مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٤
الجانبين عند مفصل الساق والقدم، ففي كل رجل كعبان، لما روى النعمان بن بشير أنه (ص) قال: أقيموا صفوفكم، فرأيت الرجل منا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه. رواه البخاري. وفي وجه أن الكعب هو الذي فوق مشط القدم، وهو شاذ ضعيف. قال تعالى: * (وأرجلكم إلى الكعبين) * قرئ في وجه السبع بالنصب وبالجر عطفا على الوجوه لفظا في الأول، ومعنى في الثاني لجره على الجواز. ودل على دخول الكعبين في الغسل ما دل على دخول المرفقين فيه، وقد مر. وما أطلقه الأصحاب هنا من أن غسل الرجلين فرض محمول كما قاله الرافعي على غير لابس الخف أو على أن الأصل الغسل والمسح بدل عنه. ويجب إزالة ما في شقوق الرجلين من عين كشمع وحناء، قال الجويني: إن لم يصل إلى اللحم ويحمل على ما إذا كان في اللحم غور، أخذا مما مر عن المجموع. ولا أثر لدهن ذائب ولون حناء. ويجب إزالة ما تحت الأظفار من وسخ يمنع وصول الماء. ولو قطع بعض القدم وجب غسل الباقي، وإن قطع فوق الكعب فلا فرض عليه، ويستحب غسل الباقي كما مر في اليد. (السادس) من الفروض: (ترتيبه هكذا) أي كما ذكره من البداءة بغسل الوجه مقرونا بالنية ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين، لفعله (ص) المبين للوضوء المأمور به، رواه مسلم وغيره، ولقوله في حجته: ابدأوا بما بدأ الله به رواه النسائي بإسناد صحيح. والعبرة بعموم اللفظ. ولأنه تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات، وتفريق المتجانس لا ترتكبه العرب إلا لفائدة، وهي هنا وجوب الترتيب لا ندبه بقرينة الامر في الخبر، ولان الآية بيان للوضوء الواجب. وقيل: لا يشترط الترتيب، بل الشرط فيه عدم التنكيس، حتى لو استعان بأربعة غسلوا أعضاءه دفعة واحدة ونوى صح وضوؤه. وعلى الأول يحصل له في هذه الحالة غسل الوجه فقط، كما لو نكس وضوءه ولو ساهيا، فلو وضؤه بعد ذلك ثلاث مرات أخر أجزأه، كما لو نكس وضوءه أربع مرات فإنه يجزئه لحصول غسل كل عضو في مرة. (ولو اغتسل محدث) حدثا أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه ولو متعمدا، أو بنية رفع الجنابة أو نحوها غالطا، ورتب فيهما أجزأه، أو انغمس بنية ما ذكر. (فالأصح أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس ومكث) قدر الترتيب (صح) له الوضوء، لأن الترتيب حاصل بذلك، لأنه إذا لاقى الماء وجهه وقد نوى يرتفع الحدث عنه وبعده عن اليدين لدخوله وقت غسلهما، وهكذا إلى آخر الأعضاء. والثاني: لا يصح، لأن هذا الترتيب أمر تقديري لا تحقيقي، ولهذا لا يقوم الغمس في الماء الكثير مقام العدم في النجاسة المغلظة. (وإلا) أي: وإن لم يمكث قدر الترتيب بأن غطس وخرج في الحال، أو غسل الأسافل قبل الأعالي، كما في المحرر. (فلا) يصح، لأن الترتيب من واجبات الوضوء، أو الواجب لا يسقط بفعل ما ليس بواجب.
ووجه مقابله أن الغسل أكمل من الوضوء فلذلك قال: (قلت الأصح الصحة بلا مكث والله أعلم) لأنه يكفي لرفع أعلى الحدثين فللأصغر أولى، ولتقدير الترتيب في لحظات لطيفة، هذا إذا لم يغتسل منكسا بالصب عليه، وإلا لم يحصل له سوى الوجه كما مر. وأما انغماسه فيكفي مطلقا. ولو أغفل لمعة من غير أعضاء الوضوء قطع الفاضي بأنه لا يكفي، وهو على الراجح ممنوع وعلى غيره محمول على ما إذا لم يمكث، فإن مكث أجزأه واكتفى بنية الجنابة ونحوها مع أن المنوي طهر غير مرتب لأن النية لا تتعلق بخصوص الترتيب نفيا وإثباتا. ولو أحدث وأجنب أجزأ الغسل عنها لاندراج الأصغر وإن لم ينوه في الأكبر، فلو اغتسل إلا رجليه أو إلا يديه مثلا ثم أحدث ثم غسلهما عن الجنابة توضأ، ولم يجب عليه إعادة غسلهما لارتفاع حدثهما بغسلهما عن الجنابة، وهذا وضوء خال عن غسل الرجلين أو اليدين وهما مكشوفتان بلا علة، قال ابن القاص: وعن الترتيب، وغلطه الأصحاب بأنه غير خال عنه، بل هو وضوء لم يجب فيه غسل الرجلين أو اليدين، قال في المجموع: وهو إنكار صحيح. ولو غسل بدنه إلا أعضاء الوضوء ثم أحدث، لم يجب ترتيبها، ولو شك في تطهير عضو قبل الفراغ طهره وما بعده، أو بعد الفراغ لم يؤثر، ولو صلى فرضين بوضوءين عن حدث ثم تذكر ترك المسح من أحدهما لا بعينه مسح وغسل ما بعده وأعاد الصلاتين. ولو توضأ وصلى ثم نسي الوضوء والصلاة فتوضأ وصلاها ثم على ترك عضو وسجدة وجهل عينهما فوضوؤه تام، ويعيد الصلاة لاحتمال كون العضو من الوضوء الأول والسجدة من الصلاة
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532