مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٣
كإصبع زائدة وسلعة سواء جاوزت الأصلية أم لا. وإن نبتت بغير محل الفرض وجب غسل ما حاذى منها محله لوقوع اسم اليد عليه مع محاذاته لمحل الفرض بخلاف ما لم يحاذه، فإن لم تتميز الزائدة عن الأصلية بأن كانتا أصليتين أو إحداهما زائدة ولم تتميز بنحو فحش قصر ونقص أصابع وضعف بطش، غسلهما وجوبا سواء أخرجتا من المنكب أم من غيره، ليتحقق الاتيان بالفرض، بخلاف نظيره من السرقة بقطع إحداهما فقط كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها، لأن الوضوء مبناه على الاحتياط لأنه عبادة، والحد على الدرء لأنه عقوبة. وتجري هذه الأحكام في الرجلين. وإن تدلت جلدة العضد منه لم يجب غسل شئ منها لا المحاذي ولا غيره، لأن اسم اليد لا يقع عليها مع خروجها عن محل الفرض، أو تقلصت جلدة الذراع منه وجب غسلها لأنها منه. وإن تدلت جلدة أحدهما من الآخر بأن تقلعت من أحدهما وبلغ التقلع إلى الآخر ثم تدلت منه، فالاعتبار بما انتهى إليه تقلعها لا بما منه تقلعها، فيجب غسلها فيما إذا بلغ تقلعها من العضد إلى الذراع دون ما إذا بلغ من الذراع إلى العضد لأنها صارت جزءا من محل الفرض في الأول دون الثاني. ولو التصقت بعد تقلعها من أحدهما بالآخر وجب غسل محاذي الفرض منها دون غيره. ثم إن تجافت عنه لزمه غسل ما تحتها أيضا لندرته، وإن سترته اكتفى بغسل ظاهرها. ولا يلزمه فتقها، فلو غسله ثم زالت لزمه غسل ما ظهر من تحتها لأن الاقتصار على ظاهرها كان للضرورة وقد زالت. ولو توضأ فقطعت يده أو تثقبت لم يجب غسل ما ظهر إلا لحدث، فيجب غسله كالظاهر أصالة. ولو عجز عن الوضوء لقطع يده مثلا وجب عليه أن يحصل من يوضئه، والنية من الآذن ولو بأجرة مثل، فإن تعذر عليه ذلك تيمم وصلى وأعاد لندرة ذلك.
(الرابع) من الفروض: (مسمى مسح ل‍) - بعض (بشرة رأسه أو) بعض (شعر) ولو واحدة أو بعضها (في حده) أي الرأس، بأن لا يخرج بالمد عنه من جهة نزوله، فلو خرج به عنه منها لم يكف حتى لو كان متجعدا بحيث لو مد لخرج عن الرأس لم يجز المسح عليه، قال تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم) *. وروى مسلم: أنه (ص) مسح بناصيته وعلى العمامة، واكتفى بمسح البعض فيما ذكر، لأنه المفهوم من المسح عند إطلاقه. ولم يقل أحد بوجوب خصوص الناصية، وهي الشعر الذي بين النزعتين، والاكتفاء بها يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع وجوب التقدير بالربع أو أكثر لأنها دونه، والباء إذا دخلت على متعدد كما في الآية تكون للتبعيض، أو على غيره، كما في قوله تعالى: * (وليطوفوا بالبيت العتيق) * فإنها تكون للالصاق.
فإن قيل: صيغة الامر بمسح الرأس والوجه في التيمم واحدة، فهلا أوجبتم التعميم أيضا؟ أجيب بأن ذلك ثبت بالسنة، و بأن المسح ثم بدل للضرورة فاعتبر بمبدله ومسح الرأس أصل فاعتبر لفظه. فإن قيل: المسح على الخف بدل، فهلا وجب تعميمه كمبدله؟ أجيب بقيام الاجماع على عدم وجوبه، وبأن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني على التخفيف لجوازه مع القدرة على الغسل، بخلاف التيمم إنما جاز للضرورة كما مر. وعلم من كلام المصنف أن كلا من البشرة والشعر أصل فإنه خير بينهما، وهو الصحيح. فإن قيل: لو غسل بشرة الوجه وترك الشعر لم يجزه على الصحيح. أجيب بأن كلا من الشعر والبشرة يصدق عليه مسمى الرأس عرفا، إذ الرأس اسم لما رأس وعلا، والوجه ما تقع به المواجهة وهي تقع على الشعر أيضا. فإن قيل:
هلا اكتفى بالمسح على النازل عن حد الرأس كما اكتفى بذلك للتقصير في النسك؟ أجيب بأن الماسح عليه غير ماسح على الرأس، والمأمور به في التقصير إنما هو شعر الرأس وهو صادق بالنازل. (والأصح) وفي الروضة الصحيح (جواز غسله) أي الرأس لأنه مسح وزيادة فأجزأ بطريق الأولى، والرأس مذكر. (و) جواز (وضع اليد) عليه (بلا مد) لحصول المقصود من وصول البلل إليه. وأشار بالجواز إلى عدم استحباب ذلك وإلى عدم كراهته. والثاني: لا يجزئه فيهما لأنه لا يسمى مسحا. وعلى الأول لو قطر الماء على رأسه أو تعرض للمطر. وإن لم ينو المسح خلافا لابن المقري في اشتراط النية - أجزأه لما ذكر. ويجزئ مسح ببرد وثلج لا يذوبان لما تقدم، ويجزئ غسل بهما إذا ذابا وجريا على العضو لحصول المقصود بذلك. ولو حلق رأسه بعد مسحه لم يعد المسح لما مر في قطع اليد. (الخامس) من الفروض: (غسل رجليه) بإجماع من يعتد بإجماعه. (مع كعبيه) من كل رجل أو قدرهما إن فقدا كما مر في المرفقين، وهما العظمان الناتئان من
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532