مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٢٠
للحاجة إليه ومشقة الاحتراز عنه، سواء أخضبتهما أم لا، بناء على أن علة تحريم القفازين عليهما ما مر آنفا. ويحرم على الخنثى المشكل ستر وجهه مع رأسه وتلزمه الفدية، وليس له ستر وجهه مع كشف رأسه خلافا لمقتضى كلام ابن المقري في روضه، ولا فدية عليه لأنا لا نوجبها بالشك. نعم لو أحرم بغير حضرة الأجانب جاز له كشف رأسه كما لو لم يكن محرما.
قال في المجموع: ويسن أن لا يستتر بالمخيط لجواز كونه رجلا ويمكنه ستره بغيره، هكذا ذكره جمهور الأصحاب. وقال القاضي أبو الطيب: لا خلاف أنا نأمره بالستر ولبس المخيط كما نأمره أن يستتر في صلاته كالمرأة. وفي أحكام الخناثى لابن المسلم ما حاصله أنه يجب عليه أن يستر رأسه وأن يكشف وجهه وأن يستر بدنه إلا بالمخيط فإنه يحرم عليه احتياطا. قال الأذرعي كالأسنوي وما قاله حسن اه‍. ولكنه مخالف لما تقدم عن المجموع. (الثاني) من المحرمات: (استعمال الطيب) للمحرم ذكرا كان أو غيره ولو أخشم بما يقصد منه رائحته غالبا ولو مع غيره كالمسك والعود والكافور والورس وهو أشهر طيب ببلاد اليمن، والزعفران وإن كان يطلب للصبغ والتداوي أيضا. (في) ملبوسه من (ثوبه) أو غيره كخف أو نعل، لقوله (ص) في الحديث المار: ولا يلبس من الثياب ما مسه ورس أو زعفران والورس طيب. ولو قال المصنف في ملبوسه بدل ثوبه لكان أولى واستغنى عما قدرته. (أو) في (بدنه) قياسا على ثوبه بطريق الأولى ولو باطنا بأكل أو استعاط أو احتقان فيجب مع التحريم في ذلك الفدية، وبعض البدن ككله. وأدرج في الطيب ما معظم الغرض منه رائحته الطيبة كالورد والياسمين والبنفسج والريحان الفارسي، وما اشتمل على الطيب من الدهن كدهن الورد ودهن البنفسج، واستعماله أن يلصق الطيب ببدنه أو ملبوسه على الوجه المعتاد في ذلك بنفسه أو مأذونه، فلو احتوى على مبخرة أو حمل فأرة مشقوقة أو مفتوحة أو جلس أو نام على فراش أو أرض مطيبة أو شد في طرف ثوبه طيبا أو جعله في جيبه أو لبست المرأة الحلي المحشو به حرم ووجبت الفدية لأن ذلك تطييب، ولو وطئ بنعله طيبا حرم إن تعلق به منه شئ.
والتطيب بالورد أن يشمه مع اتصاله بأنفه كما صرح به ابن كج، والتطيب بمائه أن يمسه كالعادة بأن يصبه على بدنه أو ملبوسه فلا يكفي شمه. ولو حمل مسكا ونحوه في خرقة مشدودة أو فأرة غير مشقوقة لم يضر، وإن شم الريح لوجود الحائر.
ولو استهلك الطيب في المخالط له بأن لم يبق له ريح ولا طعم ولا لون كأن استعمل في دواء جاز استعماله وأكله ولا فدية، وإن بقي الريح فيما استهلك ظاهرا أو خفيا يظهر برش الماء عليه فدى، لأن الغرض الأعظم من الطيب الريح، وكذا لو بقي الطعم لدلالته على بقاء الطيب، لا إن بقي اللون فقط لأن الغرض منه الزينة. وما يقصد به الاكل أو التداوي وإن كان له ريح طيبة كالتفاح والأترج - بضم الهمزة والراء وتشديد الجيم على الأفصح، ويقال الاترنج - والقرنفل والدارصيني والسنبل وسائر الابازير الطيبة كالمصطكي، لم يحرم ولم تجب فيه فدية، لأنه إنما يقصد منه الاكل أو التداوي، وكذا ما ينبت بنفسه كالشيح والإذخر والخزامي، لأنه لا يعد طيبا. ولا فدية بالعصفر والحناء وإن كان لهما رائحة طيبة، لأنه إنما يقصد منه لونه.
ولو مس طيبا يابسا كمسك وكافور فلزق به ريحه لا عينه أو حمل للعود أو أكله لم يحرم. ويعتبر مع ما ذكر العقل إلا السكران، والاختيار والعلم بالتحريم والاحرام، وبأن الملموس طيب يعلق، فلا فدية على المطيب الناسي للاحرام ولا المكره ولا الجاهل بالتحريم، أو بكون الملموس طيبا أو رطبا لعذره بخلاف الجاهل بوجوب الفدية فقط دون التحريم فعليه الفدية، لأنه إذا علم التحريم كان من حقه الامتناع، فإن علم التحريم بعد لبسه جاهلا به وأخر إزالته مع إمكانها فدى وأثم، ولو طيبه غيره بغير إذنه أو ألقت الريح عليه طيبا فلا فدية عليه بل على من طيبه لكن تلزمه المبادرة إلى الإزالة عند زوال عذره. (ودهن شعر الرأس) له (أو اللحية) ولو من امرأة كما قاله القاضي بدهن ولو غير مطيب كزيت وشمع مذاب، لما فيه من التزيين المنافي لحال المحرم فإنه أشعث أغبر كما ورد في الخبر. وعبارة ابن المقري: فيحرم، أي الدهن، في شعر الرأس واللحية. فيؤخذ منه أنه لا فرق في الشعر بين الكثير والقليل ولو واحدة، وهو الظاهر من كلامهم. ولو كان شعر الرأس أو اللحية محلوقا لما فيه من تزيين الشعر وتنميته بخلاف رأس الأقرع والأصلع وذقن الأمرد، لانتفاء المعنى. فإن قيل: يشكل هذا بحرمة الطيب على الأخشم كما مر. أجيب بأن المعنى هنا منتف بالكلية بخلافه، ثم فإن المعنى فيه الترفه بالطيب وهو حاصل بالتطيب
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532