مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٧
على أنه لا يرخص له في الخروج عن وقت الاختيار. ويعذر في ترك المبيت وعدم لزوم الدم خائف على نفس أو مال أو فوت أمر يطلبه كأبق، أو ضياع مريض بترك تعهده لأنه ذو عذر، فأشبه الرعاء وأهل السقاية. وله أن ينفر بعد الغروب كما يؤخذ من التشبيه بأهل السقاية، وصرح به في أصل الروضة. وتقدم أن المشغول بتدارك الحج عن مبيت مزدلفة ومن أفاض من عرفة ليطوف للإفاضة أنه يعذر في ترك المبيت. ويسن للامام أن يخطب بعد صلاة الظهر يوم النحر بمنى خطبة يعلمهم فيها حكم الطواف والرمي والنحر والمبيت ومن يعذر فيه، ثم يخطب بهم بعد صلاة الظهر بمنى خطبة ثاني أيام التشريق للاتباع ويعلمهم فيها جواز النفر فيه وما بعده من طواف الوداع وغيره، ويودعهم ويأمرهم بختم الحج بطاعة الله تعالى. وهاتان الخطبتان لم نر من يفعلهما في زماننا. (ويدخل رمي) كل يوم من أيام (التشريق بزوال الشمس) من ذلك اليوم للاتباع، رواه مسلم. ويسن تقديمه على صلاة الظهر كما في المجموع، ومحله ما لم يضق الوقت وإلا قدم الصلاة إلا أن يكون مسافرا فيؤخرها بنية الجمع. (ويخرج) أي وقته الاختياري (بغروبها) من كل يوم. و أما وقت الجواز فلا يخرج بذلك كما علم مما مر ومما سيأتي من أن الأظهر أنه لا يخرج إلا بغروبها من آخر أيام التشريق.
(وقيل يبقى إلى الفجر) كالوقوف بعرفة، ومحل هذا الوجه في غير اليوم الثالث. أما هو فيخرج وقت رميه بغروب شمسه جزما لخروج وقت المناسك بغروب شمسه. وللرمي شروط ذكرها في قوله: (ويشترط) في رمي النحر وغيره (رمي) الحصيات (السبع واحدة واحدة) للاتباع، رواه مسلم. والمراد بسبع رميات، فيجزئ وإن وقعن معا أو سبقت الأخيرة الأولى في الوقوع. فلو رمى السبع مرة واحدة، أو حصاتين كذلك إحداهما بيمينه والأخرى بيساره لم يحسب إلا واحدة وإن تعاقب الوقوع، وهذا بخلاف ما لو وجب الحد على إنسان فجلد بمائة مشدودة فإنها تحسب مائة لأن الحدود مبنية على التخفيف، وأيضا المقصود من الضربات الايلام وهو حاصل، وأما الرمي فإن الغالب عليه التعبد.
وكلام المصنف يشعر بأنه لو رمى حصاة واحدة سبع مرات لم يكف، وهو وجه رجحه الامام الغزالي، وقال ابن الصلاح:
إنه الأقوى، واختاره الأذرعي، إذ المقام مقام اتباع وتعبد. ولكن الأصح عند الشيخين الجواز، ونقله في المجموع عن اتفاق الأصحاب. ولو رمى جملة السبع سبع مرات أجزأه، وكلام المتن يفهم خلاف ذلك ولو قال المحرر: ويشترط رمي الحصيات السبع في سبع دفعات لكان أولى. (وترتيب الجمرات) بفتح الميم واحدتها جمرة بسكونها، بأن يبدأ بالجمرة التي تلي مسجد الخيف، وهي أولا من جهة عرفات، ثم الوسطى ثم جمرة العقبة للاتباع، رواه البخاري. ولو بدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم التي تلي المسجد حصلت فقط، ولو ترك حصاة وشك في محلها جعلها من الأولى احتياطا فيرمي بها إليها ويعيد رمي الجمرتين، إذ الموالاة بين الرمي في الجمرات لا تجب وإنما تسن فيه كما في الطواف. ولو ترك حصاتين لا يعلم موضعهما احتاط وجعل واحدة من يوم النحر وواحدة من ثالثه وهو يوم النفر الأول من أي جمرة كانت أخذ بالأسوأ. (و) يشترط (كون) الرمي باليد، وكون (المرمي حجرا) للاتباع، فلا يكفي الرمي عن قوس، والرمي بالرجل، ولا بالمقلاع، ولا بالرمي بذهب أو فضة أو نحو ذلك كلؤلؤ وإثمد وزرنيخ وجص وجوهر، ويجزئ الحجر بأنواعه كياقوت وحجر حديد وبلور وعقيق وذهب وفضة، ويجزئ حجر نورة لم يطبخ بخلاف ما طبخ منه لأنه حينئذ لا يسمى حجرا بل نورة. (وأن يسمى رميا فلا يكفي الوضع) في المرمى لأنه لا يسمى رميا، ولأنه خلاف الوارد. فإن قيل: ذكر اشتراط الرمي غير محتاج إليه، لأنه قد علم من قوله: ويشترط رمي السبع واحدة واحدة. أجيب بأنه إنما ذكره لئلا يتوهم أن ذلك سبق لبيان التعدد لا للكيفية، فنص عليه هنا احتياطا. ويشترط أيضا قصد الجمرة بالرمي، فلو رمى إلى غيرها كأن رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يكف. وقضية كلامهم أنه لو رمى إلى العلم المنصوب في الجمرة أو الحائط التي بجمرة العقبة كما يفعله كثير من الناس فأصابه ثم وقع في المرمى لا يجزئ، قال المحب الطبري: وهو الأظهر عندي، ويحتمل أنه يجزئه لأنه حصل فيه بفعله مع قصد الرمي الواجب عليه. قال الزركشي: والثاني من احتماليه
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532