مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٢
إلى الكلام على رمي أيام التشريق. (ثم) بعد الرمي ينصرفون، فينزلون موضعا بمنى، والأفضل منها منزل النبي (ص) وما قاربه. قال الأزرقي: ومنزله (ص) بمنى عن يسار مصلى الامام. ثم (يذبح من معه هدي) بإسكان الدال وكسرها مع تخفيف الياء في الأولى وتشديدها في الثانية، لغتان فصيحتان. وهو كما قاله الروياني اسم لما يهدي لمكة وحرمها تقربا إلى الله تعالى من نعم وغيرها من الأموال نذرا كان أو تطوعا لكنه عند الاطلاق اسم للإبل والبقر والغنم. (ثم يحلق) الذكر (أو يقصر)، لقوله تعالى: * (محلقين رؤوسكم ومقصرين) * وللاتباع في الأول، رواه مسلم، والثاني في معناه. (و) لكن (الحلق) له (أفضل) إجماعا، وللآية المتقدمة، فإن العرب تبدأ بالأهم والأفضل. وقد روى الشيخان عن عمر أنه (ص) قال: اللهم ارحم المحلقين، فقالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ فقال: اللهم ارحم المحلقين، وقال في الرابعة:
والمقصرين. ويندب أن يبدأ بالشق الأيمن فيستوعبه بالحلق ثم يحلق الشق الأيسر، وأن يستقبل المحلوق القبلة، وأن يكبر عند فراغه كما ذكره الرافعي وأغفله من الروضة، وذكره في المجموع عن الماوردي وغيره، ثم قال: إنه غريب.
وأن يدفن شعره خصوصا الشعر الحسن لئلا يؤخذ للوصل، وأن يستوعب الحلق أو التقصير. قال القاضي حسين: وأن يأخذ من شاربه. قال في الخصال: وأن يكون بعد كمال الرمي وغير المحرم مثله فيما ذكر غير التكبير. نعم التقصير أفضل إن اعتمر قبل الحج في وقت لو حلق فيه جاء يوم النحر ولم يسود رأسه من الشعر، نقله الأسنوي عن النص، ويأتي مثله فيما لو قدم الحج على العمرة. قال الزركشي: وإنما لم يؤمر بحلق بعض رأسه في الحج وبعضه في العمرة لأنه يكره القزع.
ويؤخذ من ذلك أنه لو خلق له رأسان وحلق أحدهما في العمرة والآخر في الحج لم يكره. ويسن أن يبلغ بالحلق إلى العظمين من الأصداغ، وأن لا يشارط عليه، وأن يأخذ شيئا من ظفره عند فراغه، وأن يقول عند فراغه: اللهم آتني بكل شعرة حسنة وامح عني بها سيئة وارفع لي بها درجة، واغفر لي وللمحلقين والمقصرين ولجميع المسلمين. ومحل أفضلية الحلق إذا لم ينذره، فإن نذره وجب لأنه في حقه قربة بخلاف المرأة والخنثى. ويجب استيعاب الرأس بالحلق إن نذر الاستيعاب أو عبر بالحلق مضافا، وإن أطلق كفاه ثلاث شعرات. ولا يجزئه قص ونحوه مما لا يسمى حلقا كنتف إذ الحلق استئصال الشعر بالموسى ولا يبقى الحلق في ذمته، لأن النسك إنما هو إزالة شعر اشتمل عليه الاحرام. ويلزمه دم لفوات الوصف كما لو نذر الحج ماشيا فركب. ونذر المرأة والخنثى التقصير كنذر الرجل الحلق فيما ذكر، وأن يتطيب بعد ذلك ويلبس ثيابه. (وتقصر المرأة) ولا تؤمر بالحلق إجماعا بل يكره لها الحلق على الأصح في المجموع. وقيل: يحرم لأنه مثلة وتشبيه بالرجال، ومال إليه الأذرعي في المزوجة والمملوكة حيث لا يؤذن لها فيه. نعم يحرم حلقها عند المصيبة لأنه (ص) برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. ويندب لها أن تقصر قدر أنملة من جميع جوانب رأسها. قال الأسنوي: والمتجه أن الصغيرة التي لم تنته إلى سن يترك فيه شعرها كالرجل في استحباب الحلق. قال في التوسط: وهذا غلط صريح لعلة التشبيه، وليس الحلق بمشروع للنساء مطلقا بالنص والاجماع اه‍. ويؤخذ من ذلك أن المرأة الكافرة إذا أسلمت لا تحلق رأسها، وأما قوله (ص): ألق عنك شعر الكفر ثم اغتسل فمحمول على الذكر، وينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يستثنى حلق رأس الصغيرة يوم سابع ولادتها للتصدق بزنته فإنه يستحب كما صرحوا به في باب العقيقة، واستثنى بعضهم من كراهة الحلق للمرأة صورتين: إحداهما إذا كان برأسها أذى لا يمكن زواله إلا بالحلق، كمعالجة حب ونحوه. الثانية: إذا حلقت رأسها لتخفي كونها امرأة خوفا على نفسها من الزنا ونحو ذلك، ولهذا يباح لها لبس الرجال في هذه الحالة، والخنثى في ذلك كالأنثى. (والحلق) أي إزالة شعر الرأس أو التقصير في حج أو عمرة في وقته (نسك على المشهور) وفي الروضة: الأظهر. فيثاب عليه، لأن الحلق أفضل من التقصير للذكر، والتفضيل إنما يقع في العبادات دون المباحات.
وروى ابن حبان في صحيحه أنه (ص) قال: لكل من حلق رأسه بكل شعرة سقطت نور يوم القيامة، وعلى هذا هو ركن كما سيأتي، وقيل واجب. والثاني: هو استباحة محظور لا ثواب فيه، لأنه محرم في الاحرام فلم يكن نسكا كلبس المخيط. (وأقله) أي إزالة شعر الرأس أو التقصير (ثلاث شعرات) لقوله تعالى: * (محلقين رؤوسكم) *
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532