مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٨٨
القبلة بحيث لا يظهر لها صوت. ولا يسن للمرأة استلام ولا تقبيل ولا قرب من البيت إلا عند خلو المطاف ليلا أو نهارا، وإن خصه في الكفاية بالليل. والخنثى كالمرأة. (ويضع) بعد ذلك (جبهته عليه) للاتباع، رواه البيهقي. ويسن أن يكون التقبيل والسجود ثلاثا كما في المجموع عن الأصحاب، وهذا الحكم إنما هو للركن حتى لو نحي الحجر أو وضع في موضع آخر من الكعبة استلم الركن الذي كان فيه وقبله وسجد عليه، حكاه في المجموع عن الدارمي وسكت عليه. (فإن عجز) عن تقبيله ووضع جبهته عليه لزحمة مثلا، (استلم) بيده، لما روى الشافعي وأحمد عن عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة وإلا فهلل وكبر.
وقال في البويطي: ولو كان الزحام كثيرا مضى وكبر ولم يستلم. قال في المجموع: كذا أطلقوه. وقال البندنيجي: قال الشافعي في الام: إلا في أول الطواف وآخره، واجب له الاستلام ولو بالزحام. وهذا مع توقي التأذي والإيذاء كما أفهمه كلام الأسنوي، وهو ظاهر، فإن عجز عن استلامه بيده استلمه بنحو عصا، ثم يقبل ما استلمه به من يد أو نحو العصا لخبر الصحيحين: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، ولما روى مسلم عن نافع قال: رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم يقبل يده ويقول: ما تركته منذ رأيت رسول الله (ص) يفعله مع أن ظاهره مع أخبار أخر أنه يقبل يده بعد استلام الحجر بها مع تقبيل الحجر إذا لم يتعذر، وبه صرح ابن الصلاح في منسكه، وهو قضية اطلاق الشافعي وجماعة، لكن خصه الشيخان، ومختصر كلامهما يتعذر تقبيله كما تقرر، ونقله في المجموع عن الأصحاب. (فإن عجز) عن استلامه بيده أو غيرها، (أشار) إليه (بيده) أو بشئ فيها كما صرح به في المجموع. وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: طاف النبي (ص) على بعير له كلما أتى الركن أشار إليه بشئ عنده وكبر. ولا يندب أن يشير إلى القبلة بالفم لأنه لم ينقل عنه. واحترز بقوله بيده وإن كان يوهم أنه لا يشير بما فيها مع أنه يشير به كما صرح به في المجموع. واعلم أن الاستلام والإشارة إنما يكونان باليد اليمنى، فإن عجز فباليسرى، قال شيخنا: على الأقرب، كما قاله الزركشي. (ويراعى ذلك) أي الاستلام وما بعده، (في كل طوفة) من الطوفات السبع، لما في سنن أبي داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه (ص) كان لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل طوفة وهو في الأوتار آكد، لحديث: إن الله وتر يحب الوتر ولأنه يصير مستلما في افتتاحه واختتامه وهو أكثر عددا. (ولا يقبل الركنين الشاميين) وهما اللذان عندهما الحجر، بكسر المهملة. (ولا يستلمهما) بيده ولا بشئ فيها، أي لا يسن ذلك لما في الصحيحين عن ابن عمر: أنه (ص) كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني.
(ويستلم) الركن (اليماني) ندبا في كل طوفة للحديث المذكور. (ولا يقبله) لأنه لم ينقل، ولكن يقبل بعد استلامه ما استلمه به، فإن عجز عن استلامه أشار إليه كما نقله ابن عبد السلام خلافا لابن أبي الصيف اليمني، لأنها بدل عنه لترتبها عليها عند العجز في الحجر الأسود فكذا هنا. ومقتضى القياس أنه يقبل ما أشار به، وهو كذلك كما أفتى به شيخي.
والمراد بعدم تقبيل الأركان الثلاثة إنما هو نفي كونه سنة، فلو قبلهن أو غيرهن من البيت لم يكن مكروها ولا خلاف الأولى، بل يكون حسنا كما نقله في الاستقصاء عن نص الشافعي، وقال: وأي البيت قبل فحسن، غير أنا نؤمر بالاتباع.
قال الأسنوي: فتفطن له فإنه أمر مهم.
فائدة: السبب في اختلاف الأركان في هذه الأحكام أن الركن الذي فيه الحجر الأسود فيه فضيلتان: كون الحجر فيه، وكونه على قواعد سيدنا إبراهيم (ص)، واليماني فيه فضيلة واحدة، وهو كونه على قواعد سيدنا إبراهيم.
وأما الشاميان فليس لهما شئ من الفضيلتين. (و) ثالثها: الدعاء المأثور، فيسن (أن يقول أول طوافه) وكذا في كل طوفة كما في المجموع، لكن الأولى آكد: (بسم الله) أطوف، (والله أكبر) واستحب الشيخ أبو حامد رفع
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532