مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٢٣
ثانيا بعد جماعه الأول قبل التحللين، ففي الصورتين إنما يلزمه شاة. وبالرجل المرأة وإن شملتها عبارته فإنها على الخلاف المار في الصوم فلا فدية عليها على الصحيح، سواء أكان الواطئ زوجا أم غيره محرما أم حلالا، وإن كانت عبارة المجموع تدل على أنها إذا كانت محرمة دونه أن عليها الفدية. ولنا هنا طريقة قاطعة باللزوم بخلاف الصوم. وقيل: إن كان الواطئ لا يتحمل عنها فعليها الفدية. واعلم أن البدنة حيث أطلقت في كتب الحديث والفقه المراد بها البعير ذكرا كان أو أنثى، وشرطها أن تكون في سن الأضحية كما مر، ولا تطلق هذه على غير هذا. وأما أهل اللغة فقال كثير منهم أو أكثرهم إنها تطلق على البعير والبقرة، وحكى المصنف في التهذيب والتحرير عن الأزهري أنها تطلق على الشاة، ووهم في ذلك. فإن لم يجد البدنة فبقرة، فإن لم يجدها فسبع شياه، فإن لم يجدها قوم البدنة واشترى بقيمتها طعاما وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوما. وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان مراتب الدماء. (و) يجب المضي (في فاسده) أي المذكور من حجة أو عمرة، لاطلاق قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * فإنه لم يفصل بين الصحيح والفاسد، وروي ذلك عن إفتاء جمع من الصحابة ولا يعرف لهم مخالف. والمراد بالمضي فيه أن يأتي بما كان يأتي به قبل الجماع ويتجنب ما كان يتجنبه قبله، فإن ارتكب محظورا لزمته الفدية في الأصح، وهذا بخلاف سائر العبادات لا يلزمه المضي في فاسدها للخروج منها بالفساد إذ لا حرمة لها بعده. نعم يجب إمساك بقية النهار في صوم رمضان كما مر وإن خرج منه لحرمة زمنه. (و) يجب (القضاء) اتفاقا (وإن كان نسكه تطوعا) لأنه يلزم بالشروع فيه فصار فرضا بخلاف باقي العبادات. وإذا جامع صبي أو عبد فسد نسكه ويجزئه القضاء حال الصبا والرق. ويلزم المفسد في القضاء الاحرام مما أحرم به في الأداء من ميقات أو قبله من دويرة أهله أو غيرها، فإن كان جاوز الميقات ولو غير مريد نسكا لزمه في القضاء الاحرام منه إلا إن سلك فيه غير طريق الأداء فإنه يحرم من قدر مسافة الاحرام في الأداء إن لم يكن جاوز فيه الميقات غير محرم وإلا أحرم من قدر مسافة الميقات. وعلم من ذلك أنه لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل، وأنه لا يتعين عليه سلوك طريق الأداء، لكن يشترط أن يحرم من قدر مسافته. ولا يلزمه في القضاء أن يحرم في الزمن الذي أحرم فيه بل له التأخير عنه والتقديم عليه في الوقت الذي يجوز الاحرام فيه، وفارق المكان فإنه ينضبط بخلاف الزمان. ولو أفسد القضاء الثاني بالجماع فعليه بدنة وقضاء واحد، لأن المقضي واحد فلا يلزمه أكثر منه. (والأصح أنه) أي قضاء الفاسد (على الفور) لأنه وإن كان وقته موسعا يضيق بالشروع فيه. واستشكل تسمية ذلك قضاء بأن من أفسد الصلاة ثم أعادها في الوقت كانت أداء لا قضاء لوقوعها في وقتها الأصلي خلافا للقاضي. وأجاب السبكي بأنهم أطلقوا القضاء هنا على معناه اللغوي، وبأنه يتضيق بالاحرام وإن لم يتضيق وقت الصلاة لأن آخر وقتها لم يتغير بالشروع فيها فلم يكن يفعلها بعد الافساد موقعا لها في غير وقتها، والنسك بالشروع فيه تضيق وقته ابتداء وانتهاء فإنه ينتهي بوقت الفوات ففعله في السنة الثانية خارج وقته فصح وصفه بالقضاء.
وأيد ولده في التوشيح الأول بقول ابن يونس إنه أداء لا قضاء، وتصور قضاء العمرة على الفور واضح. وأما الحج فيتصور عام الافساد بأن يتحلل بعد للاحصار، ثم يطلق من الحصر أو بان يرتد بعد أو يتحلل كذلك لمرض شرط التحلل به ثم يشفي والوقت باق فيشتغل بالقضاء. ولو خرجت المرأة لقضاء نسكها لزم الزوج زيادة نفقة السفر من زاد وراحلة ذهابا وإيابا لأنها غرامة تتعلق بالجماع فلزمته كالكفارة، ولو غضبت لزمه الإنابة عنها من ماله ومؤنة الموطوءة بزنا أو شبهة عليها.
وأما نفقة الحصر فلا تلزم الزوج إلا أن يكون معها، ويسن افتراقهما من حين الاحرام إلى أن يفرغ التحللان، وافتراقهما في مكان الجماع آكد للاختلاف في وجوبه.
فروع: لو أفسد مفرد نسكه فتمتع في القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه. ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانضمام العمرة في الحج، ولزمه دم للقران الذي أفسده لأنه لزم بالشروع فلا يسقط بالافساد، ولزمه دم آخر للقران الذي التزمه بالافساد في القضاء ولو أفرده لأنه متبرع بالافراد. ولو فات القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له ولزمه دمان:
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532