مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٩
واليوم الأول منها في الثاني أو الثالث، والثاني أو الأولين في الثالث والثاني، لا كما يتدارك بعد أيام التشريق.
تنبيه: إذا قلنا بالتدارك فتدارك فالأظهر أنه أداء الوقت المضروب له وقت اختيار كما مرت الإشارة إليه، وقضية كلام المصنف أن له أن يتدارك قبل الزوال، وأنه لا يجوز بالليل فإنه عبر بالأيام، والأيام حقيقة لا تتناول الليالي. أما الأول فهو المعتمد كما جزم به في أصل الروضة والمجموع والمناسك واقتضاه نص الشافعي خلافا لما في الشرح الصغير من المنع، وجرى عليه الأسنوي وابن المقري. وأما الثاني فالمعتمد فيه أيضا الاجزاء كما قاله ابن الصباغ في شامله وابن الصلاح والمصنف في مناسكهما ونص عليه الشافعي خلافا لمقتضى عبارة المصنف، وإن جرى عليه الأسنوي وابن المقري في روضه.
وما علل به المنع في الأول بأنه وقت لم يشرع فيه رمي فصار كالليل بالنسبة للصوم، والمنع في الثاني بأن الرمي عبادة النهار كالصوم، ممنوع في التدارك، فجملة أيام منى بلياليها كوقت واحد، وكل يوم لرميه وقت اختيار، لكن لا يجوز تقديم رمي كل يوم على زوال شمسه كما مر. ويجب الترتيب بينه وبين رمي يوم التدارك بعد الزوال، فإن خالف وقع عن المتروك. فلو رمى إلى كل جمرة أربع عشرة: سبعا عن أمسه وسبعا عن يومه لم يجزه عن يومه. ويؤخذ من ذلك أن النائب لا بد أن يرمي عن نفسه الجمرات الثلاث قبل أن يرمي عن منيبه، وهو ظاهر، ولم أر من ذكره. فإن قيل:
ما اقتضاه ما تقرر من جواز ترك رمي يومين ووقوعه أداء بالتدارك يشكل بقولهم ليس للمعذورين أن يدعو أكثر من يوم وأنهم يقضون ما فاتهم. أجيب بأن الكلام هنا في تداركه مع البيات بمنى، والكلام الذي سبق في الرعاء وأهل السقاية إنما هو فيمن ترك المبيت، فامتناع تأخير رمي يومين في حقهم إنما هو لعدم الاتيان بالمبيت ليلتين ورمي يومين، فامتنع ذلك لعدم الاتيان بشئ من الشعار في اليومين، بخلاف من أتى بالبيت فإنه قد أتى بشعاره فسومح بتأخير الرمي يومين. هذا، والأولى أن يقال ما تقدم في وقت الاختيار وما هنا في وقت الجواز، والتعبير بالقضاء لا ينافي الأداء كما مرت الإشارة إلى ذلك، فإذا لا فرق بين المعذورين وغيرهم وإن عد بعضهم ذلك تناقضا. (ولا دم) مع التدارك سواء أجعلناه أداء أم قضاء لحصول الانجبار بالمأتي به. (وإلا) بأن لم يتداركه، (فعليه دم) في رمي يوم أو يومين أو ثلاثة أو يوم النحر مع أيام التشريق، لاتحاد جنس الرمي فأشبه حلق الرأس. وقد ذكر الرافعي طرقا واختلافا كثيرا أشار إليه المصنف بقوله: (والمذهب تكميل الدم في ثلاث حصيات) لوقوع الجمع عليها، كما لو أزال ثلاث شعرات متوالية كما سيأتي. وروى البيهقي عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه قال: من ترك نسكا فعليه دم وفي الحصاة الواحدة مد طعام، وفي الثنتين مدان. وصورة المسألة أن يكون ذلك من الجمرة الأخيرة من اليوم الأخير من أيام التشريق، أما لو ترك ذلك من غير الجمرة الأخيرة من أيام التشريق فعليه دم لبطلان ما بعده حتى يأتي به لوجوب الترتيب بين الجمرات كما مر.
وقيل: إنما يكمل الدم في وظيفة جمرة كما يكمل في وظيفة يوم النحر. وفي الحصاة والحصاتين على الطريقين الأقوال في حلق الشعرة والشعرتين، أظهرهما أن في الحصاة الواحدة مد طعام والثاني درهما والثالث ثلث دم على الأول وسبعه على الثاني، وفي الحصاتين ضعف ذلك.
تنبيه: قد تقدم أن مبيت ليالي منى يسقط عن المعذورين. وأما غيرهم فيجب عليه في ترك مبيت ليالي التشريق دم، وفي قول: في كل ليلة دم، وعلى الأول في الليلة مد، وفي قول: درهم، وفي آخر: ثلث دم، وفي الليلتين ضعف ذلك إن لم ينفر قبل الثالثة فإن نفر قبلها ففي وجه الحكم كذلك لأنه لم يترك إلا ليلتين، والأصح وجوب الدم بكماله لترك جنس المبيت بمنى. قال في المجموع: وترك المبيت ناسيا كتركه عامدا، وصرح به الدارمي وغيره. (وإذا أراد) بعد قضاء مناسكه، (الخروج من مكة) لسفر ولو مكيا طويل أو قصير كما في المجموع، (طاف للوداع) طوافا كاملا بركعتيه، لما روى البخاري عن أنس: أنه (ص) لما فرغ من أعمال الحج طاف طواف الوداع وروى مسلم عن ابن عباس خبر:
لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت أي الطواف به كما رواه أبو داود. فلا طواف وداع على مريد الإقامة
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532