مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٢٥
إذا لم يكن للصيد مهرب إلا بالدخول في الحرم. ولو أرسل الكلب في الحل إلى الصيد في الحل فدخل الحرم فقتله فيه أو قتل فيه صيدا غيره لم يضمن بخلاف نظيرهما في السهم. ولو رمى صيدا بعض قوائمه في الحرم فقتله ضمن. ولو سعى الصيد من الحرم إلى الحل فقتله الحلال، أو سعى من الحل إلى الحل ولكن سلك في أثناء سعيه الحرم فإنه لا ضمان قطعا، قاله في المجموع. ولو ذبح المحرم الصيد أو الحلال صيد الحرم صار ميتة وحرم عليه أكله بالاجماع كما في المجموع، ولأنه إذا حرم ما أعان عليه فما ذبحه أولى. وهل يتأبد عليه التحريم أم مدة إحرامه؟ قولان، أظهرهما الأول، وعليه الجزاء لله تعالى وضمنه لمالكه، ويحرم أكله على غيره حلالا كان أو محرما لأنه ممنوع من الذبح لمعنى فيه كالمجوسي. ولو كسر المحرم أو الحلال في الحرم بيض صيد أو قتل جرادا كذلك ضمنه، ولم يحرم على غيره كما صححه في المجموع في موضع وجزم به ابن المقري في روضه، ويحرم عليه ذلك تغليظا عليه. ولو حلب لبن صيد ضمنه بقيمته خلافا للروياني. ولا يملك المحرم الصيد بالبيع والهبة وقبول الوصية ونحو ذلك، بناء على أن ملكه يزول عنه بالاحرام لأن من يمنع من إدامة الملك فأولى أن يمنع من ابتدائه، ولأنه (ص) أهدي إليه حمار وحش فرده، فلما رأى ما في وجه المهدي، فقال: إنا لم نرده عليك إلا إنا حرم فليس له قبضه فإن قبضه بشراء أو عارية أو وديعة لا هبة وأرسله ضمن قيمته للمالك وسقط الجزاء، بخلافه في الهبة لا ضمان لأن العقد الفاسد كالصحيح في الضمان والهبة غير مضمونة، وإن رده لمالكه سقطت القيمة لا الجزاء ما لم يرسل ويملكه بالإرث ولا يزول ملكه عنه إلا بإرساله كما صرح بتصحيحه في المجموع لدخوله في ملكه قهرا. ويجب إرساله كما لو أحرم وهو في ملكه، فلو باعه صح وضمن الجزاء ما لم يرسل، حتى لو مات في يد المشتري لزم البائع الجزاء. وإن كان في ملكه صيد فأحرم زال ملكه عنه ولزمه إرساله، لأنه لا يراد الدوام، فتحرم استدامته كاللباس بخلاف النكاح، فلو لم يرسله حتى تحلل لزمه إرساله، إذ لا يرتفع اللزوم بالتعدي، بخلاف من أمسك خمرا غير محترمة حتى تخللت لا يلزمه إراقتها، وفرق بأن الخمرة انتقلت من حال إلى حال. فإن قيل: هلا كان تحلله كإسلام الكافر بعد أن ملك عبدا مسلما حيث لا يؤمر بإزالة ملكه عنه أجيب بأن الاحرام أضيق من ذلك، بدليل أنه يمتنع على المحرم استعارة الصيد واستيداعه واستئجاره بخلاف الكافر في العبد المسلم. وإذا زال ملكه عنه لا غرم إذا قتل أو أرسله. ومن أخذه ولو قبل إرساله وليس محرما ملكه، لأنه بعد لزوم الارسال صار مباحا. ولو مات في يده ضمنه ولو لم يتمكن من إرساله إذا كان يمكنه إرساله قبل الاحرام كنظيره في إلزام الصلاة لمن جن بعد مضي ما يسعها من وقتها دون الوضوء لأنه كان متمكنا من فعله قبل دخول الوقت. ولا يجب إرساله قبل الاحرام بلا خلاف، ولو أحرم أحد مالكيه تعذر إرساله فيلزمه رفع يده، عنه ذكره في المجموع. قال الزركشي: ولو كان في ملك الصبي صيد فهل يلزم الولي إرساله ويغرم قيمته كما يغرم قيمة النفقة الزائدة بالسفر؟ فيه احتمال اه‍. وينبغي اللزوم، ولو حفر المحرم بئرا حيث كان أو حفرها حلال في الحرم فأهلك صيدا نظرت، فإن حفرها عدوانا ضمن وإلا فالحافر في الحرم فقط عليه الضمان لأن حرمة الحرم لا تختلف. ولو استعار حلال صيدا وأتلفه محرما ضمنه بقيمته لمالكه وبمثله لحق الله تعالى، وقد نظم بعضهم هذه المسألة في بيتين فقال:
عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا قابض شئ برضا مالكه ويضمن القيمة والمثل معا ولو دخل كافر الحرم وأتلف صيدا ضمنه، وقيل لا لأنه لم يلتزم حرمته. وعلى الأول يكون كالمسلم في كيفية الضمان إلا في الصوم. واعلم أن الصيد ضربان: ما له مثل من النعم في الصورة والخلقة تقريبا فيضمن به، وما لا مثل له فيضمن بالقيمة إن لم يكن فيه نقل. ومن الأول ما فيه نقل بعضه عن النبي (ص)، وبعضه عن السلف فيتبع. وقد شرع المصنف في بيان ذلك، فقال: (ففي) إتلاف (النعامة) بفتح النون ذكرا كان أو أنثى، (بدنة) كذلك، فلا تجزئ بقرة ولا سبع شياه أو أكثر، لأن جزاء الصيد يراعى فيه المماثلة. (وفي) واحد من (بقر الوحش،
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532