مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
في مجمرة أو غيرها لما فيه من التفاؤل القبيح، ولخبر أبي داود: لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار. وقال الشيخ نصر:
لا يجوز أن يحمل معها المجامر والنار، فإن أراد التحريم فشاذ، فقد نقل ابن المنذر الاجماع على الكراهة، وفعل ذلك عند القبر مكروه أيضا كما في المجموع. (ولو اختلط) من يصلى عليه بغيره ولم يتميز، كما لو اختلط (مسلمون) أو واحد منهم (بكفار) وتعذر التمييز، أو غير شهيد بشهيد، أو سقط يصلى عليه بسقط لا يصلى عليه، (وجب) للخروج عن الواجب، (غسل الجميع) وتكفينهم (والصلاة) عليهم ودفنهم، إذ لا يتم الواجب إلا بذلك. فإن قيل: يعارض ذلك بأن الصلاة على الفريق الآخر محرمة، ولا يتم ترك المحرم إلا بترك الواجب. أجيب بأن الصلاة في الحقيقة ليست على الفريق الآخر كما يعلم من قول المصنف. (فإن شاء صلى على الجميع) دفعة (بقصد المسلمين) منهم في الأولى وغير الشهيد في الثانية، وبقصد السقط الذي يصلى عليه في الثالثة. (وهو الأفضل والمنصوص) لأنه ليس فيه صلاة على غير من لم يصل عليه والنية جازمة. (أو على واحد فواحد ناويا الصلاة عليه إن كان) ممن يصلى عليه، كأن يقول في الأولى إن كان (مسلما)، وفي الثانية إن كان غير شهيد، وفي الثالثة إن كان هو الذي يصلى عليه. (ويقول) في الأولى: (اللهم اغفر له إن كان مسلما) ولا يحتاج إلى ذلك في الثانية ولا الثالثة لانتفاء المحذور وهو الدعاء للكافر بالمغفرة، ويعذر في تردد النية للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس. وهذا التخيير متفق عليه، لكن محله كما قاله بعض المتأخرين ما إذا لم يحصل بالافراد تغير أو انفجار، وإلا فالوجه تعين الجمع بصلاة واحدة. وإن كان التأخير إلى اجتماعهم يؤدي إلى تغير أحدهم تعين إفراد كل بصلاة ويدفنون في المسألة الأولى بين مقابر المسلمين ومقابر الكفار. (ويشترط لصحة الصلاة) على الجنازة زائدا على ما تقدم في فصل صلاتها شرطان، أشار إلى أحدهما بقوله: (تقدم غسله) أو تيممه بشرطه، لأنه المنقول عن النبي (ص)، ولان الصلاة على الميت كصلاة نفسه. (وتكره) الصلاة عليه (قبل تكفينه) كما قاله في زوائد الروضة أيضا واستشكل، لأن المعنيين السابقين موجودان فيه. قال السبكي: فالقول بأن الغسل شرط دون التكفين يحتاج إلى دليل اه‍. وربما يقال إن ترك الستر أخف من ترك الطهارة بدليل لزوم القضاء في الثاني دون الأول. (فلو مات بهدم ونحوه) كأن وقع في بئر أو بحر عميق (وتعذر إخراجه وغسله) وتيممه، (لم يصل عليه) لفوات الشرط كما نقله الشيخان عن المتولي وأقراه، وقال في المجموع: لا خلاف فيه. قال بعض المتأخرين: ولا وجه لترك الصلاة عليه، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، لما صح: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولان المقصود من هذه الصلاة الدعاء والشفاعة للميت. وجزم الدارمي وغيره أن من تعذر غسله صلي عليه، قال الدارمي: وإلا لزم أن من أحرق فصار رمادا أو أكله سبع لم يصل عليه، ولا أعلم أحدا من أصحابنا قال بذلك. وبسط الأذرعي الكلام في المسألة. والقلب إلى ما قاله بعض المتأخرين أميل، لكن الذي تلقيناه عن مشايخنا ما في المتن. ثم أشار إلى الشرط الثاني بقوله: ويشترط أن لا يتقدم على الجنازة الحاضرة) إذا صلى عليها، (و) أن (لا) يتقدم على (القبر) إذا صلى عليه، (على المذهب فيهما) اتباعا لما جرى عليه الأولون، ولان الميت كالامام. والثاني: يجوز التقدم عليهما، لأن الميت ليس بإمام متبوع حتى يتعين تقديمه بل هو كعبد جاء معه جماعة يستغفرون له عند مولاه. واحترز بالحاضرة عن الغائبة عن البلد، فإنه يصلى عليها كما مر وإن كانت خلف ظهره.
تنبيه: إنما عبر بالمذهب، لأن في المسألة على ما تلخص من كلامه طريقين أصحهما أنها على القولين في تقدم المأموم على إمامه، والثاني: القطع بالجواز. ويشترط أيضا أن يجمعهما مكان واحد كما قاله الأذرعي، وأن لا يزيد
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532