عضو ليس بعورة في الصلاة فأشبه خف الرجل وخريطة لحيته. والثاني: يجوز لها لبسهما، لما رواه الشافعي في الام عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأمر بناته يلبسهما في الاحرام. قال الجوهري: والقفاز شئ يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار تزر على الساعدين من البرد تلبسه المرأة في يديها، ومراد الفقهاء ما يشمل المحشو وغيره. ويجوز لها ستر الكفين بغير القفاز ككم وخرقة تلفها عليهما
(٥١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532