مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
دم للفوات ودم لأجل القران، وفي القضاء دم ثالث. ولو ارتد في أثناء نسكه فسد إحرامه فيفسد نسكه كصومه وصلاته فلا كفارة عليه ولا يمضي فيه وإن أسلم، لعدم ورود شئ فيهما، بخلاف الجماع فإنه وإن أفسد به نسكه لم يفسد به إحرامه حتى يلزمه المضي في فاسده كما مر. (الخامس) من المحرمات: (اصطياد كل) صيد (مأكول بري) وحشي كبقر وحش ودجاجة وحمامة. (قلت: وكذا المتولد منه) أي المأكول البري الوحشي، (ومن غيره) كمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي أو بين شاة وظبي (والله أعلم). أما الأول فلقوله تعالى: * (وحرم عليكم صيد البر) * أي أخذه * (ما دمتم حرما) *. وأما الثاني فللاحتياط. وإنما لم تجب الزكاة في المتولد بين زكوي وغيره لأنها من باب المواساة. وخرج بما ذكر: ما تولد بين وحشي غير مأكول وإنسي مأكول، كالمتولد بين ذئب وشاة، وما تولد بين غير مأكولين أحدهما وحشي كالمتولد بين حمار وذئب، وما تولد بين أهليين أحدهما غير مأكول كالبغل، فلا يحرم التعرض لشئ منها. (و) حينئذ (يحرم ذلك) أي اصطياد المأكول البري والمتولد منه ومن غيره، (في الحرم على الحلال) بالاجماع كما قاله في المجموع ولو كان كافرا ملتزم الأحكام، ولخبر الصحيحين: أنه (ص) يوم فتح مكة قال: إن هذا البلد حرام بحرمة الله لا يعضد شجره ولا ينفر صيده رواه الشيخان، أي لا يجوز تنفير صيده لمحرم ولا حلال، فغير التنفير أولى. وقيس بمكة باقي الحرم. (فإن أتلف) من حرم عليه ما ذكر (صيدا) مما ذكر مملوكا أو غير مملوك، (ضمنه) بما يأتي، لقوله تعالى: * (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا) * الآية. وقيس بالمحرم الحلال في الحرم الآتي ذكره بجامع حرمة التعرض، فيضمن سائر أجزائه كشعر وريش بالقيمة وكذا لبنه، ويضمن أيضا ما تلف في يده ولو وديعة كالغاصب لحرمة إمساكه، بخلاف ما لو أدخل الحلال معه إلى الحرم صيدا مملوكا له لا يضمنه بل له إمساكه فيه وذبحه والتصرف فيه كيف شاء لأنه صيد حل. ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله لم يضمنه لأنه لم يلتزم حفظه، أو في يده والقاتل حلال ضمن المحرم لأنه ترك حفظه وهو واجب عليه، فصار كالمودع إذا دل سارقا على الوديعة. ولو رمى صيدا قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا لحالتي الاحرام فيهما، وفارق ذلك ما لو رمى إلى مسلم فارتد ثم أصابه فقتل بأنه مقصر بما أحدثه من إهداره. ولو نصب نحو شبكة وهو محرم أو في الحرم ضمن ما وقع فيها وتلف، سواء أنصبها في مكة أم في غيره ووقع الصيد قبل التحلل أم بعده أم بعد موته. ولو نصبها للخوف عليها من مطر ونحوه لم يضمن كما يدل عليه كلام الرافعي. ولو نصبها في غير الحرم وهو حلال ثم أحرم لم يضمن. ولو أرسل المحرم كلبا أو حل رباطه والصيد حاضر أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في الحرم، وكذا لو انحل بتقصيره. ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر فقتلهما ضمنهما، لأنه لا فرق في الضمان بين العامد والخاطئ والجاهل بالتحريم والناسي للاحرام، والتعمد في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، لكن يستثنى من الضمان مسائل: منها ما لو باض حمام أو غيره في فراشه أو نحوه وفرخ ولم يمكن دفعه إلا بالتعرض له ففسد بذلك. ومنها ما لو انقلب عليه في نومه فأفسده أو جن فقتل صيدا. فإن قيل: هذا إتلاف والمجنون فيه كالعاقل. أجيب بأنه وإن كان إتلافا فهو حق لله تعالى، ففرق فيه بين من هو من أهل التمييز وغيره، وتقدم مثل ذلك في حلق الشعر، ويأتي أيضا ما تقدم هناك. ومنها ما لو أخذ الصيد تخليصا من سبع أو مداويا له أو ليتعهده فمات في يده. ومنها ما لو صال عليه فقتله دفعا فلا ضمان في الجميع، ولو اضطر المحرم وأكل الصيد بعد ذبحه ضمن، وكذا لو أكره المحرم على قتله ضمنه ويرجع بما غرمه على المكره له.
تنبيه: قول المصنف في الحرم حال من ذا المشار به إلى الاصطياد وهو متعلق بالصائد، والمصيد صادق بما إذا كان في الحرم أو أحدهما فيه. والآخر في الحل، كأن رمى من الحرم صيدا في الحل أو عكسه أو أرسل كلبا في الصورتين فيضمن في جميع ذلك، أو رمى صيدا من الحل إلى الحل فاعترض السهم الحرم ضمن. وفي مثله إرسال الكلب إنما يضمن
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532